"العين الإخبارية" تحقق في أسباب "الموت المفاجئ" لأطباء شباب بمصر
سلطت وسائل إعلام مصرية، خلال الأشهر الأخيرة، الضوء على عدد من الوقائع، التي يفارق فيها عناصر من الأطقم الطبية الحياة بشكل مفاجئ.
بين حين وآخر، يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً مؤثرة لأطباء فارقوا الحياة في أثناء انهماكهم في أداء عملهم داخل المستشفى أو الوحدات الصحية، وهو نفس ما تعرّض له بعض العاملين بالتمريض.
تكرار الوقائع بشكل ملحوظ، وتفاعل نقابة الأطباء معها بإصدار بيانات تنعى فيها الراحلين، دفع "العين الإخبارية" إلى البحث عن إجابة لسؤال حيّر كثيرين، مفاده: مَن ينجد الأطقم الطبية من الموت المفاجئ في مصر؟
لا يوجد حصر دقيق
كشف الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة الأطباء في مصر، عن عدم وجود حصر دقيق لأعداد المتوفين من الأطباء في أثناء عملهم، مشيراً إلى أن المُعلن لا يشمل الحالات كافة.
وأضاف "شعبان" لـ"العين الإخبارية": "ما بلغنا أن معظم الوفيات هي لأطباء شباب، والسبب متعلّق بالظروف المحيطة بالواقعة، ومنها الإجهاد وقلة الراحة وعدد ساعات العمل الطويلة وغيرها".
وأشار إلى أن غالبية وفيات الأطباء المترتبة على الإجهاد، ناجمة عن إصابتهم بأزمة قلبية. وتابع: "هناك طبيب عظام داخل أحد المستشفيات سقط من الطابق الأعلى لعدم نومه لثلاثة أيام متواصلة، فأثناء حديثه في هاتفه المحمول اختل توازنه بسبب الإرهاق وسقط".
ساعات العمل الطويلة
ولفت "شعبان" إلى أن عمل الطبيب لساعات طويلة يعود إلى وجود عجز في الأطقم الطبية إضافة إلى سعيه لتحسين دخله، ما يضطره إلى العمل في أكثر من مكان لتحسين ظروف معيشته.
واستطرد: "نوبات العمل الطويلة مُجرّمة، وقد يصل الأمر إلى التحقيق مع الطبيب الذي يعمل لأكثر من نوبة عمل متصلة، فهذا أمر ليس محموداً لأنه يؤثر على أدائه".
من جانبه، ذكر الدكتور محمود سليمان، استشاري أمراض القلب بجامعة عين شمس وزميل الجمعية الأمريكية للقسطرة، أن وفيات الأطباء لأسباب بعيدة عن انتشار فيروس كورونا باتت ملحوظة في الفترة الأخيرة.
وكشف "سليمان" لـ"العين الإخبارية" أن العام الجاري شهد وفاة طبيبين كل شهر: "هذا معدل مرتفع جداً لم نره من قبل، كان العدد 3 وفيات في 2018، و11 حالة في 2019، و7 حالات في 2020، و10 وفيات في 2021".
وأوضح استشاري أمراض القلب أن ارتفاع أعداد وفيات الأطباء يعود لطبيعة عملهم، منوهًا بأن أكثر تخصصين يشهدان هذه الوقائع هما التخدير والطوارئ: "الأطباء يعملون لفترات طويلة قد تصل لـ72 ساعة متواصلة وهذا رقم كبير".
وأضاف: "الطبيب في نهاية المطاف يشعر بثقل القلب بسبب الإجهاد ويتنفس بصعوبة، وحينما يستريح أو يخلد إلى النوم يدخل القلب في مراحل مختلفة من الإجهاد التي تصل إلى ارتجاف بطيني، ويؤدي بدوره في أغلب الأحيان للوفاة، وإذا كان المريض نائماً فإنه لا يستيقظ".
وتابع "سليمان": "بالفعل قد يكون الطبيب مريضًا، لكن الملاحظة أن كل الأطباء الذين توفوا كانوا يعملون لعدد ساعات طويلة، أولًا لتعويض غيابات زملائهم، وثانيًا لمواجهة ضغوط الحياة، بشكل يستنزف طاقاتهم".
ما سبق أكده الدكتور محمد أسامة، عميد معهد القلب السابق، لـ"العين الإخبارية"، فشدد على أن أزمة عمل الأطباء لساعات طويلة نابع من رغبتهم في تحسين مستواهم المعيشي، بشكل يدفعهم للعمل ليل نهار.
حلول لمواجهة الأزمة
ونصح الدكتور محمود سليمان الأطباء خصوصا الشباب بضرورة تنظيم وقتهم في العمل قدر الإمكان.
وأضاف "سليمان" أن على المسؤولين إعادة النظر في رواتب الأطباء حتى لا يستهلكوا أنفسهم، مع تقسيم عدد الساعات المقررة عليهم على مدار الأسبوع.
وفي السياق، قال الدكتور محمد أسامة إن للمشرعين دور في إصلاح المنظومة الطبية، مشددا على ضرورة بحث هذه القضية وإجراء دراسة تحدد نسبة الوفيات بين الأطباء، ومقارنتها بمن هم في نفس أعمارهم للعاملين في المجالات الأخرى: "يجب إجراء هذه المقارنة بشكل علني، حتى نسارع لحل المشكلة حال وجودها".
وكشف الدكتور رشوان شعبان أن نقابة الأطباء تقدم دعمًا ماليًا لذوي الطبيب المتوفى: "هو في نهاية الأمر شاب وله زوجة وأطفال وأهل، وبالتالي يكون لهؤلاء دعم مالي بخلاف معاش يمنحه لهم اتحاد نقابات المهن الطبية".
وقائع متكررة
خلال الأسابيع الماضية، نعت الصفحة الرسمية لنقابة الأطباء عبر "فيسبوك"، الأطباء وأطقم التمريض الذين فارقوا الحياة في أثناء أداء عملهم.
في يوليو/تموز الماضي، نعت النقابة طبيبة التخدير بمعهد أورام دمنهور مي رافع، في أثناء أداء عملها.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، نعت النقابة طبيبين، هما أحمد محمد حسن مدرس مساعد النساء والتوليد بطب أزهر أسيوط، ومحمد زين العابدين استشاري الأمراض الباطنية بمستشفى كوم أمبو بمحافظة أسوان.
أما في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فنعت النقابة الطبيب محمود محمد عبدالوارث إخصائي الجهاز الهضمي والمناظير، بعدما فارق الحياة على إثر إصابته بجلطة في القلب في أثناء أداء عمله في مستشفى منشية البكري.
كما نعت النقابة الطبيب أحمد سليمان الذي توفي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في أثناء عمله في وحدة قاي بمركز أهناسيا بمحافظة بني سويف جنوب القاهرة.
وفي العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، نعت نقابة الأطباء الممرضة إيمان علاء، أثناء عملها في قسم العناية المركزة بمستشفى المبرة للتأمين الصحي في محافظة بورسعيد شمال شرق العاصمة المصرية.
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA== جزيرة ام اند امز