مجلس السلم والأمن الأفريقي.. لماذا تطالب مصر بتعديل تشكيله؟
طالب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم الأحد، بتعديل التشكيل الحالي لمجلس السلم والأمن الأفريقي، ليكون أكثر تمثيلا لإقليم الشمال الأفريقي.
جاء ذلك خلال كلمة وزير الخارجية المصري باجتماع لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المُناخ "الكاهوسك" على هامش القمة الأفريقية المنعقدة حاليا في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية اديس أبابا.
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، قال شكري خلال الاجتماع "من غير المقبول أن نطالب بالالتزام بمبادئ عدالة التمثيل في مجلس الأمن الدولي، في حين يفتقد مجلسنا لهذا المفهوم".
يشار إلى أنه في عام 2016، تقدّمت مصر لأول مرة لعضوية مجلس السلم والأمن على مقعد الثلاثة أعوام، إذ سبق أن شغلت المقعد عن فترة العامين خلال السنوات من 2006 — 2008، ومن 2012 إلى 2013.
وتم خلال تلك الفترة إطلاق مبادرة إنشاء آلية التشاور بين مجلس السلم والأمن ومجلس الأمن الدولي، وهي المبادرة التي تم البناء عليها لاحقاً لتأسيس آلية التشاور السنوية بين المجلسين ولا تزال قائمة حتى الآن.
تشكيل مجلس السلم الأفريقي ودوره
- المجلس هو جهاز تابعٌ للاتحاد الأفريقي مسؤول عن تنفيذ قرارات الاتحاد وهو مشابه إلى حد ما لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
- يتم انتخاب الأعضاء من قبل الجمعية للاتحاد الأفريقي بحيث تعكس التوازن الإقليمي في أفريقيا، فضلا عن مجموعة متنوعة من المعايير الأخرى، بما في ذلك القدرة على المساهمة عسكريا وماليا للاتحاد، والإرادة السياسية للقيام بذلك، ووجود دبلوماسي فعال في أديس أبابا.
- يتكون المجلس من خمسة عشر بلدا، منها خمسة بلدان يتم انتخابها كل ثلاث سنوات، وعشر دول لمدة سنتين.
- تنص المادة 7 (ف) من البروتوكول المؤسس لمجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي على أن المجلس يقدم تقارير منتظمة عن طريق رئيسه إلى مؤتمر القمة حول أنشطته ووضع السلم والأمن في القارة.
هل نجح المجلس في أداء دوره؟
يلتقي قادة الدول الأفريقية في اليوم الثاني للقمة السنوية للاتحاد الأفريقي، والتي تنعقد في أديس أبابا، تحت شعار ""تسريع تنفيذ منطقة التجارة الأفريقية الحرة"، لإحياء طموحات حددتها الهيئة القارية، على رأسها إنهاء الصراعات التي تمزق بلدان القارة السمراء ومنع الإبادة الجماعية، وهو ما لم يتحقق بشكل كامل على الرغم من أن الاتحاد الأفريقي حقق بعض النجاح أخيرا في صراعات مثل السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.
يرى مراقبون ومحللون أنه على الرغم من الأزمات الكثيرة التي عايشها الاتحاد الأفريقي منذ تأسيسه، ابتداءً باسم منظمة الوحدة الأفريقية، فإن نتائج تولّيه حل هذه الأزمات لا تتناسب مع مسيرته وخبرته الطويلة.
ويواجه الاتحاد ومجلسه للسلم والأمن الآن ازدياد وتيرة غيابه عن الساحة تدريجياً بعد عدد من الإخفاقات التي لازمته في الفترة الأخيرة في حل النزاعات الأفريقية، المستمرة منها والناشئة، لتطفو إلى السطح عوامل تشير إلى تغييره بمسمّى آخر أو زواله.
وترى الكاتبة السودانية منى عبدالفتاح أنه منذ أن طُرح مشروع الوثيقة التأسيسية للاتحاد الأفريقي وبرلمان عموم أفريقيا في مدينة لومي بتوغو في الـ10 من يوليو (تموز) 2000، ثم أُقرّ تأسيسه في قمة لوساكا بزامبيا في الـ9 من يوليو 2001، إلى الإعلان عنه رسمياً في قمة دوربان بجنوب أفريقيا في الـ9 من يوليو 2002، ليحلّ محل منظمة الوحدة الأفريقية، وهو يطمح إلى أن يكون كياناً جامعاً لدول فرّقها الاستعمار ومزّقتها الخلافات وأرهقتها النزاعات الداخلية والانقلابات العسكرية.
جهود وصعوبات
ورغم أن الاتحاد الأفريقي ظل يبذل جهوداً واسعة من أجل حل النزاعات والتنسيق مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، كما عمل على إيجاد الآليات والأجهزة الكفيلة بتحقيق ذلك، خصوصاً أن هذه الصراعات والعمليات الإرهابية مصحوبة بعنف موجّه ضد المدنيين والجماعات الهشة من النساء والأطفال، مثلما حدث في دارفور ومناطق أخرى.
وحسب الكاتبة السودانية لم يستطِع الاتحاد ردع الجماعات التي تمارس جرائم ضد المدنيين بمعاقبتهم أو ملاحقتهم أو تسليمهم إلى جهات دولية كانت قد طالبت بهم. وتمادت هذه الجماعات المشاركة في النزاع وتمسكت بعدم المرونة، فلديها قدرة على الصمود لا تزحزحها إلا الانشقاقات أو ضعف قدراتها المالية، ولا تلبث الانقسامات إلا أن تنتج فصائل أخرى تنمو بمتغيرات داخلية وتأثيرات خارجية، أسهم فيها النفوذ المتبادل بين الدول المتجاورة، نتيجة للتداخل الإثني والقبلي.
وبالنظر إلى دور الاتحاد الأفريقي في ملف سد النهضة الإثيوبي، على سبيل المثال، والخلاف الواضح بين القاهرة وأديس أبابا يمكن القول إنه لم يفلح في حلحلة الأزمة برأي مراقبين، الأمر الذي أدى إلى تغييب الملف عن مداولات القمة الأفريقية لأول مرة العام الماضي، منذ الشروع في تدشينه عام 2011.
ويشير واقع الاتحاد الأفريقي إلى ما قد يؤدي إلى البحث في إمكانية إجراء تغيير جوهري، يشمل هيكله وأجهزته وإقامة تجمع إقليمي آخر قادر على مواجهة التحديات، وألا يكون تغييراً في المسمّيات، كما حدث في التحوّل من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، وهنا ربما يكمن سر مطالبة مصر بتعديل تشكيل مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد.
aXA6IDMuMTIuNzMuMTQ5IA==
جزيرة ام اند امز