عادل إمام.. "الزعيم" الذي لم يفقد عرش الكوميديا
عادل إمام، الذي كرمه مهرجان قرطاج السينمائي بتونس، انطلق من دور الكومبارس ليتربع على عرشي السينما والمسرح طيلة 40 عاما
استطاع أن يستأثر وحده بلقب "الزعيم" ونجم الكوميديا الأول، وبطل شباك التذاكر لمدة تتجاوز 40 عاماً.
تنوع حضوره بين السينما والمسرح والدراما التلفزيونية حتى استطاع "الحريف" أن يحفر اسمه في وجدان ملايين المشاهدين في الوطن العربي.
يعرفه الجمهور باسم عادل إمام، وتقول عنه بطاقته الشخصية إنه عادل محمد إمام محمد، المولود عام 1940، والذي عاش بحي السيدة زينب أحد أشهر أحياء القاهرة القديمة طفولته وشبابه.
إمام، الذي يكرمه مهرجان قرطاج السينمائي بتونس تقديراً لمشواره الفني وعطائه المتواصل، بدأ حياته بأدوار صغير للغاية لم تتعدَّ الجملة الواحدة، وظل عشقه للفن هو حافزه الأول لينطلق من دور الكومبارس إلى الأدوار المساعدة ثم البطولة، ليظل متربعاً خلالها على عرشي السينما والمسرح تحديداً.
قدمه الفنان الكوميدي الراحل فؤاد المهندس في دور صغير بمسرحية "أنا وهو وهي"، كما ظهر في أدوار صغيرة في كثير من الأفلام خلال تلك الفترة مثل "عفريت مراتي" و"كرامة زوجتي" وغيرها، غير أن الانطلاقة الحقيقية في مشواره الفني جاءت في نهاية حقبة الستينيات عندما شارك نجم الشاشة وقتها أحمد مظهر بطولة فيلم "لصوص لكن ظرفاء"، واستطاع من خلاله أن يلفت الأنظار لموهبة فذة وقدرة حقيقية على انتزاع الضحكات بحركات الجسد وتعبيرات وجهه المتفردة.
تعطلت مسيرة إمام الفنية رغم موهبته المبشرة في الفترة التي تلت نكسة 1967، حتى جاءته الفرصة من خلال بطولة فيلم "البحث عن فضيحة" أمام ميرفت أمين، لينطلق بعدها بسرعة الصاروخ.
نجم الكوميديا الأول، لم تقتصر موهبته على تقديم الأدوار ذات الطابع الكوميدي خلال فترة الثمانينيات التي شهدت علامات فارقة في تاريخه الفني؛ إذ استطاع عبر فيلم "الحريف" عام 1983 أن يجسد أداءً خاصاً مع المخرج محمد خان، ذلك الشاب الذي يعشق كرة القدم ويتميز فيها بشكل كبير تجعله ينغمس مع أحد سماسرة مباريات كرة القدم بالشارع ليحصل على القليل من المال أمام موهبته الفذة.
واستمرت أدوار إمام السينمائية، والتي تنوعت بين الأدوار الدرامية مثل دوره المميز أمام سعاد حسني في فيلم "حب في الزنزانة" و"الغول" و"سلام يا صاحبي" و"الإنس والجن" والكوميديا الصارخة في أفلام مثل "رجل فقد عقله" و"واحدة بواحدة" و"الأفوكاتو" وغيرها.
ظل المسرح خلال تلك الفترة خطاً موازياً للسينما أمام عادل إمام فقدم العديد من الأدوار والبطولات المسرحية والتي استمر عرضها سنوات متتالية، في الوقت الذي عانى فيه المسرح الخاص تراجعاً كبيراً خلال تلك الفترة.
وما يحسب له أن عروض مسرحيات "مدرسة المشاغبين" و"شاهد ماشفش حاجة" و"الواد سيد الشغال" و"الزعيم" و"بودي جارد" استمرت لفترات طويلة تجاوزت 7 سنوات، وهو ما جعله يتفوق على أساتذة المسرح وأبطاله في ذلك.
وتمثل حقبة التسعينيات في تاريخ عادل إمام حقبة مهمة؛ فهي الفترة التي شهدت تراجعا نسبيا في الإنتاج السينمائي، ليطل إمام من خلالها بعشرات الأفلام التي خلدت اسمه بطلاً خلال حقبة عرفت في مصر باسم "حقبة الإرهاب الأسود" نتيجة تصاعد العمليات الإرهابية في مصر، والتي راح ضحيتها العشرات في ذلك الوقت، فقدم إمام أفلام "الإرهاب والكباب" و"الإرهابي" و"طيور الظلام" و"الواد محروس بتاع الوزير"، وغيرها من الأفلام التي لامست ما عاشه الجمهور المصري خلال 10 سنوات.
انتقلت موهبة إمام لمحطة أخرى بفعل مرور السنوات؛ فالشاب الذي كان يراه المشاهد بطلاً في عشرات الأعمال، تحول إلى النضج ولكن بطل أيضاً؛ فهذا المقعد لم يتخلَّ عنه إمام رغم تجاوزه السبعين حتى يومنا هذا، فقدم بعض الأعمال السينمائية مع بدايات الألفية مثل "التجربة الدنماركية" و"عريس من جهة أمنية" و"بوبوس" و"زهايمر"، إذ حقق الأخير نجاحاً كبيراً من خلال أداء دور إمام لأب يحاول أبناؤه إيهامه بإصابته بمرض ألزهايمر للاستيلاء على أمواله، فينقلب السحر على الساحر ويتلاعب بهم الأب في مشاهد كوميدية لا تخلو من خط تراجيدي للأب المصدوم من قسوة أبنائه.
على الشاشة الصغيرة، قدم إمام خلال حقبة الثمانينيات مسلسلين تلفزيونيين هما "أحلام الفتى الطائر"، ثم مسلسله الأشهر "دموع في عيون وقحة"، وهو قصة حقيقة مأخوذة من ملفات المخابرات المصرية لشاب مصري يقضي سنوات من عمره في العمل الوطني خلال سنوات النكسة، وقد حقق المسلسل نجاحاً مدوياً عند عرضه.
ظل إمام مبتعداً عن الدراما التلفزيونية لمدة 29 عاماً حتى عاد من جديد بمسلسل "فرقة ناجي عطا الله" عام 2012، ثم تبعه بمسلسلات "العراف"، "صاحب السعادة"، "أستاذ ورئيس قسم"، "مأمون وشركاه" الذي قدمه رمضان الماضي.
تنوعت أدوار إمام بين الكوميديا والدراما والمسرح والتلفزيون والسينما، ورغم مرور السنوات إلا أنه النجم الوحيد حتى الآن، الذي احتفظ بكرسي البطولة في كل أعماله على اختلافها وليظل مستأثراً بلقب "الزعيم" على مدار أكثر من 4 عقود.