دبلوماسيون لـ"العين الإخبارية": مصر تسعى لتحقيق نقلة نوعية في أفريقيا
مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وزيادة التعاون التجاري أبرز الملفات على مائدة الاتحاد الأفريقي في فترة الرئاسة المصرية
تبدو الاستعدادات المصرية، والثقل الذي تضعه القاهرة، عبر أعلى مستوى في أجهزتها، مؤشراً واضحاً لتطلع مصر نحو تحقيق نقلة نوعية خلال رئاستها المقبلة للاتحاد الأفريقي، بحسب دبلوماسيين وخبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، الذين أكدوا أن شؤون القارة السمراء "أصبحت تأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام الرئاسي والحكومي في مصر".
ومن المقرر أن يتسلم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي لعام 2019، في 10 فبراير/شباط الجاري، من الرئيس الرواندي بول كاجامي. وتعد مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وزيادة حجم التجارة البينية وتسوية النزاعات، أبرز الملفات على مائدة مصر خلال رئاستها الاتحاد.
- رئيس المفوضية الأفريقية: القارة تمر بمرحلة حاسمة من التكامل
- "الإرهاب واللاجئون وجواز السفر الموحد" أهم ملفات القمة الأفريقية
وعلى مدار الأشهر الماضية، شرعت الحكومة المصرية في اتخاذ حزمة إجراءات تتيح "معاملة تفضيلية" لمواطني القارة الأفريقية في مصر، فضلا عن قرارات تعزز التوجه المصري نحو أفريقيا، وتتوسع في التعاون مع دول القارة في مجالات عدة، بخلاف السياسية والاقتصادية.
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، قال في وقت سابق إن الرئيس السيسي "يولي البعد الأفريقي في سياسة مصر الخارجية أولوية متقدمة، ويسعى إلى تعزيز التعاون والتواصل مع الأشقاء في القارة الأفريقية، وهو ما بات محل تقدير كبير من القادة والزعماء الأفارقة".
وأشار رئيس الوزراء في اجتماع حكومي، أمس الأربعاء، إلى أن الاستعدادات الجاري تحضيرها لهذا الحدث المهم، تتضمن "دعم مختلف مبادرات التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، وتعزيز أدوات التجارة البينية بين دول القارة"، بما يتفق مع "أجندة التنمية في أفريقيا 2063".
السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، يرى أن دول القارة الأفريقية تتطلع لما تعتزم القاهرة تقديمه لها، خلال عام كامل ستقضيه في مقعد القيادة الأفريقية، نظرا لفارق الإمكانيات البشرية والفكرية والخبرات التي تتمتع بها"، مشيرا لـ"العين الإخبارية" إلى أن "هناك تحديين مهمين على صعيد القارة حالياً، على مصر الاعتناء بهما، وهما الإرهاب والهجرة غير الشرعية".
وقطعت مصر شوطا كبيراً في مواجهة الجماعات الإرهابية في الداخل، كما نجحت في القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها إلى أوروبا، بحسب تصريحات رسمية.
وتحتل قضية الهجرة غير الشرعية أولوية في أي محادثات تعاون أفريقية-أوروبية. ويرى السفير حجازي أن مصر تعتزم "أخذ زمام مبادرة في نقل خبراتها لدعم قدرات القارة لمواجهة هذه المشكلة، التي تهدد أوروبا".
البعد الآخر الذي يحظى بأهمية لدى القيادة المصرية، وفقا لحجازي، هو دفع الاندماج الاقتصادي والاجتماعي من خلال تفعيل منطقة التجارة الأفريقية الحرة لتدخل حيز التنفيذ، مشيرا إلى تنظيم مصر عددا من المؤتمرات الأفريقية، خلال الفترة السابقة، على رأسها منتدى التجارة في شرم الشيخ. كما نوه بعزم مصر المشاركة في مشروعات تحسين البنية التحتية في القارة.
من جهته، يرى السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقاً، أن مصر تسعى إلى إثبات حضور قوي ولافت في القارة السمراء التي غابت عنها لسنوات، لاستعادة دورها القيادي.
وأشار حجاج لـ"العين الإخبارية" إلى أنه يتوقع أن تحقق الرئاسة المصرية بصمة ونقلة واضحة داخل الاتحاد وآليات العمل فيه، بالنظر إلى مستوى التقدم الاقتصادي والأمني الذي حققه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال السنوات الأخيرة داخل مصر، وهو ما سوف ينعكس بالتأكيد على العمل داخل الاتحاد الأفريقي. مشددا على أن الدبلوماسية المصرية تدرك أهمية التشاور والتعاون مع كافة الدول الأفريقية، قبل اتخاذ أي قرار، من أجل إنجاحه.
وقال الدبلوماسي المصري إن مصر تستهدف نقل خبراتها في مكافحة الإرهاب الذي بات يشكل تحديا كبيرا داخل معظم دول القارة، وكذلك تسوية أكبر قدر من النزاعات السياسية داخل القارة، اعتمادا على ثقلها كرئيس للاتحاد، وعلى رأسها الأزمة في ليبيا، والتي تحظى باهتمام مصري كبير.
في السياق ذاته، ترى الدكتورة أماني الطويل، خبير الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مصر سوف تفعل وتثقل وزن الاتحاد الأفريقي الضاغط باتجاه حل الأزمة الليبية في مواجهة صراع النفوذ الإيطالي - الفرنسي هناك، وهو الأمر الذي سيتكرر في النزاعات التي تشهدها القارة، ويعول على مصر التدخل لتسويتها.
وأشارت الطويل إلى لـ"العين الإخبارية" إلى أن مصر تعتزم تفعيل مقترحات قوات التدخل السريع لمكافحة الإرهاب في الدول الأفريقية، وكذلك دعم مشروعات البنية التحتية بما يسهم في زيادة التجارة البينية، مؤكدة أن الدولة المصرية وضعت استراتيجية لزيادة التفاعل مع دول القارة بشكل عام.
بدوره، أشار طارق رضوان، رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان المصري، إلى أن أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي تنطلق من أجندة عمل الاتحاد الحالية، المتفق عليها بالفعل في إطار الاتحاد الأفريقي ومن أهمها أجندة 2063.
ووفقا لتقرير مفوضية الاتحاد الأفريقي، تعد هذه الأجندة بمثابة خارطة الطريق للقارة السمراء، تهدف لإقامة أفريقيا يسودها الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون، وجعل القارة تنعم بالسلم والأمن.
وتعمل الأجندة على ربط دول أفريقيا من خلال بنية تحتية ذات مستوى عالمي عبر حملة منسقة لتمويل وتنفيذ مشاريع البنية الأساسية في قطاعات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة للإسراع من إنشاء "منطقة التجارة الحرة القارية" وصولا لمضاعفة التجارة الأفريقية البينية بحلول عام 2022.
وأكد رضوان لـ"العين الإخبارية" أن مصر "لديها خطط لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا، عبر التكامل والاندماج الاقتصادي، ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري، والإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد".
وتتطلع معظم الدول الأفريقية إلى دور فعال للاتحاد ومؤسساته خلال الرئاسة المصرية، حيث يقول السفير عبدالمحمود عبدالحليم، سفير السودان بالقاهرة، لـ"العين الإخبارية" إنه "يتوقع رئاسة ناجحة ومميزة لمصر"، مؤكدا أنها "ستلعب دورا مؤثرا وعميقا باتجاه زيادة التعاون الاقتصادي والأمني بين دول القارة، وتسوية الخلافات الداخلية، وتحسين الوضع المالي والمؤسسي داخل الاتحاد".
ومن جهته، قال سفير تشاد بالقاهرة الأمين الدودو عبدالله الخاطري إن بلاده "سوف تدعم مصر في رئاسة الاتحاد الأفريقي، فهي جوهرة شمال أفريقيا التي تغلبت على الإرهاب، ولديها خبرة أمنية وعسكرية". وطالب سفير تشاد بالقاهرة، في تصريحات إعلامية قبل أيام، بـ"تنسيق معلوماتي واستخباراتي وعسكري تقوده مصر".
aXA6IDE4LjExNy4xNjguNzEg جزيرة ام اند امز