بعد "آدم ونيوتن وأبل".. تفاحة رابعة تزعج العالم
كان العالم حتى 14 سبتمبر/أيلول لا ينشغل إلا بآخر التفاحات التي غيرت وجه الأرض في مؤتمر أبل، وذلك بعد تفاحة آدم الأولى وأخرى لنيوتن التي كشفت عن قوانين الجاذبية الأرضية، إلا أن الصين وتايوان لهما رأي آخر، وتفاحة رابعة.
وعلى أنغام توترات سياسية بين العملاقين "الصين وتايوان"، استيقظ العالم قبل أيام على صراع اقتصادي وحرب تجارية بطلها تفاح الكسترد وتفاح الشمع.
إذ هددت تايوان بتقديم شكوى ضد الصين إلى منظمة التجارة العالمية بسبب قرار الصين فرض حظر على وارداتها من تفاح الكسترد وتفاح الشمع من تايوان.
يذكر أن كلا من تفاح الكسترد وتفاح الشمع هما نوعان من المنتجات الزراعية الشبيهة بالتفاح فقط، في حين أن الأول ينتمي إلى فصيلة التوت والثاني يعرف في مناطق عديدة باسم القشطة الصدفية.
التفاح التايواني
كانت السلطات الصينية قد أعلنت يوم السبت الماضي حظر دخول التفاح القادم من تايوان اعتبارا من اليوم الإثنين بدعوى الخوف من وجود حشرة "البق الدقيقي" في هذه المنتجات.
وبحسب المجلس الزراعي التايواني فإن الصين أبلغت السلطات التايوانية بقرار الحظر أمس الأحد.
من ناحيته قال رئيس وزراء تايوان سو تسينج شانج عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن قرار الصين يفتقد إلى الأساس العلمي وينتهك مبادئ عدم التمييز وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية، مطالبا بكين بالرد على استفسارات تايبيه بشأن القرار بنهاية الشهر الحالي.
وردا على القرار الصيني المفاجئ أعلن المجلس الزراعي التايواني أمس اعتزامه إنفاق مليار دولار تايواني (96ر35 مليون دولار أمريكي) لدعم مبيعات تفاج الكسترد وتفاح الشمع داخليا وخارجيا.
حرب الأناناس
وليس الأناناس التايواني ببعيد عن التفاح حيث حظرت الصين في يونيو/ آذار الماضي، استيراد الأناناس التايواني، مبينة أنها عثرت على آفات في الشحنات.
ولسنوات طويلة حقق المزارعون التايوانيون أرباحا كبيرة من بيع الأناناس للمستهلكين الصينيين، مما أدى إلى توسيع حقولهم.
حتى مع توتر العلاقات عبر المضيق، تجاهلوا التحذيرات بشأن اعتمادهم المفرط على السوق الصينية.
وفى أغسطس 2020، نفذت الصين سياسة التعريفة الصفرية تجاه مجموعة كاملة من الفاكهة التايوانية، بما في ذلك جوز الهند والأناناس والمانجو.
بعد حظر الصين واردات الأناناس التايواني، وبصفتها أكبر شريك تجارى لتايوان، تشترى الصين أكثر من 90% من صادرات مزارعي الأناناس التايوانيين.
وتشتهر تايوان، الجزيرة شبه الاستوائية بزارعة فواكه مزدهرة تم تطويرها عندما كانت مستعمرة يابانية.
ويؤكد مجلس الزراعة التايوانى أن جميع أنواع الأناناس المصدرة من تايوان إلى الصين اجتازت ضوابط السلامة.
وانتقدت حكومة تايوان إشعار بكين المفاجئ ووصفه بأنه "ترهيب اقتصادي"، على غرار الحظر المفروض على النبيذ الأسترالي العام الماضي.
فيما نفت الصين اتهامات تايوان بأن حظر الأناناس من الجزيرة يتعلق بالسياسة، قائلة إن الأمر يتعلق بالأمن البيولوجى فقط، في حرب كلامية متصاعدة زادت من التوترات القائمة.
وأعلنت الصين أن الحظر جاء بسبب "الآفات" التي يمكن أن تأتى مع الفاكهة، مما يهدد الزراعة في البلاد، فيما تقول تايوان بالمقابل إنه لا عيب في أناناسها وإن بكين تستخدم الفاكهة كطريقة أخرى لإكراه الجزيرة.
"حرية الأناناس"
وردًا على الحظر التجاري الصيني، أطلقت الحكومة التايوانية حملة عامة من أجل "حرية الأناناس" التي قوبلت بترحيب ودعم.
وأطلقت رئيسة تايوان "تساى إنج وين" تحدى الأناناس على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف دفع المستهلكين التايوانيين إلى شراء المزيد من الفاكهة وتناولها من أجل الوقوف في وجه الصين.
وكتبت تساي في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "بعد النبيذ الأسترالي، تستهدف الممارسات التجارية الصينية غير العادلة على الأناناس التايواني؛ ولكن هذا لن يوقفنا عن دعم مزارعينا واستمتع بالفاكهة التايوانية اللذيذة!".
وسرعان ما انضم مستخدمو الإنترنت حول العالم لدعم المزارعين التايوانيين، ونشروا صورا لكعكات الأناناس وأطباق أخرى الأناناس إحدى مكوناتها الرئيسية.
موقف أمريكا
واتخذ الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الخطوة الأولى للتصدي للنفوذ الصيني، وفى بيان مشترك، أعلن قادة الديمقراطيات الأربعة في الحوار الأمني الرباعي، أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، دعمهم لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ "التي ترتكز على قيم ديمقراطية ودعم سيادة القانون وحرية الملاحة".
وتدهورت العلاقات بين الصين وتايوان أكثر منذ تسلم تساي إينغ ون، رئاسة تايوان في عام 2016، وتنتمي إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يميل للاستقلال.
على هامش الأزمة
في نهاية مارس الماضي قالت حكومة تايوان، إن الحرب التجارية بين أمريكا والصين، دفعت بكين إلى تكثيف جهودها "لسرقة التكنولوجيا والمواهب من تايوان لتعزيز الاكتفاء الذاتي في صناعة أشباه الموصلات في الصين".
وأعلنت وزيرة الاقتصاد التايوانية وانغ مي-هوا، خلال اجتماع لجنة برلمانية، أن "الحرب التجارية أوجدت مخاطر جديدة"، مشيرة إلى أن "الحرب أعاقت تنمية صناعة أشباه الموصلات في الصين، لكنها ما زالت ملتزمة بتطوير الصناعة.. ومن أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في سلسلة التوريد، يعد اصطياد المواهب الجائر والتسلل أسرع طريقة يقوم بها البر الرئيسي للصين للقيام بذلك".
أضافت أن عمال الرقائق التايوانيين يتمتعون بخبرة عميقة ويتحدثون نفس اللغة، مما يعني أنهم "هدف طبيعي للصين".
وقال هو مو يوان، نائب رئيس مكتب الأمن القومي في تايوان، إن جهود الصين لا تشكل تهديدا لتايوان فحسب، بل على اليابان وكوريا الجنوبية أيضا، مما يهدد التجارة العالمية والمنافسة العادلة، مضيفا أن "الصينيين يسرقون الملكية الفكرية لدول أخرى لتعزيز قوتهم".
لدى تايوان قوانين صارمة لمحاولة منع حدوث ذلك، لكن المسؤولين حذروا الصين من محاولة الالتفاف عليها من خلال إنشاء "شركات واجهة" في الجزيرة، باستخدام الباحثين التايوانيين وأساليب أخرى.
وقال هو مو يوان "إن منع التكنولوجيا الرئيسية والموظفين ذوي التكنولوجيا العالية في تايوان من اختراق" سلسلة التوريد الحمراء "أصبح غاية مهمة لحماية القدرة التنافسية لصناعتنا وضمان أمننا الاقتصادي".
aXA6IDE4LjIxNi4xMDQuMTA2IA== جزيرة ام اند امز