أفريقيا تواجه كورونا بخبرة إيبولا
الإيبولا أودت بحياة أكثر من 11 ألف شخص في غرب أفريقيا بين عامي 2013 و2016، معظمهم في غينيا وليبيريا وسيراليون
تأمل العديد من الدول القارة الأفريقية أن تساعد خبرتها في التعامل مع الإيبولا وغيرها من الأوبئة نظامها الصحي على التعامل مع فيروس كورونا.
وقال جورج ألن إيتوندي مبالا، الذي يدير وحدة الاستجابة في وزارة الصحة بالكاميرون: "لدينا حالات لم تكتشفها التدابير في فرنسا وإيطاليا اكتُشفت هنا"، واصفا عملية الفحص بـ"شبكة التجسس"، وتابع: "الأوبئة تأتي وتذهب، لكننا نستمر في المراقبة".
وفيروس كورونا الذي يجتاح أوروبا الآن ظهر فيما لا يقل عن 27 من بين 49 دولة في أفريقيا جنوبي الصحراء، وفي معظمها، لم يتجاوز عدد الحالات المسجلة رقم 9 ولم تظهر على الأغلب في الداخل وإنما جاءت من الخارج، ومن أوروبا بالأساس، لكن المخاطر كبيرة فإذا وصل المرض إلى المناطق الأشد فقرا في أفريقيا، فإن عوامل كالظروف المعيشية البائسة والازدحام قد تجعله ينتشر بسرعة البرق.
وقررت الكاميرون، الثلاثاء، إغلاق حدودها البرية والجوية والبحرية إلى أجل غير مسمى وهي خطوة غير مألوفة في قارة تخشى منظمة الصحة العالمية من أن الحدود غير المحكمة بين دولها تعني أن حركة التنقل قد تستمر دون رقابة.
والدول التي لا توجد فيها حالات إصابة بفيروس كورونا تتحرك، وقالت حكومة مالي، الثلاثاء، إنها قررت تعليق الرحلات الجوية القادمة من بلدان ظهر فيها الفيروس بينما قال محمد إيسوفو، رئيس النيجر، في بيان، إن بلاده قررت وقف الرحلات الدولية وإغلاق الحدود البرية لمدة أسبوعين اعتبارا من الخميس، والمستشفيات في أنحاء القارة مثقلة بالفعل بحالات الحصبة والملاريا وغيرهما من الأمراض المعدية المميتة وأدت الصراعات إلى نزوح مئات الآلاف ودمرت البنية التحتية.
ومطالبة الناس بالعزل الذاتي في المنزل ليست عملية في كثير من الحالات، حيث تعيش عائلات كبيرة في غرفة واحدة وتتشارك مع العائلات الأخرى في الحي في صنابير المياه والمراحيض وتعيش على ما تكسبه من العمل اليومي.
وقال جون نكنجاسونج، رئيس المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "على أفريقيا أن تستعد لتحد كبير"، وأضاف: "ما زلت أعتقد أن احتواء التفشي ممكن، لكن من خلال توسيع الفحص والمراقبة".
خبرة إيبولا
لكن الاحتواء مستحيل على ما يبدو في بعض المناطق، ففي جنوب السودان، الذي دمرته حرب أهلية استمرت لمدة 5 سنوات، قال الدكتور أنجوك جوردون كول، مدير حوادث التفشي في وزارة الصحة إنه لا يوجد لدى الحكومة سوى 24 سريرا لعزل المرضى.
وأضاف أن مسؤولي الصحة العامة يحثون الناس على غسل اليدين، لكن كثيرين في الدولة الفقيرة، التي تقع في شرق أفريقيا ويبلغ عدد سكانها 12 مليونا، لا يستطيعون شراء الصابون وليست لديهم مياه نظيفة جارية.
وفي بوركينا فاسو، التي تواجه جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، قالت وزارة الصحة في تقرير إن البلاد لا تملك الموارد للتعامل مع تفشي الفيروس، وذكر التقرير أنه لا توجد عند المعابر الحدودية مواقع لعزل الحالات المشتبه بإصابتها، ولا يوجد في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا ما يكفي من العمالة المدربة في قطاع الصحة، وأضاف التقرير "قد يؤدي هذا إلى معدلات وفيات مرتفعة وتزايد خطر انتشار المرض".
وأودت الإيبولا بحياة أكثر من 11 ألف شخص في غرب أفريقيا بين عامي 2013 و2016، معظمهم في غينيا وليبيريا وسيراليون، ودمر المرض مجتمعات لكنه قدم دروسا قيمة.
وتتعاون المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التي أنشأها الاتحاد الأفريقي في 2017، مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز التنسيق في مواجهة الطوارئ وتحسين الفحص والمراقبة وتجهيز مراكز العلاج.
وزاد عدد الدول التي لديها مراكز قادرة على تشخيص المرض في المنطقة الأفريقية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية من مركزين إلى 39 مركزا، في فترة تزيد قليلا عن شهر.
وتكافح نيجيريا، الدولة الأفريقية الأكبر من حيث عدد السكان والتي ظهرت فيها 3 حالات إصابة مؤكدة، لزيادة عدد أسرة العزل وتوفير تدريب طبي واستعدادات أكثر تخصصا في مستشفيات الدولة.
قال تشيكوي إيهيكويزي، رئيس مركز مكافحة الأمراض في نيجيريا: "نظامنا الطبي ليس قويا على النحو الذي نتمنى".
وتابع: "ولأننا قلقون إلى حد ما من قدرتنا على التعامل مع تفش كبير فإننا نركز بشدة على الوقاية والاكتشاف المبكر".
الحفاظ على النظافة
في العاصمة السنغالية، دكار، تدوي إعلانات عبر مكبرات صوت على سيارات تجوب الشوارع لحث الناس على غسل أيديهم، وينقل بعض تلاميذ المدارس أبرز النقاط من درس تلقوه مؤخرا وهو دورة دراسية سريعة عن الوقاية من الفيروس، لكن المياه تنقطع كثيرا في المنطقة التي يعيشون فيها والتي يقطنها أكثر من مليون شخص.
وذكر عاملون في المجال الطبي بالسنغال التي سجلت 31 حالة إصابة مؤكدة أنهم لم يتسلموا سوى تجهيزات وقاية محدودة لا تتعدى المزيد من القفازات والكمامات، وقال عثمان جاي، رئيس وحدة الأزمات في وزارة الصحة في السنغال، إن الحكومة توزع تجهيزات للوقاية على المنشآت التي تحتاجها.
ويوضح مسؤولو الصحة أن هناك مخزونا وافرا من الكمامات والقفازات والأسرة التي تكفي لاستقبال عشرات أخرى من المرضى لكن لا توجد احتياطيات من أجهزة التنفس.
وفي جنوب أفريقيا، حيث يوجد 62 حالة إصابة مسجلة بالفيروس، قالت سوزان كليري، أستاذة اقتصاديات الصحة في جامعة كيب تاون، إن الخدمات الطبية قد تقف عاجزة إذا انتشر الفيروس في الأحياء العشوائية الكبيرة في أنحاء البلاد، وأضافت: "العدوى في الأحياء العشوائية كارثة.. كارثة محققة".