هتلر وكرة القدم.. تاريخ معقد ونادٍ بألوان زرقاء
كثيرا ما تحدث الناس عن علاقة الجنرال الإسباني فرانكو بنادي ريال مدريد، لكن لا يتحدثون عن أدولف هتلر وعلاقته بكرة القدم.
بصفة عامة، يشغل ملف هتلر وكرة القدم الكثير من المؤرخين منذ عقود، وكان محل بحث متواصل، خاصة في ظل ضياع الكثير من وثائق وسجلات العصر النازي (1933-1945)، إثر الدمار الكبير الذي لحق بألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
علاقة هتلر مع كرة القدم
وفي هذا الإطار، مثل كتاب "مهاجم لهتلر.. العلاقة بين كرة القدم والاشتراكية الوطنية" المكون من 303 صفحات والصادر في 1 يوليو/تموز 1999، أحد أهم المراجع التاريخية عن علاقة الزعيم النازي باللعبة الأكثر شعبية في العالم.
ووفق الكتاب، فإن شغف النازيين الأكبر كان برياضات سباق السيارات والملاكمة والطيران الشراعي، لكن نظام هتلر منح كرة القدم مكانة خاصة، من أجل الاستفادة من الأهمية الاجتماعية الكبيرة لهذه اللعبة بين الألمان، ودورها في صرف المواطنين عن الواقع السياسي الصعب في هذه الفترة.
حتى أن وزير الدعاية النازي جوزيف جوبلز قال في خطاب أمام 100 ألف متفرج بعد خسارة المنتخب الألماني أمام السويد في سبتمبر/أيلول 1942: "الفوز في مباراة كرة القدم أكثر أهمية للناس من الاستيلاء على أي مدينة في الشرق".
لكن علاقة هتلر ونظامه بكرة القدم كانت معقدة، ويمكن وصفها بالكارثية، حيث أنه في 7 أغسطس/آب 1936، حضر الزعيم النازي وجوبلز وكل أركان الحكومة، مباراة المنتخب الألماني ضد النرويج في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في برلين.
هتلر بدا متحمسا للغاية في المباراة التي تابعها بشغف كبير، وكان ينتظر نصرا قوميا يثبت تفوق العرق الألماني، وفق ما رواه جوبلز في مذكراته، لكن الأمر لم يسر كما أراد الزعيم النازي، وخسر منتخب بلاده المواجهة بنتيجة 0-2، وتحول الحلم إلى كارثة وحزن في كل البلاد.
وفي تصريحات سابقة، قال عالم الاجتماع الرياضي الألماني، هانز يواخيم تيشلر: "هتلر حاول استغلال كرة القدم سياسيا، لكنه كان دائما غير محظوظ بهذه اللعبة".
فريق هتلر المفضل
ورغم قلة المصادر والوقائع التاريخية التي تتناول شغف هتلر بكرة القدم والفريق الذي شجعه، إلا أن الفرضية الأرجح هي أن الزعيم النازي كان محبا ومشجعا لنادي شالكه العريق صاحب الألوان الزرقاء الزاهية.
ووفق كتاب "مهاجم لهتلر.. العلاقة بين كرة القدم والاشتراكية الوطنية"، فإن نادي شالكه تعرض لغزو كبير من الشخصيات النازية، وكان مجلس إدارته من أتباع النظام، بل كان النادي الأكثر نجاحا في عصر هتلر، إذ حقق 6 ألقاب محلية من أصل 7 نظمت في الفترة بين 1934 و1942.
ووفق دراسة للمؤرخ هاينز ييورجن برياموس، نشرت في 2005، فإن شالكه كان أول نادٍ في الدوري الألماني، يخضع تاريخه في فترة الحكم النازي، لعملية تدقيق.
وذكرت الدراسة أن عملية التدقيق والمراجعة أثبتت وجود الكثير من أتباع النظام النازي والانتهازيين الذين لم يكن لديهم أي مشكلة في التودد للحكومة، في النادي.
الدراسة أضافت: "كما استغل النظام النازي نجاحات شالكه كثيرا في الدعاية، وكان هتلر نفسه يحب أن يظهر في الصور بجانب اللاعبين والمسؤولين في النادي".
لكن لم يصدر الزعيم النازي أي أوامر حكومية أو شفوية لحكومته بجعل شالكه بطلا خلال الفترة بين 1933 و1945، كما لم يحظى نجوم فريق شالكه بأي نوع من أنواع الحماية أو الامتيازات عند تجنيدهم في الجيش، وفق الدراسة ذاتها.
ورغم أن الدراسة برأت شالكه من تهم البطولات المجهزة مسبقا، لكن الأمر مختلف بالنسبة للاعبيه ومسؤوليه، حيث لم ينالوا البراءة من علاقتهم الوثيقة بالنظام النازي وهتلر، وقالت في هذه النقطة: "لم يكن شالكه الشر المطلق ولا الطرف النظيف بشكل مطلق".
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز