كورونا يطفئ وهج القمة الأفريقية بشوارع أديس أبابا
على غير عادتها، أقفرت شوارع العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ولازمت صمتها وفقدت وهجها المعتاد بالتزامن مع القمة الأفريقية.
فهذا العام، اضطرت المدينة للخضوع لأحكام فيروس كورونا، والاكتفاء بقمة "افتراضية" تعقد لأول مرة وتصادف النسخة 34 لاجتماعات الدول الأعضاء بتكتل القارة السمراء.
قمة تنطلق فعالياتها عن بعد، بوقت لاحق اليوم، في حدث افتراضي أفقد شوارع أديس أبابا حركيتها المعتادة في مثل هذه الفعاليات، وحرمها من زينتها وأضوائها ويافطاتها الضخمة، وزحمة الطواقم الإعلامية، والضجيج، واكتظاظ الفنادق القريبة من مقر الاتحاد الأفريقي، وكل ملامح الحياة المرافقة.
وكما جميع دول المعمورة، لم تنج القارة السمراء من جائحة كورونا التي اخترقت أسوارها، وفرضت عليها قيودها، ما حول مواسم التجمعات والاحتفالات إلى مناسبات بلا طعم ولا معنى، وهو ما يتجلى من خلال فعاليات الاتحاد الأفريقي، خصوصا قمته السنوية في نسختها الـ34 للعام 2021، والتي تعقد هذا العام افتراضيا لأول مرة، تحت شعار "الفنون والثقافة والتراث: روافع لـبناء أفريقيا التي نريد" .
والثلاثاء الماضي، كشفت الخارجية الإثيوبية أن القمة الأفريقية المقررة اليوم وغدا الأحد، ستعقد "افتراضيا" بسبب جائحة كورونا.
وقال المتحدث باسم الوزارة، السفير دينا مفتي، إن القمة الأفريقية العادية الـ34 لرؤساء دول وحكومات القارة ستعقد افتراضيا، بعد أن كانت مقررة بشكل حضوري للرؤساء بمقر الاتحاد في أديس أبابا.
ولفت "دينا" إلى أن الحكومة الإثيوبية استكملت استعداداتها لاستضافة القمة، لكن تقديرات وتوصيات المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، حالت دون انعقادها حضوريا ليتم تحويلها إلى افتراضي.
ونتيجة لهذا القرار الذي فرضته الجائحة، قرر القادة الأفارقة أن تكون مشاركتهم افتراضية في القمة التي ينتظرونها سنويا لمناقشة وحسم قضايا الدول الأعضاء وهموم شعوب القارة السمراء .
كما يترقبها سكان أديس أبابا، من أصحاب الفنادق وسائقي سيارات الأجرة وحتى المواطنين العاديين ممن اعتادوا متابعة صخب الحدث.
وقبل ساعات من انعقاد القمة، بدت شوارع العاصمة أديس أبابا بلا ضجيج سيارات الأمن والحراسات، وغابت عنها الهالات الإعلامية وأفواج الوفود المشاركة بأزيائهم المتنوعة التي كانت تزين القمم السابقة، وفق مراسل "العين الإخبارية".
غياب أفقد المدينة وهجها وبريقها بعد أن كانت شوارعها تضج بالحركة ليلا ونهارا، وهدأت حيوتها المعهودة في مثل هذه الأيام من كل عام.
كما تغيب، اليوم وغدا، مظاهر اصطفاف المارة على تقاطعات الشوارع حتى تمر أفواج المشاركين في القمة الأفريقية.
ففي مشهد كرنفالي يتكرر مطلع كل عام في المدينة، تضج الشوارع بالوفود المشاركة وأفواج السيارات الرئاسية التي تحمل ضيوف البلاد المشاركين في القمة الأفريقية .
وعلى الجانب الآخر، يصطف العشرات من سكان المدينة على أرصفة الشوارع حتى يمر القادة الأفارقة ضيوف البلاد إلى مقر انعقاد فعاليات الاتحاد الأفريقي بمقره وسط أديس أبابا.
لكن هذا العام، تتخلى شوارع "الزهرة الجديدة" (معنى اسم أديس أبابا) عن زينتها المعتادة في مثل هذه الأيام بأعلام الدول الأفريقية، كما يغيب ضجيج سيارات الأمن والحراسات والحركة الكثيفة لرجال شرطة المرور الذين يملأون الشوارع الرئيسية بزيهم الأبيض، لتنظيم حركة المرور احتفاء بقدوم المشاركين في القمة من قادة ورؤساء الدول والوزراء الأفارقة والسفراء وأفواج الإعلام العالمي.
السياحة.. المتضرر الأكبر
ولعل التأثير الأبرز يتجلى على الفنادق والمحلات التجارية الكبرى التي كانت القمم الأفريقية أهم مواسمها وفرصها التجارية وأعيادها الربحية .
سندو جيتاشو ولدجورجيس، النائبة السابقة لرئيسة اتحاد الفندقة والسياحة الإثيوبية، قالت إن الاتحاد الأفريقي يعقد القمم في مقره الرئيسي بأديس أبابا منذ عهد الامبراطور هيلا سلاسي (1930-1974) .
وأضافت ولدجورجيس، لـ"العين الإخبارية"، أن الحكومة الإثيوبية بدأت بتهيئة البلاد خاصة العاصمة، لعقد القمم الأفريقية، من خلال إنشاء الفنادق والمنتزهات، وتدريب القوة العاملة في قطاع السياحة .
ولفتت إلى أن إثيوبيا لديها إمكانيات هائلة في قطاع السياحة خاصة سياحة المؤتمرات، نظرا لوجود العديد من الفنادق الحديثة ذات الخمس نجوم وما دونها بقدرات رفيعة المستوى.
لكن المسؤولة السابقة بقطاع السياحة، أعربت عن حزنها لعدم انعقاد القمة الأفريقية هذا العام حضوريا جراء كورونا، مشيرة إلى أنه "رغم الجهود التي بذلتها الحكومة والإصلاحات التي طرأت في مختلف الجوانب، خاصة السياحة، إلا أن عدم انعقاد القمة كما هو معهود ستكون له تأثيرات على القطاع السياحي".
وتابعت: "نشكر الحكومة والجهات المعنية التي قامت بدعم الفنادق حتى تخفف من الأضرار ، وهو ما ساعد على تجاوز الأزمة"، لافتة إلى أن الكثير من الأنشطة مثل عقد المؤتمرات الدولية والقمم الأفريقية، كانت مصدر دخل موسمي ستحرم منه الفنادق هذا العام .
ومنذ سنوات، تشهد أديس أبابا "ثورة عمرانية" ازدادات وتيرتها التصاعدية بتولي رئيس الوزراء آبي أحمد منصبه في أبريل/ نيسان 2018.
وشملت إصلاحاته السياحة والبنية التحتية التي تضمّنت توسيع مطار "بولي" الدولي، وبناء أكثر من 60 فندقا فاخرا خلال السنوات الخمسة الماضية، إضافة إلى تحويل المساحات والميادين إلى ساحات خضراء، واستحداث "منتزه جبل أنطوطو" الذي يعتبر من أكبر المعالم السياحية الحديثة بالمدينة .
وتعدّ أديس أبابا ثالث عاصمة عالمية في استضافة المؤتمرات، بعد نيويورك الأمريكية وجنيف السويسرية، مستفيدة من احتضانها لمقرّات الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فضلاً عن احتضانها لأكثر من 125 سفارة إفريقية وأجنبية.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز