"مانيكان" الأزياء بأفغانستان.. رؤوس تماثيل تطلبها "طالبان"
قرارات جديدة تعيد لذاكرة الأفغان حقبة سابقة من حكم طالبان وتمنح انطباعات مخيفة بشأن حركة تكابد من أجل إظهار وجه معتدل أمام المجتمع الدولي.
الحركة التي تتولى السلطة في أفغانستان أمرت بقطع رؤوس التماثيل العارضة للأزياء (المانيكان) في متاجر الملابس الأفغانية، بدعوى أن هذه الدمى "تنتهك القواعد الإسلامية".
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، فقد طبقت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان هذه الأوامر الجديدة بالمتاجر الموجودة في مقاطعة هرات الغربية، حيث أظهر مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي قطع رأس هذه التماثيل بآلة المنشار.
"أصنام"
ففي تلك المقاطعة، تداول عدد كبير من الصحفيين والناشطين مقطع الفيديو، موضحين أنه وثق في منطقة هرات، وذلك بعد أن أمرت “طالبان” أصحاب متاجر الملابس بقطع رؤوس جميع دمى “العارضات الإناث” واصفة مظهرها بـ “غير الإسلامي”.
وبحسب الصحيفة نفسها، وصف عزيز رحمن، المسؤول بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تماثيل المانيكان بـ"الأصنام، معتبرا أن وجودها "ينتهك القواعد الإسلامية".
ولم يكتف المسؤول بذلك، بل توعد "كل من يخالف تلك الأوامر بعقوبات شديدة"، لا يمكن توقعها حين يتعلق الأمر بحركة تتبنى فكرا راديكاليا.
ولاقت الأوامر انتقادات من قبل أصحاب المتاجر ومصانع الملابس، ممن اعتبروا أنها ستؤدي إلى مزيد من الصعوبات لتجارتهم، وهم يعانون بالفعل من عقبات جمة في ظل ما تمر به البلاد من ظروف راهنة.
وجه حقيقي
وفي خضم الجدل الذي خلفته أوامر طالبان الجديدة، وفي وقت يراقب فيه المجتمع الدولي بحذر القيادة الجديدة في أفغانستان، قالت مارزيا بابكرخيل، قاضية سابقة في محكمة الأسرة بأفغانستان، وتعيش حاليا في المملكة المتحدة، إن "أوامر (طالبان) بقطع رؤوس المانيكان تكشف شخصيتهم وتظهر وجههم الحقيقي".
وأضافت بابكرخيل، خلال تصريحات لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه "أمر وحشي وسلوك طفولي، لا ينبغي أن يصدر من حكومة تقود دولة.. وهذا يدل على الوجه السيئ لـ(طالبان)".
ولفتت مستنكرة إلى أنه إذا لم تستطع طالبان قبول دمية، فكيف يمكنها قبول وجود امرأة لها صوت في أفغانستان؟، خصوصا أن القرارات تأتي بعد أسبوع فقط من إعلان الحركة عدم السماح للنساء الراغبات بالسفر لمسافات طويلة، الصعود على متن وسائل النقل إلا إذا كن برفقة أحد أقاربهن الذكور.
كما حثت الإرشادات الصادرة عن وزارة الأمر بالمعروف والنهي أيضا جميع أصحاب المركبات على نقل النساء اللواتي يرتدين الحجاب فقط.
وسبق أن طلبت الوزارة من القنوات التلفزيونية الأفغانية التوقف عن عرض الأفلام الدرامية والمسلسلات التي تمثل فيها نساء، كما دعت الصحفيات اللواتي يعملن على شاشات التلفزيونات إلى ارتداء الحجاب.
أسئلة
منذ جيل مضى، وتحديدا خلال فترة حكم طالبان من 1996 إلى 2001، كانت النساء في أفغانستان مجبرات على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وتم منعهن من ارتياد المدارس والجامعات وممارسة الوظائف.
كما تعرضن للعقاب البدني أو حتى الموت بدعوى انتهاك "قوانين الشريعة"، وتحملن وطأة السياسات القمعية لطالبان، ما جعل عودة الحركة للسلطة في أغسطس/ آب الماضي، بمثابة الكابوس بالنسبة لهن.
ورغم أن المتحدثين باسم طالبان أعربوا، مرارا، عن إرادتهم في جعل الأمور مختلفة هذه المرة، مؤكدين أن المرأة ستتمكن من الدراسة والعمل، وحتى تولي مناصب حكومية، إلا أن الإحداثيات على الأرض تفند كل تلك الوعود، كما أنها تشي بأن خقبة لا تقل قتامة بانتظار نساء أفغانستان.
ويرى مراقبون في قرارات طالبان بشأن النساء مجحفة للغاية، وتؤكد أن الحركة لم تتخلة عن فكرها الذي يستهدف النساء، وذلك رغم أنها لم تنل حتى الآن أي اعتراف دولي، متسائلين عمن سيكون عليه الوضع في حال نالت الاعتراف الدولي.