سلطان الجابر: الإمارات جذبت استثمارات عالمية رغم تأثيرات كورونا على الاقتصاد الدولي
الدكتور سلطان الجابر يؤكد وجود مؤشرات لبدء استرداد عافية أسواق النفط الشهرين الماضيين مع بدء دوران عجلة الاقتصاد مجدداً
استعرض الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها تطورات قطاع الطاقة العالمي خلال جلسة حوارية افتراضية مع دانييل يورجن، الخبير الاقتصادي العالمي البارز والفائز بجائزة بوليتزر ونائب رئيس مؤسسة "أي إتش إس ماركيت".
جاء الحوار ضمن فعاليات أسبوع "سيرا" للطاقة الذي استضاف أيضاً كلاً من: أمين الناصر، رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، وبن فان بوردين، الرئيس التنفيذي لشركة "رويال داتش شل"، ومايكل ويرث، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة شيفرون.
وأوضح الجابر خلال الحوار أن "أدنوك" وبفضل توجيهات القيادة الرشيدة، نجحت في المحافظة على تنافسيتها ومرونتها والتعامل مع تحديات ومتغيرات المرحلة الحالية، مؤكدأ أن الشركة تجني ثمار النقلة النوعية التي نفذتها على مدى السنوات الأربع الأخيرة.
- صفقة تاريخية لـ"أدنوك" تعزز مكانتها العالمية.. أرقام وحقائق مذهلة
- "أدنوك" تعلن إضافة شريك صيني جديد في امتيازين بحريين
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة: "لقد أكدت الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم حالياً على الرؤية بعيدة المدى والفكر الاستباقي والنظرة المستقبلية السديدة للقيادة الرشيدة، حيث استطاعت أدنوك بفضل توجيهات ودعم القيادة تنفيذ نقلة نوعية متكاملة وشاملة ساهمت بشكل كبير في الارتقاء بالأداء، وتعزيز المرونة والتنافسية ورفع الكفاءة التشغيلية في كافة عمليات ومراحل قطاع النفط والغاز".
وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها: "ركزنا خلال النقلة النوعية بشكل أساسي على العوامل التي يمكننا التحكم بها مثل خفض التكاليف، وهو توجّهٌ مستمر في أدنوك. وبفضل ذلك، نجحنا في المحافظة على مرونتنا في ظل الظروف الراهنة مع الاستمرار في تحقيق التقدم ضمن أولوياتنا الاستراتيجية".
مخاطر انتشار كوفيد-19
وسلط الدكتور سلطان بن أحمد الجابر الضوء على النجاح الذي حققته أدنوك في الحد من مخاطر انتشار "كوفيد-19" وضمان استمرارية واستدامة أعمالها، وذلك من خلال ثقافتها المؤسسية الراسخة في مجال الصحة والسلامة والبيئة.
وأكد أن صحة وسلامة الكوادر البشرية تبقى على رأس أولويات الشركة، خاصةً أن هذا النهج يتماشى مع الجهود الوطنية المميزة والإجراءات والتدابير الاحترازية التي وضعتها القيادة الرشيدة لضمان صحة وسلامة المجتمع في دولة الإمارات.
وأضاف "أن أحد أهم الأسباب التي أسهمت في النجاح بمواجهة هذه المرحلة الاستثنائية هو إلتزام أدنوك الراسخ بميثاق 100% صحة وسلامة وبيئة، الذي يتماشى مع خطة الاستجابة الشاملة لدولة الإمارات للتعامل مع فيروس "كوفيد - 19"، والتي أعطت الأولوية لصحة وسلامة المجتمع في الدولة وتبني منهجية الفحوص الاستباقية والدورية للتعامل مع الجائحة".
استثمارات عالمية المستوى
وأوضح الجابر أن دولة الإمارات واصلت استقطاب استثمارات عالمية المستوى رغم تأثيرات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي، وذلك بفضل بيئة الأعمال الموثوقة والمستقرة والفرص الاستثمارية التي توفرها البلاد.
وأشار إلى إعلان أدنوك عن صفقة للاستثمار في البنية التحتية بقيمة 76 مليار درهم (20,7 مليار دولار امريكي) في يونيو الماضي، وكذلك مشروع أدنوك المشترك الجديد مع مجموعة وانهوا الصينية لنقل غاز البترول المسال إلى الأسواق التي تحظى بمعدلات نمو مرتفعة.
وأكد الجابر على استمرار العمل على خلق المزيد من الفرص الاستثمارية المجدية والجاذبة للاستثمارات الخارجية، واستعداد أدنوك لإبرام شراكات واستثمارات مشتركة تحقق منافع اقتصادية متبادلة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها: "نحن مستمرون في استراتيجيتنا للاستثمار الذكي التي تركز على زيادة القيمة وتوظيف رأس المال بشكل أكثر كفاءة وفعالية وتعزيز الإدارة الاستباقية لأصولنا".
وأضاف: "نحن نواصل الاستفادة من الفرص المحلية وتنفيذ استثمارات ذكية لتوسعة عملياتنا التشغيلية خاصةً في مجال التكرير والبتروكيماويات بما يسهم في دفع عجلة النمو الصناعي في دولة الإمارات وتعزيز القيمة المحلية المضافة".
وتابع: "من الأمثلة على ذلك المشروع المشترك الذي تم الإعلان عنه مؤخراً مع شركة ’القابضة‘ لخلق منصة استثمارية لتمويل مشاريع استراتيجية في مجمع الرويس للمشتقات البتروكيماوية".
البنية التحتية المتكاملة
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة: "أمامنا فرص كبيرة خصوصاً عند الأخذ بعين الاعتبار البنية التحتية المتكاملة وتوفر المواد الخام عالية الجودة والموقع الجغرافي الاستراتيجي والمتميز لدولة الإمارات، حيث يمكننا الاستفادة من هذه العوامل مجتمعة لتحفيز النمو المستدام".
وأضاف: "نحن مستمرون بالعمل على توفير فرص استثمارية وشراكات مربحة للمستثمرين المستقبليين. وأود هنا أن أوجه دعوة مفتوحة للشركاء الحاليين والجدد لاستكشاف آفاق التعاون وفرص النمو الذكي في مختلف جوانب ومجالات ومراحل الأعمال وسلسلة القيمة في أدنوك".
وفي إجابته عن سؤال حول دوره الجديد وزيراً للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، استعرض الجابر رؤية القيادة الرشيدة لهذه الوزارة الجديدة، موضحاً أنها تهدف للمساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية من خلال تعزيز التنمية الصناعية وتحفيز النمو والتنوع الاقتصادي في الدولة وتعزيز القيمة المحلية المضافة.
وقال: "ستركز الوزارة الجديدة على دعم الصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني وتوسيع القاعدة الصناعية وتعزيز القيمة المحلية المضافة".
وأضاف: "تضع الوزراة على رأس أولوياتها الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة كمُمكّن رئيسي للنمو والتطور خصوصاً مع دخولنا مرحلة العصر الصناعي الرابع وزيادة ترابط القطاع الصناعي مع التقنيات الحديثة مثل تعلم الآلة وإنترنت الأشياء والتشغيل الآلي والرقمنة. ونحن في الوزارة نوجه أيضاً دعوة مفتوحة للمستثمرين وأصحاب المصلحة الراغبين بالشراكة مع دولة الإمارات".
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها إلى أن الأهداف الاستراتيجية للوزارة تتطابق في بعض جوانبها مع الاستراتيجية التي ركزت أدنوك على تنفيذها على مدى السنوات الأربع الماضية، منوهاً إلى أن أدنوك وحسب استراتيجيتها للنمو الذكي المعتمدة من المجلس الأعلى للبترول سيكون لها دور العامل المساعد في دعم توسيع القاعدة الصناعية في الدولة والاستفادة من تكنولوجيا العصر الصناعي الرابع وتعزيز القيمة المحلية المضافة.
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة: "عملنا في أدنوك على المساهمة في تعزيز النمو الصناعي في الدولة من خلال التركيز على قطاع التكرير والبتروكيماويات، والمساهمة في تطوير قطاع الصناعة المحلية من خلال إعطاء الأولوية لخلق وتعزيز القيمة المحلية المضافة في جميع عقودنا ومشاريعنا، إضافة إلى تطبيق التكنولوجيا المتقدمة والتحول الرقمي في مختلف جوانب أعمالنا".
وشدد -خلال الجلسة على الدور المهم للتكنولوجيا الحديثة في تمكين النمو الاقتصادي المستدام في مرحلة ما بعد فيروس "كوفيد - 19"، لافتا إلى أن تجربة دولة الإمارات في التعامل مع تفشي جائحة كورونا أسهمت في تسريع التحول إلى الاقتصاد الرقمي.
الذكاء الاصطناعي
وقال: "تدرك دولة الإمارات الأهمية الكبيرة للتحول إلى الاقتصاد الرقمي، لذلك نحن نعمل على تنفيذ العديد من الاستثمارات وإطلاق المبادرات التي تسهم في بناء اقتصاد المستقبل. وكمثال على ذلك، تم تأسيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تعد أول مؤسسة تعليمية في العالم للدراسات العليا والبحوث العلمية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي ستباشر أول دفعة من طلابها الدراسة في يناير المقبل".
وأضاف "سيكون هناك دور كبير ومهم لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطوير مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك النفط والغاز، ونحن في أدنوك نقوم بدمج أحدث التقنيات في هذا المجال في مختلف جوانب أعمالنا لتعزيز الكفاءة والارتقاء بالأداء".
أسوق النفط
وفي إجابة عن سؤال حول أسواق النفط، أشار إلى وجود مؤشرات لبدء استرداد عافية الأسواق خلال الشهرين الماضيين، وذلك مع بدء دوران عجلة الاقتصاد مجدداً في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، وكذلك الدور الذي لعبته أوبك في تعزيز الثقة بالأسواق. ونوه إلى ضرورة استمرار شركات النفط والغاز بمتابعة تطورات الأسواق والتحلي بالمرونة مع استمرار القطاع بالتكيف مع تغيرات الاقتصاد الكلي في المرحلة الحالية.
وتطرقت الجلسة إلى مجموعة واسعة من المواضيع المهمة التي شملت التحول في قطاع الطاقة، حيث أشار الدكتور سلطان بن أحمد الجابر إلى أن دولة أن الإمارات كانت ومازالت تدعم مزيجا متنوعا من الطاقة وتدرك الجدوى الاقتصادية للاستثمار في مختلف أشكال الطاقة.
وقال: "كانت الإمارات من أوائل الدول على مستوى المنطقة التي تدعو لاستخدام تكنولوجيا الطاقة المتقدمة والاستثمار فيها، حيث تمتلك الدولة اثنين من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم .. مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية في دبي، ونور أبوظبي. كما أعلنت دولة الإمارات مؤخراً عن خطط لبناء أكبر مجمع في العالم للطاقة الشمسية في أبوظبي ينتج 2 جيجاوات من الطاقة النظيفة".
وأضاف: "فيما تمضي دولة الإمارات قدماً في تنفيذ خططها التي تهدف للتوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة، تواصل أيضاً الاستثمار في الإنتاج المسؤول للنفط والغاز اللذين سيبقيان مصدراً لأكثر من نصف الطاقة التي يحتاجها العالم حتى في ظل أسرع سيناريوهات التحول نحو مصادر جديدة للطاقة".
وأكد الجابر "أن أكبر التحديات التي تواجه العالم تتمثل في كيفية إنتاج المزيد من الطاقة بأقل مستوى من الانبعاثات الضارة وهذا يصب في صالح أدنوك كونها من بين المنتجين الأقل تكلفة والأقل كثافة في مستويات انبعاثات الكربون في العالم، مما يمنحها ميزة تنافسية استراتيجية بين شركات الطاقة العالمية".
الجدير بالذكر أن الدكتور دانييل يورغن الذي أجرى الحوار مع الدكتور سلطان بن أحمد الجابر هو مؤلف أمريكي، وخبير في مجال الطاقة، ومؤرخ اقتصادي يعمل نائب رئيس شركة "أي إتش إس ماركيت"، وهي شركة أبحاث ومعلومات تضم أكثر من 5000 محلل، وعلماء بيانات، وخبراء ماليين، ومتخصصين في عدة قطاعات.