طالبان في اختبار الحكم.. رحى الأزمات تطحن أفغانستان
فقر وجوع وبؤس وصراعات تغرق فيها أفغانستان منذ سقوطها بقبضة طالبان، ما يرفع سقف تحديات تتجدد وتخنق الحركة والأفغان.
مئات الآلاف من الأفغان هربوا، فيما يحاول المزيد الفرار من البلاد عقب سقوطها بقبضة طالبان وتفكك النظام والقانون، في وقت لا تحظى فيه أفغانستان بأصدقاء في المجتمع الدولي، وليس لدى الحركة التي تمزقها خلافات الفصائل، أي شركاء دبلوماسيين.
وتحدثت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مع رحمة الله نبيل، الرئيس السابق لمديرية الأمن الوطني، وهي وكالة المخابرات الأفغانية المركزية، عن التحديات التي تواجه البلاد.
وترك نبيل حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني عام 2015، غير راض عن سياساته الخلافية والتسامح مع الفساد، لكنه يواصل متابعة شؤون أفغانستان والمنطقة.
وتحدث مدير الأمن الوطني السابق عن التحديات التي تواجه طالبان، والمقاومة والمتنامية، ومحاسبة المسؤولين السابقين الذين قال إنهم نهبوا البلاد ويعيشون بالخارج الآن.
سوء تقدير
وعند سؤاله بشأن الوضع الأمني الراهن في أفغانستان، أعرب نبيل عن اعتقاده بوجود سوء تقدير لدى طالبان، مشيرًا إلى أنه في عام 1996، كان الناس يستقبلونهم بالورود لأنهم سئموا تماما من الصراع بين أمراء الحرب، لكن "الوضع مختلف تماما الآن".
وقال نبيل: "التوقعات مترفعة، والجيل تغير، وعلى الأقل كان هناك نظام، سواء كان فاسدا أو به احتكار للسلطة، كان هناك نظام. أكثر من 65% من الأفغان تتراوح أعمارهم من 30 عاما أو أقل ولم يعيشوا بعهد طالبان".
وأضاف: "وقتها، كان الملا (محمد) عمر يتمتع بكاريزما كزعيم طالبان، لكن لا أحد يعلم كيف يفكر (زعيم طالبان) الملا هيبة الله (أخندزاده)، وكيف يفكر (رئيس الوزراء) الملا حسن (أخند)، وكيف يفكر (وزير الداخلية) سراج حقاني".
وأشار إلى أن الوضع الأمني يتدهور في مناطق بعينها، لافتا إلى أن ننجرهار تشهد يوميا حوادث قطع رؤوس، وأن الفقر يتسبب في الإخلال بالنظام والقانون.
وحذر نبيل من أن "الوضع الأمني سيزداد سوءا خلال الشتاء، لكن سيمثل الربيع تحديا كبيرا للأفغان، وطالبان، حيث إن الوضع الاقتصادي سيئ والصراعات الداخلية تزداد سوءا".
تحديات
أما بالنسبة للتحديات التي ستواجهها طالبان، رأى نبيل أنه حال إقرار بعض التغييرات، وضموا الأفغان المتعلمين والتكنوقراط أو النساء في نظامهم، "فسيخسرون دعم جنودهم الذين غسلوا أدمغتهم على مدار عشرين عاما".
وأشار إلى أنهم "إذا استسلموا لضغط المجتمع الدولي، فسيفقدون محركهم بالحرب، ويخشون أن ينضم جيل الشباب المتطرف من مقاتليهم إلى داعش-خراسان (الفرع الأفغاني للتنظيم)، الذي لديه أجندة إقليمية".
ووفق نبيل، فإنه إذا فقدت طالبان دعم السكان بسبب عدم قدرتهم على تخفيف وطأة الفقر أو التعامل مع الوضع الاقتصادي، فسيكون لذلك تأثير على شرعيتهم بجميع أنحاء المنطقة.
وأوضح أن إيران كانت تعتقد في البداية أنها ستتمكن من العمل مع طالبان بمجرد خروج الولايات المتحدة من المنطقة، متابعا: "يريدون بناء علاقة مع طالبان لأن واشنطن لا تسيطر عليها، وبالتالي يمكنهم تقليل ضغط العقوبات (الأمريكية) من خلال التجارة عبر أفغانستان. الآن، يرون احتكار السلطة في أيدي جماعة صغيرة -لا شيعة ولا هزارة- وبالتالي يقلقون بشأن مصالحهم الاستراتيجية".
ولفت إلى أن الروس يلعبون لعبة مزدوجة، حيث يجربون نهجي القوة الناعمة والصلبة، من خلال أوزباكستان التي يمكنها مساعدتهم في المشروعات الكبرى، وطاجيكستان حيث يسمحون للمعارضة بالبقاء حال احتاجوا إليها في المستقبل.
أما داخل طالبان، فيقول نبيل إن "شبكة حقاني سيطرت على كابول، ويحول سراج حقاني وزارة الداخلية إلى (وزارة عليا) التي يريد من خلالها السيطرة على الحدود والمطارات وجوازات السفر، ورؤساء الشرطة".
ولفت إلى وجود تحديات مختلفة: دولية وإقليمية وداخلية، وانهيار اقتصادي ومقاومة النساء، ومقاومة الجيل الجديد، مؤكدا أن "أفغانستان تغيرت وحتى الآن، يبدو أن طالبان لم تتغير".