قاد «مفرخة للإرهاب» بفرنسا.. «عجوز النهضة» يعود لتونس مطرودا ومحظورا
مع اندثار تأثير «النهضة» الإخوانية في تونس وتساقط أوراقها، اتخذت أوروبا وفي القلب منها فرنسا، خطوات لبتر أذرع الحركة على أراضيها.
آخر تلك الخطوات، إصدار الحكومة الفرنسية قرارًا بترحيل القيادي الإخواني التونسي أحمد جاب الله إلى تونس، ما دفع الأخير إلى المغادرة نحو بلاده.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، السبت، إن الإخواني التونسي أحمد جاب الله غادر البلاد نحو تونس، في ظل تهديد بترحيله بقرار من الحكومة الفرنسية.
وتتهم السلطات الفرنسية، أحمد جاب الله بالإقامة بشكل غير نظامي في فرنسا والإخلال بالنظام العام. وصدر بحقه في 30 يناير/كانون الثاني قرار بوجوب مغادرة الأراضي الفرنسية.
وبحسب إذاعة «أوروبا 1» التي كشفت عن مغادرته إلى تونس، قررت السلطات الفرنسية أيضا إصدار قرار يحظر دخوله مجددا إلى البلاد.
وجاب الله عميد المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في باريس، ورئيس سابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (مسلمو فرنسا حاليا) المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
وكان مكتب المدعي العام في بوبيني في منطقة باريس، فتح في 2020 تحقيقا أوليا، في «طرق تمويل أنشطة» المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وهو معهد خاص من بين أنشطته تدريب الأئمة.
تأتي مغادرة جاب الله بعد أسبوع من ترحيل الإمام السابق في إحدى بلدات جنوب شرق فرنسا محجوب محجوبي إلى تونس.
فمن هو أحمد جاب الله؟
قبل أربعة عقود، سافر الإخواني التونسي أحمد جاب الله، إلى باريس بمنحة حكومية، عمل خلالها على توطيد نفوذ حركة النهضة الإخوانية، والتغلغل في المجتمع الفرنسي وتجنيد الجالية التونسية.
وجاب الله (68 عاما) أحد القيادات التي عاصرت الفكرة الأولى لتأسيس حركة النهضة الإخوانية سنة 1981 إلا أنه غادر البلاد إلى فرنسا في السنة ذاتها لاستكمال تعليمه في جامعة السوربون بباريس من ضمن مجموعة من الطلبة الذين كان يرسلهم الحبيب بورقيبة للدراسة في الخارج دون اعتبارات فكرية وأيديولوجية في تلك الفترة.
وصفته صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، في تقرير سابق لها، بأنه رجل ذو شعر أبيض ونظارة على أنفه، وينحدر من أصل تونسي، مشيرة إلى أنه يحمل سيرة ذاتية متناقضة؛ فهو إمام، وأستاذ علم اللاهوت، ومدرس علوم الإسلام في السوربون.
في المقابل هو الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF)، الذي أصبح بعد ذلك منظمة مسلمي فرنسا، أحد أذرع تنظيم الإخوان بفرنسا.
ويعتبر جاب الله من الشخصيات التي نشأت في حضن الإسلام السياسي في سبعينيات القرن الماضي ضمن مجموعة كان يتحكم فيها قيادات إخوانية في مقدمتهم راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وصالح كركر وبن عيسى الدمني، بحسب مراقبين.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي، انتصر جاب الله لأفكار الغنوشي ضد مورو، بعد أن اندلعت معركة أيديولوجية بين الشخصيتين حول المرجعية الفكرية.
وجاب الله كان مقربا للقيادي الإخواني الصحبي عتيق الذي هدد التونسيين بالسحل في الشارع إذا أزاحوا النهضة من الحكم في خطاب له أبريل/نيسان 2013.
وبين عامي 1978 و1979 كان جاب الله من ضمن الشباب الإسلامي في الجامعة الذي يعتبر خط العنف إحدى الأدوات لإحراج السلطة.
ويمثل جاب الله الذي زار تونس عدة مرات، الشخصيات المقربة للغنوشي، وخيط رابط للحركة الإخوانية مع أوروبا وخاصة فرنسا من خلال استقطاب الجالية التونسية هناك.
وفي تقرير لها تحت عنوان «في سان دوني.. مدرسة الأئمة بمرمى العدالة»، سلطت صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية الضوء على جاب الله والمؤسسة التعليمية التي يرأسها، ودورها في نشر التطرف بالبلاد.
وذكرت الصحيفة أن المدعي العام الفرنسي في مدينة بوبيني بإقليم «سين سان دوني» فتح تحقيقًا أوليًا بشأن «خيانة الأمانة» و«إخفاء خيانة الأمانة»، ضد إدارة المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية.
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH) الواقع في سان دوني بالضاحية الشمالية لباريس، يقوم بتدريب الأئمة والمدرسين في المدارس القرآنية وأيضًا المواطنين العاديين الذين يرغبون في تعلم اللغة العربية أو الاقتراب من الإسلام. ويتخرج في تلك المدرسة سنوياً حوالي 1500 طالب.
ذلك المعهد وصفته الصحيفة الفرنسية في تقريرها -آنذاك- بأنه يعد بمثابة «مفرخة للإرهاب»، مشيرة إلى أن كثيرا من المتورطين في أعمال إرهابية بفرنسا مروا على هذا المعهد ودرسوا به، واعتنقوا الفكر المتطرف أبرزهم رضا هام وأنيس مدني المتورطين في عمليات تفجير وإرهاب بالبلاد.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4yNyA= جزيرة ام اند امز