كل ما تريد معرفته عن مواصفات النفق المغمور في العراق.. الأول من نوعه
أعلنت الشركة العامة لموانئ العراق عن اكتمال إنزال القطعة العاشرة من النفق المغمور، وهو المشروع الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط الذي يربط ميناء الفاو الكبير بالطريق الدولي.
ويمثل النفق المغمور في محافظة البصرة في العراق حجر الزاوية في رؤية الدولة الهادفة لتحويل البلاد إلى مركز لوجستي عالمي، حيث يمتد هذا المرفق الهندسي تحت قاع خور الزبير ليربط شبه جزيرة الفاو بناحية أم قصر، وقد شهد يوم السبت 20 ديسمبر/ كانون الأول 2025 دخول المشروع مرحلته الحاسمة بافتتاح المسار بعد وصول الطول الكلي للأجزاء المنجزة إلى 2192 مترا، مع استمرار العمل بإنهاء القطعتين الثامنة والتاسعة اللتين تشكلان القفل النهائي للهيكل الخرساني.
وتبرز الأهمية الاستراتيجية لهذا النفق في كونه جزء رئيسي من "طريق التنمية" العملاق الذي يسعى لتأسيس ممر بري وسككي يربط الخليج العربي بالحدود التركية، مما يعزز من كفاءة نقل البضائع والخدمات اللوجستية.
وحسب وسائل إعلام محلية قال مدير عام الشركة فرحان الفرطوسي أن تنفيذ العمل جرى وفق تقنيات عالمية متقدمة وتحت إشراف استشاري إيطالي متخصص لضمان التماسك الإنشائي الكامل ومواجهة التحديات البيئية والمائية في المنطقة.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا الربط المباشر إلى اختصار المسافات والزمن بشكل ملموس، مما يسهم في تنويع موارد الاقتصاد الوطني وخلق آلاف فرص العمل الجديدة في المدن الواقعة على مسار الطريق الدولي، ليصبح العراق جسر بري حيوي يربط القارة الآسيوية بالأسواق الأوروبية عبر بوابة ميناء الفاو الكبير، وهو ما جذب اهتمام إقليمي واسع من دول الجوار والمنطقة التي ترى في هذا المشروع ركيزة أساسية لاستقرار سلاسل الإمداد العالمية وتطوير البنية التحتية للنقل العابر للحدود.
تفاصيل مشروع النفق المغمور في العراق
يقع النفق المغمور في أقصى جنوب العراق وتحديدا في محافظة البصرة، حيث يمتد في مسار هندسي دقيق تحت قاع قناة خور الزبير المائية.
وتكمن أهمية هذا الموقع في كونه يشكل حلقة الوصل المباشرة التي تربط بين شبه جزيرة الفاو، حيث يقع مشروع الميناء الكبير شرق، وبين ناحية أم قصر جهة الغرب، مما يضمن تدفق بري مستمر نحو الطريق السريع الدولي المؤدي إلى الأردن وتركيا، ويجعل من الميناء نقطة انطلاق عالمية مرتبطة بشبكات النقل العابرة للحدود.
المواصفات الهندسية لمشروع النفق المغمور في العراق
يتميز النفق المغمور في العراق بأبعاد هندسية استثنائية، حيث يبلغ طوله الإجمالي مع الطرق المؤدية إليه 2444 مترا، بينما يصل طول الجزء المغمور فعليا تحت مياه خور الزبير إلى 1266 مترا وبعرض 80 متراً.، وقد اعتمدت الشركات المنفذة تقنية القطع المغمورة، وهي وسيلة متطورة تشمل تصنيع قطع خرسانية ضخمة تزن الواحدة منها حوالي 45 ألف طن على اليابسة، ثم سحبها وتغطيسها في خندق بحري يتجاوز عمقه 30 مترا، مع ضمان وجود علو صافٍ يبلغ 18 مترا فوق سطح النفق لتأمين حركة الملاحة السفن التجارية بأمان تام.
أهمية مشروع النفق المغمور في العراق
يمثل إنجاز النفق قفزة نوعية للعراق على عدة مستويات:
اختصار الزمن والمسافة: يحول الرحلة بين طرفي النفق من مسار دائري يبلغ ٢٠٠ كيلومتر ويستغرق ساعتين، إلى مسار مباشر طوله ٦٢ كيلومتراً فقط، بما في ذلك العبور عبر النفق الذي لا يستغرق سوى ٣٥ دقيقة.
دفع عجلة الاقتصاد: يُعتبر شريان حيوي لميناء الفاو الكبير، مما يسهل ويُسرع نقل البضائع من السفن العملاقة إلى الأسواق العراقية والدولية، ومن المتوقع أن يساهم "طريق التنمية" ككل في خلق نحو ١٥٠ ألف فرصة عمل، وتنمية المدن الواقعة على مساره، وتنويع الاقتصاد العراقي بعيدا عن الاعتماد شبه الكلي على النفط.
موقع جيوسياسي: يهدف المشروع إلى وضع العراق في خريطة التجارة العالمية كجسر بري يربط بين آسيا وأوروبا عبر موانئ الخليج، مما يجعله منافس محتمل لبعض المسارات التجارية التقليدية، وقد جذب هذا الطموح اهتمام ودعم دول إقليمية مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا وقطر.

