موسم الحصاد في اليمن.. أهازيج الأجداد تزف «الصِراب»
على مدار 6 أشهر يعكف المزارع اليمني في مواسم الزراعة على الاهتمام بأرضه ووديانه، حتى يأتي موسم الصِراب «الحصاد».
ويعد أكتوبر/تشرين الأول من أهم الأشهر في أجندة المزارع اليمني، حيث يعمل على جني ما جادت به الأرض طوال الموسم الزراعي.
مراحل الحصاد
الصِراب أو ما يسمى في بعض مناطق اليمن «القُلامة» هو آخر مواسم الزراعة، ويستمر لمدة شهر أو أكثر.
تبدأ الرحلة اليومية بالنسبة لأبناء ومزارعي الريف اليمني في الذهاب إلى الوادي للحصاد باكرا وتنتهي عند غروب الشمس.
يصطحب المزارعون ماشيتهم وزادهم الذي يعينهم على البقاء في الوادي طوال اليوم، وتبدأ الخطوة الأولى في جز ثمار الحبوب «السنابل» تمهيداً لقطع الزرع من الجذور أو ما يسمى بـ«العجور»، ثم تبدأ عملية تشكيلها كعقد صغيرة «عُصبة» حتى تثبت في أكوام توضع على الأشجار المرتفعة.
وتجمع السنابل في أماكن مخصصة بعد قطعها من على الزرع، ويتم وضعها داخل الأجولة ونقلها إلى أسطح المنازل، ليتم تعريضها لأشعة الشمس لبضعة أيام تتراوح بين 3 إلى 7 أيام، لتجفيفها من الرطوبة، استعداداً لفصل حبوبها وتنقيتها من الشوائب وتخزينها.
هذه السنابل متنوعة في أشكالها وأسمائها، فهناك «المِحجَان»، والذي يتم قطعه من زرع الغرب أو ذرة المُنزَلَة، وهناك «السَّبُولة» لزرع الدُخن، أو «الهِندَة» لمحصول الذرة الشامية، وهذا النوع لا يحتاج إلى قطعه من الزرع، وإنما إخراج الهندة باليد بالطريقة التقليدية.
مهاجل خاصة
موسم الحصاد مشهد احتفالي، حيث يتباهى كل مزارع بما جناه من أرضه الوفيرة كحافز يطمئن به لأشهر قادمة، سواء من حيث الذرة كمخزون غذائي، أو العجور -قصب وأعلاف الزرع- كغذاء للماشية والأبقار، بعد تجفيفها.
ولا تقتصر سعادة المزارعين عند هذا الحد، إذ إن المهاجل «الأهازيج» الخاصة بهذه المناسبة لها وقعها الخاص، يصدح بها الفلاحون في الوديان، وتعمل أيضاً على زيادة الحماس في أثناء الحصاد وهو طقس متوارث.
وتبرز أهمية المهاجل الشعبية والقصائد الغنائية القديمة لموسم الحصاد، التي يرددها المزارعون في الصراب بالوادي، في تحفيزهم أثناء العمل، وكسر الرتابة والملل.
كما أنها تعد ذات قيمة كبيرة لدى المجتمع اليمني خاصة في المناطق الريفية والزراعية، كونها تمثل تراثاً ثقافياً وشعبياً، وكلماتها ذات دلالات قيّمة يتناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد، بهدف الحفاظ عليها، وعلى تاريخ الزراعة في اليمن.
يقول المزارع اليمني علي إبراهيم (72 عاماً) إنه يردد المهاجل أثناء الصراب (القلامة) في الحول أو المدرجات والشِعاب، لأنها تعمل على زيادة النشاط، وطرب مسامع فريق العمل.
وأضاف المزارع اليمني علي إبراهيم، لـ«العين الإخبارية»، أن المهاجل والقصائد يرددها الجميع أثناء العمل على المحاصيل ويكون بينهم أطفال ونساء، وهي ما يخلق أجواء حماسية وشعوراً خاصاً لطقوس الصراب، الذي يعد عيد المزارع.
ومن هذه المهاجل والأغنيات الشعبية والأهازيج التي يرددها المزارعون أثناء موسم الحصاد:
واليوم يالله واليوم دائم.. قد صربوا الدُخن والذرة قائم
واليوم بالله واليوم دائم.. بكّر من أمصبح يرعى الغنائم
الخير لأهله يدوم دائم.. اليوم ما ترقد إلا البهائم
وتختلف أصوات وألحان أهازيج الصراب بين طويلة هادئة تردد في الصباح عند بدء العمل, وقصيرة وسريعة تردد في أواخر النهار حين يبلغ التعب منتهاه.
كما تختلف الأشعار بين منطقة وأخرى وتحافظ على اللحن فقط، منها هذا الموال الذي يتردد على ألسنة المزارعين وهم يتمنون من كل قلوبهم أن يمتد موسم الخير لشهرين أو ثلاثة:
قُليِّمه وا قُلامة
ليت القُلامة مُدامة
شهرين ولا ثلاثة
قليمة وا قلامة
قليمة بالجعيدي
يا رب تسقي بلاده
وا معينة
ما واحداً جاد وحده
ما جاده الاَّ للثنين
والاَّ الثلاثة يجودون
والأربعة معوناً جيد
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز