تواجه أفغانستان هذا الشتاء واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وحذرت الأمم المتحدة من مجاعة خطيرة مقبلة على البلاد.
المملكة العربية السعودية سيّرت جسرا جويا وبريا للمساعدة ودعت لاجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تسعى لرفع المعاناة عن الأفغان، وإنشاء صندوق للمساعدة في إنهاء الأزمة، وقال وزير الخارجية السعودي: "على الأفغان أنفسهم الإسهام في إنهاء مأساتهم".
ويُنظر لهذه التقلبات السياسية والاقتصادية في أفغانستان على أنها وثيقة الصلة بتمكين "طالبان" وتأسيس حقبة جديدة أضعفت الثقة لدى الشعب الأفغاني بحياة آمنة أو مستقبل سياسي مقبول، وما حدث أسوأ موقف سياسي انعكس سلبا على الدولة والشعب بتركه يصارع غايات السيطرة والتدمير، وكل ذلك يضعنا في مفهوم التاريخ أمام رهانات كبرى.. لا بد من فهم الوقائع بفكر نسبي يحررنا من تغير مسارات الفعل التاريخي الذي عقد ملامح الفاعل.
فهل نحتاج إلى أمر استثنائي ليكون النقد موضوعيا؟
لا شك أن الحقبة الحاضرة حقبة مختلفة وأهدافها غير منطقية، لذلك لا نستطيع قول الكثير سوى كلمات معبرة عن وضع مأساوي تقبّله العالم بكل المفارقات والغرابة، فهل هي سياسة عالمية تنظم الحروب الداخلية لكي تحدث أسوأ حصيلة لإبادة جماعية، أم هي سياسة مطلوبة لزعزعة استقرار دول أخرى بجوار أفغانستان؟، والواقع أوجب انتقالا ضروريا، أي محتوما لا مفر منه، للعيش في كنف مجموعة منظمة أكثر خطراً وخوفاً ليظل هذا الانفعال يضعف قوة الكائن من العيش في حالة طبيعية، حتى يجري غالباً ما يصعب ترميمه أو تغييره.
بينما كانت الأحداث الأخيرة على أرض أفغانستان انزلق الشعب إلى الهوة وبات أمام مصير مجهول، وشاهد العالم هروب وذعر الشعب وتعلقه في الهواء بالطائرات الأمريكية، وما دفعهم هو الخوف والانشقاق والنزاع والحرب، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية ومجاعة قد تقتل مليون طفل مع موجة جفاف غير مسبوقة.
بيد أنه لا يتحقق الانتقال من طور العجز إلى طور الحياة الطبيعية إلا في كنف الدولة، فالمجاعة التي تهدد تسعة ملايين نسمة تقريباً وانعكاسها القاتل والخطر يحتم على الشعب اللجوء لدول الجوار وانفلات الأمن بعودة التنظيمات الإرهابية لتكون البلاد قاعدة لها، وهذا تهديد لدول آسيا الوسطى ودول الشرق الأوسط، لأن الفقر والمجاعة بيئة خصبة لتكون التنظيمات الإرهابية قادرة على إيجاد بيئة حاضنة لها وضم الفقراء، ولكن هناك تنسيق مشترك لعدم تحول أفغانستان إلى بؤرة للإرهاب.
لذا، يعقد ممثلو 57 دولة إسلامية في العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، اجتماعا استثنائيا مخصصا للأزمة الإنسانية في أفغانستان، ويعد هذا الاجتماع لدول منظمة التعاون الإسلامي أول مؤتمر كبير بشأن أفغانستان منذ سقوط الحكومة السابقة في أغسطس، ويُتوقع تقديم مساعدات، حسبما ذكرت وسائل إعلام عربية وغربية، وصرح وزير خارجية باكستان بأن "تدهور الأوضاع في أفغانستان سيؤثر في الدول الأخرى ومساعدتها يجب أن تكون مسؤولية جماعية".
والمملكة دعت لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان، وسيُعقد الاجتماع بمشاركة سبعين وفدا، وسيكون وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، من بين ممثلي الدول الذين سيحضرون إلى مقر البرلمان الباكستاني، إلى جانب ممثلي الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، فالمطلوب هو التغيير التدريجي والدعوة إلى إصلاح المؤسسات المتزعزعة والعودة بالدولة إلى وضع آمن ومستقر.
وعلى هذا الأساس، فإن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي آت بعد أن جمّد المجتمع الدولي مليارات الدولارات من المساعدات والأصول، وعلى هذا، فإذا رُمنا اقتفاء خطوات عودة "طالبان" إلى السلطة، نجد الكثير من الصعاب، وكل ذلك يهدد بأزمة إنسانية كبيرة مع اقتراب فصل الشتاء في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة، فترك مجال للبدائل والحلول قد يجنب الدولة فوضى داخلية أكثر خسائر.
نقلا عن الجزيرة السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة