عمرها 3 أعوام.. مأساة أفغانستان تتجسد في رضيعة
تبلغ كاميلا من العمر حوالي ثلاثة أعوام، لكنها تزن خمسة كيلوجرامات فقط. ويغطي جلدها المتجعد هيكلها العظمي وبطنها المنتفخ.
وقالت جدتها بلقيس إن كاميلا تعاني من سوء تغذية منذ ثمانية أشهر وحتى الآن، بينما تحاول تهدئتها داخل عنبر مستشفى يتكدس فيه أطفال هزيلو البنية آخرون في قندهار، جنوب أفغانستان، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ومن شدة ضعفها وعدم قدرتها على البكاء، تفرك الصغيرة أذنيها ألما.
وأضافت جدتها: "والدتها مريضة ونحن فقراء. حاولت إرضاعها لكن ليس لديها حليب."
عائلة كاميلا هي واحدة من بين ملايين الأفغان الذين يعانون للنجاة من النقص الحاد في الغذاء خلال الشتاء القارس والانهيار الاقتصادي. وتناشد الجماعات الحقوقية من أجل تقديم مزيد من المساعدات الأجنبية، دافعة بأن المجموعات المعرضة للخطر –النساء والأطفال– يعانون.
وخلال بيان إلى "سي إن إن"، أقرت طالبان بـ"المشاكل الاقتصادية" التي تعاني منها البلاد، لكن نفت نفيا قاطعا وجود أزمة، واصفة مثل تلك الادعاءات بـ"الواهية".
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد: "لا أحد سيجوع لأنه لا توجد مجاعة والمدن ممتلئة بالطعام"، مما يتعارض مع صور الأطفال الجوعى.
وحتى قبل سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب، كان الفقر وانعدام الأمن الغذائي منتشران على نطاق واسع بسبب تعاقب موجات الجفاف، والتدهور الاقتصادي، والصراع الذي طال أمده والجائحة.
لكن بعد ثلاثة أشهر من سيطرة الحركة على البلاد، تفاقمت الأزمة بسرعة؛ حيث تم تجميد أموال المساعدات الخارجية البالغة مليارات الدولارات، مما حرم البلاد من الأموال التي كانت تدعم الاقتصاد، والخدمات الأساسية، وموظفي الإغاثة.
ومع حلول الشتاء، يواجه حوالي 23 مليون نسمة – أكثر من نصف السكان – مستويات خطيرة من الجوع، بحسب الأمم المتحدة. وما لا يقل عن مليون طفل دون خمسة أعوام معرضين لخطر الموت جوعا.
وأشارت "سي إن إن" إلى أن الأوضاع سيئة للغاية لدرجة أن بعض المستشفيات، التي تملك المال لشراء الوقود، لجأت لقطع الأشجار لتدفئة غرف المرضى، وحذرت مجموعات الإغاثة من تفاقم الوضع إذ لم يتحرك المجتمع الدولي الآن.
عائلات يائسة تبيع كل شيء
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن الأحوال الجوية التي لا ترحم فاقمت حالة نقص الغذاء.
ويعتمد الغالبية العظمى من الأفغان على الزراعة لسبل كسب العيش، لكن فقدت البلاد 40% من محاصيلها هذا العام بسبب الجفاف، بحسب برنامج الأغذية العالمي. ومع تراجع إمدادات الغذاء، زادت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والخبز ارتفاعا كبيرًا.
وقال مسافر، صاحب متجر: "لدينا ماء وخبز فقط، أحيانا نجد ما نأكله وأحيانا لا."
وفي وقت سابق من هذا الشهر، في وقت سابق من هذا الشهر، اصطحب ابنته إلى مستشفى ولاية غور.
تبلغ راضية من العمر ثلاثة أعوام، لكن يمكن رؤية أضلاعها وعمودها الفقري واضحين بشكل مرعب عندما تدس وجهها في حجر والدتها، إنها ثالث زيارة لها إلى المستشفى خلال ثمانية أشهر فقط، ولا تتحسن حالتها.
وقال مسافر: "لا يوجد عمل، لا دخل، لا طعام لأشتريه لها. أستاء في كل مرة أراها."
من جانبه، وصف ممثل منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في أفغانستان، ريتشارد ترينشارد، الوضع بـ"الكارثي" خلال بيان في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال: "كل مزارع تحدثت معه خسر كل محاصيله تقريبا هذا العام، واضطر معظمهم لبيع ماشيتهم، وتراكمت عليهم ديون ضخمة، وببساطة ليس لديهم المال."
وقبل سيطرة طالبان على البلاد، كان الفقر منتشرًا في عدة مناطق ريفية من البلاد، لكن الآن غرق سكان المدن وأبناء الطبقة المتوسطة في اليأس.
وفي مخيمات النازحين داخليا، لجأ بعض من أفقر العائلات الذين لم يتبق لديهم شيئ ليبيعوه لعرض بناتهم الأطفال للزواج؛ حيث إنها – كما قال عدة آباء لـ"سي إن إن"، الطريقة الوحيدة لإبقاء الأطفال الآخرين على قيد الحياة.
وخلال بيان إلى "سي إن إن"، قال المتحدث باسم طالبان إن الأفغان يحتاجون الغذاء والإمدادات الطبية بشكل عاجل، لافتا إلى أن الحركة "تحاول زيادة هذه المساعدات" وتوزيعها على الناس، إلى جانب المنظمات الإنسانية.