أفغانستان على "طرف خيط".. رغيف مجاني لجوعى كابول
نساء يتكدسن أمام مخبز بالعاصمة الأفغانية كابول، فيما اتخذ رجال من حواجز حديدية ملقاة بإهمال بمحيط المكان مقاعد استندوا إليها.
تقاسيم تبدو متعبة على وجوه الرجال، في حين غابت ملامح النساء وراء نقاب يغطي وجوههن، لكن نظرات أعينهن المطلة من وراء قطع القماش القاتمة كانت تشي بمعاناة تقلصت خياراتها حد اللجوء إلى ذلك المخبز الذي يتبرع لهن بالرغيف.
باحثون عن رغيف يشبع جوعهم فيما تتعالى أصوات أطفال يرافقون أمهاتهن يستفهمون عن موعد حصولهم على الخبز، قبل أن يطل رجل من المخبز محملا بعدد من الأرغفة التي يبدأ بتوزيعها على النساء الجالسات على الأرض، ثم ينتقل إلى الرجال.
مخبز يوزع الخبز مجانا على العشرات، ويقول إن عدد الفقراء زاد بعد استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس/ آب الماضي، وتجميد أموال المساعدات الإنسانية على خلفية عدم حصول الحركة حتى الآن على اعتراف دولي.
في الأثناء، تتعالى دعوات من جماعات إغاثة للإفراج عن مليارات الدولارات من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني وأموال المساعدات الدولية المجمدة لإنقاذ حياة الملايين.
طرف خيط
المشهد لا يبدو استثنائيا أمام هذا المخبز بالعاصمة الأفغانية، فيوميا، يتجمع العشرات أمامه على أمل الحصول على رغيف خبز مجاني، في مؤشر على تردي الحياة في ظل حكم طالبان.
يأتي ذلك وسط تحذيرات سابقة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام مجلس الأمن الدولي من أن أفغانستان "معلقة بطرف خيط" حيث يعاني الملايين من الجوع الشديد.
ونقلت وكالة رويترز عن هامينا، وهي فتاة تبلغ من العمر 14 عاما من إقليم قندوز، قولها إنه كان من الصعب سد احتياجات المنزل، إذ يعمل والدها حمالا في السوق ووالدتها مريضة، لذلك جاءت للحصول على بعض الخبز من أجل أفراد أسرتها.
ومع أن توزيع المخبز للرغيف مجانا لا يعتبر بالأمر المستجد، كما أنه لا يتزامن مع حكم طالبان فقط، إلا أن صاحبه الذي يدعى مهر ديل خان رحمتي، قال إنه يفعل ذلك منذ حوالي ثلاث سنوات، لكنه لاحظ زيادة عدد الفقراء منذ استيلاء الحركة على السلطة.
شبح المجاعة
تعتمد خدمة المخبز بالكامل على التبرعات، ما يعني أن قدرته الإنتاجية تختلف بحسب ما يحصل عليه من المحسنين، وهو ما يفسر أيضا تباين كميات الخبز التي يوزعها بين اليوم والآخر.
لكن، وفي ظل ما تشهده الأوضاع المحلية من تأزم، يخشى مراقبون أن تدرك المجاعة قسما واسعا من الأفغان، حيث حث الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، قبل أيام، واشنطن على تشجيع البنوك على تحويل أموال إلى أفغانستان لصالح هيئات الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة التي تسابق الزمن لإنقاذ أرواح الملايين.
وقال إيغلاند إن المفارقة الآن تكمن في أن العقوبات الغربية هي المشكلة الرئيسية في إنقاذ الأرواح في أفغانستان؛ البلد الذي باتت مشاهد الحياة اليومية فيه تشي بأنه على أبواب كارثة إنسانية سليلة تقلبات عاصفة أعادت البلد المضطرب إلى حقبة حكم الحركة.
محطة جديدة في مسار أفغانستان بدأت جميع حيثياتها تتوحد عند المخاوف من ارتدادات الفقر والجوع الذي بات يطوق قسما واسعا من الأفغان، بينما تنتظر حكومة طالبان الضوء الأخضر من المجتمع الدولي للحصول على شرعية تعيد تدفق المساعدات؛ المورد الرئيسي لموازنة الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.