تسونامي الإسكندرية.. «العين الإخبارية» تكشف كيف وصلت آثار أبوقير إلى قاع البحر؟

أعلنت وزارة الآثار المصرية قبل أيام عن انتشال قطع أثرية مصرية قديمة من قاع البحر في منطقة ميناء أبوقير بالإسكندرية.
ومع حالة الاحتفاء الكبير بهذا العمل، لم يغب عن الكثيرين إعادة طرح سؤال قديم، حول أسباب وصول تلك القطع إلى قاع البحر، وهل كان ذلك بشكل متعمد أم لأسباب خارجة عن الإرادة؟
ويقول المؤرخ وكاتب علم المصريات بسام الشماع لـ"العين الإخبارية" إن " هناك عدة تفسيرات، منها أن هذه القطع الأثرية الضخمة أُلقيت عمدا في البحر لتعمل كمصدات تمنع السفن المعادية من الاقتراب من الإسكندرية في فترات قديمة، أو أن وصولها للبحر كان نتيجة تسونامي ضرب المدينة في تاريخها وجرف العديد من الأشياء معها، من بينها هذه القطع".
وأشار إلى أن هذا الاكتشاف ليس الأول للقطع الأثرية المغمورة تحت المياه، فقد بدأ النشاط المصري في هذا المجال عام 1990، عندما قام فريق من اتحاد الغوص بقيادة الكابتن محسن الجوهري وبالتعاون مع جامعة الإسكندرية بالكشف عن حطام مركب "المعمورة"، بعد تداول معلومات عن وجود حطام سفينة بالموقع. وقد تمكن الفريق من الوصول إلى الحطام والكشف عن العديد من اللقى الفخارية والحجرية، وكان من بينهم الطالب عماد خليل، الذي أصبح الآن أستاذ الآثار البحرية ومؤسس ومدير مركز الإسكندرية للآثار البحرية بجامعة الإسكندرية، وتم انتشال بعض اللقى وتسليمها لهيئة الآثار المصرية.
وأكد المؤرخ أن النشاط استمر في عام 1993 عندما لاحظت مخرجة الأفلام التسجيلية أسماء البكري أثناء تصوير فيلم عن المتحف اليوناني وجود كتل خرسانية ملقاة فوق جزء من موقع فنار الإسكندرية المغمور، كانت هيئة حماية الشواطئ قد ألقتها لحماية صخرة القلعة من عوامل البحر. وعلى الفور أبلغت المسؤولين عن الآثار بالإسكندرية بخطورة الأمر، ما أدى إلى التفكير في مشروع لانتشال الكتل الخرسانية وإنقاذ الموقع.
وأضاف أن في عام 1994، كُلّف جان إيف إمبيرور، مدير المركز الفرنسي للدراسات السكندرية، بإجراء حفائر إنقاذ بالموقع وتكوين فريق مشترك من المركز والمجلس الأعلى للآثار وجمعية الآثار والأكاديمية البحرية، وتحت إشراف القوات البحرية المصرية. وبدأ العمل بالموقع، ثم في عام 1995 تقدم المركز بمشروع حفائر علمية وتوثيق لموقع فنار الإسكندرية القديم، وتم اكتشاف جزء كبير من الموقع وانتشال 35 قطعة أثرية ونقلها إلى معمل الترميم بكوم الدكة للمعالجة وإعدادها للعرض.
وأشار إلى أن القطع المنتشلة تمثل التنوع في اللقى التي تم العثور عليها، وشملت تمثالًا ضخمًا لبطلميوس الثاني الموجود حاليًا أمام مكتبة الإسكندرية، وأجزاء من أعمدة بردي، وتماثيل لأبو الهول، وبعض المسلات من الكوارتزيت التي ترجع لعصر الملك سيتي الأول، وقاعدة مسلة عليها خرطوش الملك سيتي الأول، وأخرى من الجرانيت تخص سيتي الثاني. وأضاف أن بعض هذه اللقى تم انتشالها في حضور الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وهي معروضة حاليًا في المتحف المفتوح بالمسرح الروماني بكوم الدكة.
وأوضح الشماع أن منذ عام 1994، بدأ المجلس الأعلى للآثار في إعداد كوادر من مفتشي الآثار للتدريب على الغوص ومشاركة البعثة خلال أول موسم عمل لها، حيث تم تدريب أربعة مفتشين من إدارات مختلفة على أعمال الغوص، ودعمت جمعية الآثار المعدات اللازمة، وتكفلت الأكاديمية البحرية بالتدريب، لكن لم يتم إنشاء إدارة متخصصة للآثار الغارقة حتى ذلك الوقت.