لا يخفى على أحد أن الإرهاب ينتشر بكثافة في غرب أفريقيا.
ويتكيّف الإرهابيون مع كل الظروف التي تطرأ، لذا تبقى الطريقة الوحيدة لمكافحة الإرهاب هي استباق مخططاتهم بتدابير مضادة.
وحتى الآن، كانت بعض المناطق الحدودية لغرب أفريقيا بمثابة ملجأ لعناصر تنظيمَي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين للاختباء بعد ارتكاب أعمالهم الإجرامية في البلدان المجاورة، كما اتخذ عناصر التنظيمَين هذه المناطق مصدرا للتمويل الذاتي من خلال استخراج الذهب والأحجار الكريمة، وهو نشاط رائج جداً في تلك المناطق.
وفي عام 2017، شهدت العاصمة الغانية توقيع "مبادرة أكرا" بين توجو وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغانا -انضمت لها لاحقاً دول أخرى- وذلك استجابة إلى خطر انعدام الأمن وغول الإرهاب المتزايد وتأمين المناطق الحدودية المشتركة بين أربعة بلدان بغرب القارة.
ونفّذت مبادرة "أكرا" حتى الآن ثلاث عمليات لمكافحة الإرهاب في مايو/أيار 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019. أما في العام الجاري، ففي الفترة الممتدة بين 21 و27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شارك نحو 6000 جندي في عملية "كودانلغو" الرابعة.
وكانت نتيجة هذه العملية هي اعتقال 386 إرهابياً، بينهم عدد من المطلوبين من قبل المخابرات بالمنطقة، ومصادرة أسلحة وذخائر ومتفجرات وسيارات.
وفي بوركينا فاسو، دُمِّرت خمس قواعد إرهابية وقتل خلال الاشتباكات نحو ثلاثين إرهابيا. ودمّرت قوات الأمن حقول المخدرات وفكّكت عبوات ناسفة.
وبعد ذلك بأيام قليلة، قتل الإرهابيون 57 شخصاً في إيناتا ببوركينا فاسو، بينهم 53 من رجال الشرطة. حدث ذلك يوم الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونفّذت القوات البوركينية في يونيو الماضي عملية "تانلي" بالاشتراك مع النيجر، والتي تم خلالها تحييد مائة إرهابي.
ونُفّذت المرحلة الثانية من عملية "تانلي" في الفترة من 25 نوفمبر/تشيرن الثاني الماضي إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وأسفرت عن تحييد أكثر من مائة إرهابي، واعتقال عشرات المشتبه بهم واستعادة بنادق هجومية ومدافع رشاشة.
وفي كوت ديفوار، نفّذت السلطات الأمنية عملية "كومي" في شمال البلاد في مايو/أيار 2020، والتي حققت نتائج مهمة.. وبعد توقف عمليات مكافحة الإرهاب أعاد الإرهابيون احتلال المناطق ذاتها.
وفي سبتمبر/أيلول من هذا العام، اعتقل الأمن الوطني في غانا 33 مشتبهاً بصلتهم بمنظمات إرهابية في بوركينا فاسو ومالي.. ستة منهم تم إيداعهم السجن.
بالتوازي مع هذه العمليات، تتم مراقبة نشاط تعدين الذهب الحرفي، والذي يُستخدم لتمويل الإرهابيين، كما يتم باستمرار تدمير الملاجئ الخفية في المناطق الحدودية التي تُستخدم كمأوى لهم.
لا شك في أن عملية "كودانلغو" كانت مفيدة للغاية، وكذلك العمليات الأخرى التي نُفذت في إطارها.. ويجب تكرار هذا النوع من العمليات التي تنفذها بعض دول غرب أفريقيا، لا سيما بعد اتضاح فعاليتها في مكافحة الإرهاب، فإذا نجحت استرتيجية معينة وجب تكرارها في أثناء حربنا الطويلة مع الإرهاب.
إن تعاون القوات المحلية وتبادل المعلومات الاستخبارية والحصول على المعلومات من السكان المحليين أمر ضروري.
وإذا انتظرنا قيام الإرهابيين بمهاجمة قواعدنا العسكرية أو قوات الشرطة والاستيلاء على الأسلحة والذخيرة والمركبات، فسوف نخسر المعركة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة