هجوم مطار بغداد و"الأغلبية الوطنية".. رسائل سياسية
لا تريد المليشيات وقوى "اللادولة" أن تغادر المشهد السياسي بعد تراجع دورها وخسارتها الانتخابية، دون أن تشعل الأزمات وتخلط الأدوار.
مجدداً، هاجمت 6 صواريخ كاتيوشا مطار بغداد الدولي الذي يضم مبانيَ حساسة من بينها قاعدة فكتوريا العسكرية التي تشغلها قوة مشتركة من الجانبين العراقي والأمريكي.
ويأتي هذه الاعتداء ضمن سلسلة من الهجمات شبه المستمرة تطال مناطق رئاسية ومقار أحزاب في توقيتات حرجة تتزامن مع دخول البلاد في المدد الدستورية الصعبة، لاختيار منصب شاغل رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة.
ومنذ الانتخابات التشريعية التي أطاحت بحظوظ قوى مقربة من إيران يعيش العراق أوقاتا صعبة، في ظل احتدام حاد في المواقف السياسية، والتهديد بقلب الطاولة الديمقراطية على الفائزين الكبار.
ويقترب رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي حصدت كتلته 73 مقعداً، من التحالف مع القوى السنية الأكبر وهما تقدم وامتداد، وضم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في خطة طموحة لتشكيل حكومة "الأغلبية الوطنية" التي باتت تهدد مضاجع القوى الشيعية الخاسرة.
ومع فشلها في قطع الطريق أمام خطط الصدر ترتفع حدة التصريحات الصادرة من قادة القوى المقربة من إيران والمنضوية تحت ما يسمى بـ"الإطار التنسيقي"، عن مقاطعة العملية السياسية وضرب السلم الأهلي.
ورغم إدانة الهجمات الأخيرة من قبل قوى الإطار التنسيقي إلا أن جميع الدلالات والمؤشرات تجمع على أن هذه الهجمات لا تخرج من عباءة مليشيات الإطار المسلحة، وتتبع نفس الأسلوب الذي اعتادت عليه في السنوات الماضية.
المحلل السياسي نجم القصاب يقول إن "تلك الضربات لم تكن جديدة، بل كما نتوقع أن تتكرر كلما اقتربنا من المدد الدستورية لاستكمال الأضلاع الثلاثة للدولة؛ برلمان ورئاسة وحكومة"، متهماً الأطراف الخاسرة بـ"تصعيد الموقف ومحاولة إثارة الفوضى وتوقيف الاستحقاقات الديمقراطية".
وتابع القصاب خلال حديث لـ"العين الإخبارية" "على الأجهزة الاستخبارية أن تصعد من أداء المعلومة ورفع قدراتها لا في ملاحقة الحدث بعد وقوعه، وإنما في ردعه عند أماكن التخطيط والشروع".
وأضاف "يجب التحرك والكشف وبأسرع وقت ممكن عن الجناة دون تمويه أو تمويع للحقائق عبر الإجراءات البيروقراطية التي تعتمدها اللجان التحقيقية مع كل خرق أو حادث".
وأعقب مهاجمة مطار بغداد، استنكار من قبل قوى وأطراف محلية ودولية، فضلاً عن إدانة تقدمت بها البعثة التابعة للأمم المتحدة.
من جانبه، يلفت الخبير القانوني علي التميمي إلى خطورة الهجمات الأخيرة وتداعياتها، التي يمكن أن تضع البلاد تحت طائلة عقوبات دولية.
وأوضح التميمي في تصريح لـ"العين الإخبارية" "وفقاً لتطورات الأوضاع الأمنية وخصوصاً وصول الهجمات الصاروخية إلى المطار ومدرجاته، فإن العراق بإمكانه تقديم طلب للمساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية بموجب الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين عام 2008".
ويبين التميمي أن "ضرب المطارات يعتبر عملا إرهابيا دوليا يعاقب عليه قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 وفق المادة 4 منه".
وأضاف "على الصعيد الدولي، فإن هذا العمل يخالف اتفاقية جنيف الرابعة 1949 واتفاقية الطيران المدني شيكاغو 1944 والتي اعتبرت الطائرات جزءا من تراب الدولة التي تنتمي إليها، وبالتالي يعتبر الاعتداء على هذه الطائرات هو اعتداء على تلك الدولة صاحبة الطائرة ويعرض الدولة التي بها الطائرة إلى عقوبات دولية، كونه تهديدا للسلم والأمن الدوليين وفق المواد 38 و102 من ميثاق الأمم المتحدة".
الخبير معن الجبوري، يؤكد أن صواريخ مطار بغداد "لم تكن مفاجئة مع الانسداد السياسي ومضي الصدر لتحقيق الأغلبية الوطنية التي تعني اقصاء بعض الأطراف من البيت الشيعي، وعليه كانت هذه اللغة وللأسف مستعملة ومعروفة".
ويرى الجبوري أن "القوى الخاسرة لا تؤمن بسياسة المعارضة الديمقراطية، وتصر على لعب دور سلطوي رغم الفشل والإخفاق الذي استحقته من خلال أدائها السياسي طيلة السنوات الماضية".
وعن دلالات الهجوم، يوضح الجبوري أن رسائله "سياسية وواضحة ويعد تهديدا صريحا للسلم المجتمعي، وسيكون انعكاساته وخيمة على السمعة الدولية للعراق، وأثر اقتصادي باعتبار أن البلاد تصبح يوماً بعد يوم بيئة غير آمنة لجذب المستثمرين وتحريك الأموال نحو الداخل".
aXA6IDE4LjIxNy40LjI1MCA= جزيرة ام اند امز