واشنطن وبكين.. سباق توسع من كمبوديا للخليج العربي
يأخذ الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، تمثلات أبرزها السباق في تطوير ترسانة التسلح وتوسيع نطاق النفوذ حول العالم.
في هذا السياق، أكد وزير القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال على الحاجة الماسة لتقاعد الطائرات القديمة حتى يتسنى التركيز على تطوير طائرات حديثة، كافية لإخافة الصين، في وقت كشفت فيه تقارير استخباراتية أمريكية عن اعتزام بكين إنشاء قاعدة عسكرية في غينيا الاستوائية، في أول وجود بحري دائم لها في المحيط الأطلسي.
ترقب للصراع
كيندال أوضح في كلمته بمنتدى ريجان للدفاع الوطني، أن مسيرات مثل إم كيو-9 ريبر، وبعض طائرات سي-130، وطائرات التزود بالوقود عتيقة الطراز، أمثلة على الطائرات القديمة التي – رغم كفاءتها في تنفيذ مهام مكافحة التمرد في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين – ستعاني في حال نشوب صراع مع الصين، وفقا لصحيفة "ديفينس نيوز" الأمريكية.
وتساءل الوزير الأمريكي، قائلا: "إذا لم تكن قادرة على تهديد، فلماذا نحتفظ بها في الخدمة؟"
وأشار إلى أن الصين ركزت جهود التحديث الخاصة بها على سبل هزيمة الطائرات الأمريكية الحديثة - "التي تعد أعدادها منخفضة إلى حد ما".
ويرى كيندال أنه يتعين على الولايات المتحدة الآن مواجهة ذلك. لكن التقدم في عمر طائرات أسطول سلاح الجو، الذي يبلغ متوسطه حوالي 30 عامًا، يشكل عائقا أمام تطوير القوة الجوية.
سباق تسلح شرس
ونقلت وكالة رويترز عن كيندال قبل عدة أيام، قوله إن "هناك سباق تسلح، وهو ليس بالضرورة من أجل زيادة الأعداد، بل من أجل زيادة النوعية.. وهذا سباق التسلح الذي يستمر لبعض الوقت، والصينيون كانوا يخوضونه بشكل شرس".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعر ما يكفي من الاهتمام لهذا القطاع، بينما كانت تصرف الأموال لعملياتها في العراق وأفغانستان، مستدركا: "لا أقصد أننا لم نفعل أي شيء، لكننا لم نفعل ما يكفي".
وأشار إلى أن الجيش الأمريكي يمتلك الكثير من الأسلحة والمعدات الفعالة، لكنها "لا ترعب الصين"، معربا عن أمله بتمويل تطوير أنظمة جديدة، بما فيها الأسلحة فرط الصوتية، بدلًا من إنفاق الأموال على صيانة النماذج القديمة.
من جانبه أكد رئيس أركان القوات الجوية الجنرال تشارلز كيو براون على أهمية التخلي عن بعض الطائرات القديمة كوسيلة للسماح للقوات الجوية بإدخال المزيد من طائرات إف-35 وطائرات أخرى أكثر تطورا.
ويشير تقرير "ديفينس نيوز" الأمريكية، إلى أن القوات الجوية الأمريكية عملت على مدى 20 عامًا بأريحية في بيئة متساهلة في الشرق الأوسط، دون القلق بشأن امتلاك خصومها أنظمة متقدمة مضادة للطائرات.
لكن ذلك قد يتغير في حال نشوب نزاع مع خصم يتمتع بنفس القوة مثل الصين، التي تمتلك أسلحة متنوعة لمنع الولايات المتحدة من الوصول إلى مجالها الجوي.
وقال براون إن الطائرات - بما في ذلك بعض المقاتلات وطائرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وطائرات القيادة والتحكم - التي قد لا تكون مناسبة تمامًا لبيئة أكثر تطورا، أو تلك الأقدم أو التي تتمتع بتكاليف دعم أعلى- يمكن أن تكون من بين الطائرات التي سيتم النظر في تقاعدها.
ورفض براون تسمية طائرة محددة، لكن اقتراح الميزانية المالية لعام 2022 لسلاح الجو الذي صدر في وقت سابق من هذا العام طلب تقاعد عشرات من طائرات إيه-10 وإف-15سي وإف-16دي وكيه سي-135 وكيه سي-10 وسي-130 وآر كيو-4 جلوبال هوكس.
براون قال إن القوات الجوية تنتظر الموافقة النهائية على قانون تفويض الدفاع الوطني لمعرفة ما سيسمح به الكونجرس في نهاية المطاف للخدمة بالتقاعد.
ملاحقة في أفريقيا
وفي السياق هذا الصراع المحتدم، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، رفضوا الحديث عن تفاصيل التحقيق بشأن غينيا والمعلومات الاستخباراتية السرية، ولكنهم قالوا إن التقارير تزيد من احتمال امتلاك السفن الحربية الصينية القدرة على إعادة التسليح وإجراء أعمال الصيانة، مقابل الساحل الشرقي للولايات المتحدة، في تهديد يُثير مخاوف البيت الأبيض والبنتاجون.
وأشارت الصحيفة إلى أن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون فاينر، زار غينيا الاستوائية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في مهمة لإقناع الرئيس تيودورو أوبيانج نجويما مباسوجو ونجله تيودوران أوبيانج، خليفته في الرئاسة، برفض العروض الصينية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية، قوله: "في إطار جهودنا الدبلوماسية لمعالجة قضايا الأمن البحري، أوضحنا لغينيا الاستوائية أن بعض الخطوات المحتملة التي تتعلق بنشاط صيني هناك تُثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي".
"وول ستريت جورنال" أوضحت أن الخلاف بين القوى العظمى على دولة نادراً ما تجذب اهتمام العالمي الخارجي؛ تعكس التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، حيث يدور صراع البلدين حول وضع تايوان، واختبار صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، ومنشأ فيروس كورونا إضافة إلى جملة من القضايا الأخرى.
من كمبوديا للخليج
على الصعيد العالمي، تجد الولايات المتحدة نفسها في موضع المناورة لمحاولة منع الصين من إبراز قوتها العسكرية عبر قواعد خارجية جديدة، من كمبوديا إلى الخليج العربي.
في غينيا الاستوائية، من المحتمل أن يراقب الصينيون مدينة باتا الساحلية بغينيا، وفقًا لمسؤول أمريكي.
وتمتلك باتا بالفعل ميناء تجاريًا صينيًا في المياه العميقة على خليج غينيا، وتربط الطرق السريعة الممتازة المدينة بالجابون وداخل وسط إفريقيا.
وقال مسؤول أمركي إن الصينيين على الأرجح يريدون العاصمة الاقتصادية لغينيا الاستوائية، باتا، إضافة إلى طرق سريعة تربط المدينة بالجابون وإفريقيا الوسطى.
وأوضح قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، الجنرال ستيفن تاونسند، في شهادته أمام مجلس الشيوخ في أبريل/ نيسان الماضي أن "التهديد الأبرز" الذي تشكله الصين يتمثل في "منشأة بحرية مفيدة عسكرياً على ساحل المحيط الأطلسي في إفريقيا".
مشيرا إلى أن الميناء سيكون أكثر من مجرد ميناء للتوقف والحصول على الوقود والخضراوات، حيث ستتيح للصين إمكانية إعادة التسلح بالذخائر وإصلاح السفن البحرية.
ولم يرد جابرييل مباجا أوبيانج ليما، وزير النفط في غينيا الاستوائية وأحد أبناء الرئيس، وكذلك سفير غينيا الاستوائية في واشنطن، على طلبات "وول ستريت جورنال" للتعليق على علاقة بلدهما مع الصين.
وحصلت غينيا الاستوائية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، على الاستقلال في عام 1968. وتقع العاصمة مالابو في جزيرة بيوكو، فيما تقع باتا، أكبر مدن غينيا الاستوائية في الجزء الرئيسي من البلاد، والذي يقع بين الجابون. والكاميرون.
ويحكم أوبيانغ البلاد منذ عام 1979. ويُزعم أن اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز والنفط في الخارج عام 1996 ما سمح لأفراد عائلته بالإنفاق ببذخ على السيارات والقصور والكماليات الأخرى، وفقًا لتحقيقات مجلس الشيوخ ووزارة العدل الأمريكية.
aXA6IDMuMTQzLjIzNS4xMDQg
جزيرة ام اند امز