بعيدا عن الموصل.. "داعش" و"القاعدة يبحثان عن "ريمونتادا" بأفريقيا
تخلق التنظيمات الإرهابية الباحثة عن عودة جديدة من باب "القارة السمراء" تحديا وجوديا لدول شرق أفريقيا الواقعة تحت معاناة أمنية متزايدة.
ويقول الباحث الأمريكي لورانس فرانكلين، الذي كان مسؤولا عن شؤون إيران في مكتب وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إن فرنسا قررت بعد جهود استمرت عشر سنوات التخلي عن مسؤوليتها لحماية سيادة مستعمراتها السابقة في منطقة الساحل.
وبالتالي، وفق فرانكلين، تقع مهمة مكافحة الإرهاب في الدول الأفريقية جنوب الصحراء في الوقت الحالي على عاتق مجموعة من دول المنطقة يطلق عليها "مجموعة الخمس": وهي بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر.
تهديد "الشباب"
ولا تزال حركة الشباب، مقرها الصومال، تمثل أقوى تهديد لاستقرار منطقة شرق أفريقيا. ورغم إعلان حركة الشباب مبايعتها تنظيم القاعدة عام 2009 تظل مستقلة بالنسبة لعملياتها الإرهابية، فيما تساعد القاعدة حركة الشباب ماليا عن طريق اتصالاتها عبر خليج عدن باليمن.
وألقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مؤخرا كلمة أمام 500 من جنود الجيش، الذين عادوا لتوهم من التدريب في إريتريا، احتفى فيها بتحرير القوات الصومالية مساحات كبيرة من أراضي البلاد التي كانت تحت سيطرة "الشباب".
وفي تحد من جانب "الشباب"، ردت الحركة على تباهي الرئيس الصومالي بإعلان مسؤوليتها عن تفجيرين انتحاريين في الرابع من الشهر الجاري، أسفرا عن مقتل 15 شخصا في وسط الصومال.
ويشير فرانكلين إلى أن حركة الشباب سيطرت في أوج نشاطها في الفترة من 2006 إلى 2011 على معظم جنوب وشرق الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشو التي دخلتها عام 2006.
وفي أعقاب تشكيل تحالف عسكري إقليمي عام 2011 تم إبعاد الشباب من مقديشو في أغسطس/آب من ذلك العام، فيما تواصل الحركة الآن الاضطرار للتخلي عن مزيد من الأراضي.
ووفق فرانكلين لا تزال حركة الشباب تمثل تهديدا للدول المجاورة ولحكومة الصومال الموالية للغرب، وذلك من خلال تجنيدها متطوعين أجانب.
ولا تزال "الشباب" تظهر قدرتها على شن عمليات إرهابية في أنحاء الصومال، كما نفذت عمليات داخل الدول الأعضاء في قوة محاربة الإرهاب، والمتمثلة في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)، بما في ذلك كينيا وأوغندا.
أمريكا في خطر
وينبغي عدم استبعاد تهديد حركة "الشباب" للولايات المتحدة، فقد درست الجماعة سيناريوهات محتملة لشن هجمات على غرار هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وفق الباحث ذاته.
من جانب آخر، تحارب أوغندا أيضا في الوقت الحالي تهديدا إرهابيا من جانب "القوات الديمقراطية المتحالفة". وهؤلاء تابعون لولاية "داعش" في وسط أفريقيا.
وانتقلت بعض خلايا القوات الديمقراطية المتحالفة عبر حدود أوغندا إلى منطقة "كيفو" في شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وظهر أحدث تهديد إرهابي للاستقرار في شرق أفريقيا على يد "أنصار السنة" في المستعمرة البرتغالية السابقة موزمبيق، ويتواجد مركز هذا التهديد في إقليم كابو ديلجادو في أقصى شمال موزمبيق.
وأنصار السنة هي جماعة إرهابية تابعة للقاعدة قتلت حوالي 3 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، بينما تسببت في نزوح مئات الآلاف من المواطنين الذين كان معظمهم من المسيحيين.
ومركز الجاذبية الرئيسي لجماعة أنصار السنة هو ميناء موسيمبا دا برايا الموزمبيقي، حيث تترقب مكامن النفط والغاز في البحر، الاستثمار الأجنبي الذي يعتمد على الوضع الأمني.
رعب التمدد
وتوفر جماعة أنصار السنة ما تحتاجه من مال لشراء الأسلحة من خلال شبكات تهريب الهيروين وتجارة العاج، وكذلك تحصل على أموال من خلال الرسوم التي تحصل عليها من المهربين على طول ساحل موزمبيق.
ولم تكتف الجماعة بنشاطها في موزمبيق، إذ نشرت أنصار السنة الخلايا الإرهابية إلى تنزانيا.
وتحصل موزمبيق على المساعدة في مجال مكافحة الإرهاب من جنوب أفريقيا، التي أرسلت قوات لمحاربة الإرهابية، لكن يبدو أن الجماعة مصممة على إقامة إمارة إرهابية في كابو ديلجادو.
ومن الممكن أن يستغل الإرهابيون موزمبيق كقاعدة لعملياتهم، ويصدرون خلايا إرهابية إلى الدول الجزرية في المحيط الهندي مثل جزر القمر، ومدغشقر، وموريشيوس وسيشل، ودول جنوب القارة أيضا.