بعد صعود نجم آنا بوتينا، ابنة عم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتوقع خبراء أن "يمهد لها الطريق" من أجل خلافته في سدة الحكم.
وخلال العامين الماضيين، انتشرت شائعات حول المشاكل الصحية المزمنة التي يعاني منها بوتين، بل وحتى وفاته، ما كان سببا في تحفيز الكرملين على تقديم خليفة محتمل أصغر من الرئيس الحالي بجيل واحد، وفقا لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية.
ووفقا للمجلة، فقد أدرك بوتين تماماً السبب وراء اختياره خلفاً لبوريس يلتسين في ديسمبر/كانون الأول 1999، وهو الثقة بأنه سيحمي مصالح "عائلة" الرئيس السابق، بعد انتخابه.
ويٌعتقد أن بوتين استخلص الدرس من هذه الواقعة، وخلص إلى أنه لا يوجد أحد أفضل ليعهد إليه بحماية أسرته ومصالحهم الواسعة سوى فرد من عائلته.
ومن ثم، يبرز اسم ابنة عمه، آنا بوتينا تسيفيليوفا، والتي صعد نجمها في وسائل الإعلام الروسية بعد تأسيسها "مؤسسة المدافعين عن أرض الآباء" في أبريل/نيسان الماضي، والتي أشاد بها بوتين في مؤتمره الصحفي يوم 14 ديسمبر/كانون الأول.
من هي آنا بوتينا؟
آنا بوتينا (تسيفيليوفا) هي ابنة عم بوتين، فجده والجد الأكبر لآنا هو سبيريدون بوتين، الذي عمل طباخًا للزعيم السوفياتي السابق جوزيف ستالين في مجمع غوركي شديد الحراسة خارج موسكو.
عندما كانت فتاة صغيرة التقت آنا بفولوديا بوتين في رحلات عائلية إلى لينينغراد خلال الثمانينيات.
وعندما أصبح فلاديمير رئيسا ازدهرت حظوظ الأسرة، ففي عام 2002 غادرت آنا إيفانوفو إلى موسكو، وحصلت على درجات علمية في الإدارة من جامعة باتريس لومومبا للصداقة الدولية وجامعة الإدارة الحكومية. ثم بدأت مع شقيقها ميخائيل العمل المربح في توريد المعدات الطبية للمستشفيات الحكومية.
واستخدمت بوتينا عملها الخيري بفعالية لتحصين شبكتها السياسية. وكانت، على سبيل المثال، تعقد بانتظام "المنتديات النسائية الدولية" التي تركز على "دور المرأة في المناطق الصناعية" و"التعامل مع كوفيد".
وتجتذب مؤتمراتها آلاف المشاركين، من بينهم زوجات زعماء المنطقة. ومن بين الداعمين البارزين لهذه المنتديات حاكمة سانت بطرسبورغ فالنتينا ماتفينكو، وهي سياسية ماكرة ذات جذور عميقة في لينينغراد السوفياتية.
وعهد فلاديمير بوتين إلى آنا بمهمة حاسمة تتعلق بالتعامل مع محيط من المحاربين القدامى العائدين والعائلات الثكلى، حيث أظهرت مستوى عاليا من الكفاءة في إدارة الشركات الروسية، وهي حالة نادرة بالنسبة لنخبة بوتين، إضافة إلى تمتعها بفصاحة وشخصية جذابة.
رئيس المستقبل؟
تقدم وسائل الإعلام الروسية، يوما بعد يوم، آنا بوتينا باعتبارها مديرة تتمتع بالكفاءة والقدرة على توحيد قوى التكنوقراط والاستخبارات والجيش في النخبة الحاكمة الروسية.
ويؤكد المراقبون أن بوتين أظهر قدرات سياسية فذة على مدى أربعة وعشرين عاماً في تمسكه بالسلطة، وأنه ربما يرى هذه المهارات في ابنة عمه.
علاوة على ذلك، فمن الواضح أن بوتين يخطط لحرب طويلة مع الغرب ويدرك المخاطر. وتقوم استراتيجيته العسكرية والسياسية على إحداث فوضى سياسية في الخارج مع الحفاظ على حكم حديدي في الداخل.
ولا يجوز لخليفته أن يكون شخصاً من طراز الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، ولا يتمتع بنفوذ حقيقي. ومن ثم يتعين على النخبة الروسية في نهاية المطاف أن تدور حول شخصية تحظى بالإجماع، وفق المجلة الأمريكية.
وتدرك هذه النخب تمام الإدراك أن المطالبين الآخرين بالعرش، مثل نيكولاي باتروشيف أو إيجور سيتشين، على سبيل المثال، يمثلون مصالح ضيقة الأفق.
ومن الناحية المثالية ينبغي أن يكون الخليفة من الجيل القادم لضمان استمرارية السلطة والسياسة، وهو جوهر خطة بوتين، حسب قول "ناشونال إنترست".
على الرغم من التأكد من القيود المفروضة على جميع مساعدي بوتين، إلا أنه جعل من آنا بوتينا الشخصية الوحيدة المسموح لها ببسط نفوذها على مجالات واسعة من السياسة والاقتصاد والثقافة. وهذا ما يجعل منها مرشحا مؤهلا لخلافته.
ورغم شهرتها المتزايدة في روسيا إلا أنها غير معروفة تقريبًا خارج روسيا، لكن ذلك أمر متقبل، فقبل عامين من تولي بوتين منصب الرئاسة لم يكن هو الآخر معروفا على نطاق واسع في روسيا، وكان غير معروف تمامًا خارج البلاد. ومن ثم فإن قلة الخبرة ليست بالضرورة سبباً في إبعادها.
وخلصت المجلة الأمريكية إلى أن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت خطة بوتين هي أن تخلفه ابنة عمه آنا ستنجح وتستمر، أم لا.