الأسد يفتح دفاتر أزمة سوريا ويكشف سر الصمود
13 عاما هي عمر الأزمة في سوريا، ومعها كبرت ملفات وغابت أخرى وتبدلت رؤى ومواقف، لكن الثابت فيها أن البلد استعاد عافيته وعروبته.
ملفات راكمتها السنوات، فيها المعروف وفيها ما يظل قيد الكتمان أو في الكواليس، في حيثيات شائكة ومتداخلة اختار الرئيس السوري عرضها بميزان رؤاه ومواقفه.
- أردوغان وحماس واللاجئون.. الأسد يفتح ملفات السنوات
- "معركتنا ضد الإرهاب تحتاج لتعاون".. أردوغان يفتح باب المصالحة مع الأسد
وفي مقابلة خاصة مع "سكاي نيوز عربية"، جرت في قصر المهاجرين بالعاصمة دمشق، تحدث الأسد عن الأزمة وتداعياتها، وعن العقبات بوجه عودة اللاجئين، وعرض رؤيته للمعارضة.
فنّد ضمنيا مزاعم تحدثت عن مساعيه لتوريث الحكم لابنه، وعرّج على "سيناريوهات" قال إنها "لخلق حالة من الرعب في سوريا".
كما تحدث عن موقفه من إشارات الانفتاح التركي على التطبيع مع دمشق واحتمالات عقد قمة مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وعن قانون "قيصر" الذي أقرته واشنطن بموجب عقوبات اقتصادية فرضتها على دمشق، وطالت 39 شخصا أو كيانا، بينهم الأسد وزوجته أسماء.
وفيما يلي نص المقابلة:
• سؤال المذيع: نعود معكم إلى بداية الأحداث إلى عام 2012، هل كان بالإمكان في رأيكم تفادي ما حدث؟ هل كنتم ستخوضون الحرب، هذه المواجهة بنفس الطريقة، بنفس الرؤية على امتداد أكثر من عقد؟
** الرئيس السوري: طبعاً، من الناحية النظرية كان ممكن تفادي هذه الحرب لو أننا خضعنا لكل المطالب التي كانت تُطلب أو تُفرض على سوريا بقضايا مختلفة، في مقدمتها التخلي عن الحقوق السورية، والتخلي عن المصالح السورية، لذلك أقول من الناحية النظرية لأننا من الناحية العملية لن نذهب بهذا الاتجاه.
لكن لو افترضنا بأننا سنذهب، فهذا يعني بأننا سنتفادى الحرب ولكن سندفع ثمناً أكبر بكثير لاحقاً. هل كنا سنتعامل مع الأمور بالطريقة نفسها؟ ممكن أن يكون هناك طرق مختلفة للهدف نفسه، المهم ما هي السياسة؟ وما هي الرؤية الوطنية؟ رؤيتنا كانت الدفاع عن المصالح السورية، وعن سوريا في وجه الإرهاب، وعن استقلالية القرار السوري، فلو عدنا بالزمن إلى الوراء فسوف نبني ونتبنى السياسة نفسها.
• سؤال المذيع : هل كنت تتوقعون أن يكون الضرر والدمار بهذا الحجم، على الأقل خلال السنة الأولى؟
**الرئيس الأسد: لا، لم نكن نتوقع لأننا لم نكن نعرف ما هي الخطط المحضرة، كنا نعرف بأن هناك أشياء تحضّر لسوريا، وكنا نعرف ونعلم منذ بداية الحرب بأن هذه الحرب ستكون طويلة وليست أزمة عابرة كما كان يعتقد البعض، ولكن التفاصيل لا،لا أحد يتوقعها.
• سؤال المذيع: المعارك كانت تدور على بعد أمتار من القصور الرئاسية إن صح التعبير، للحظة، ألم تخشوا على حياتكم، على حياة أبنائكم، وهناك كانت في المنطقة سيناريوهات مرعبة الحقيقة على سبيل المثال ما حدث لرؤساء، ما حدث مثلاً للرئيس القذافي؟
**الرئيس الأسد: أولاً كل من لا يخشى الخطر هو إنسان غير طبيعي وغير متوازن، فالخوف هو جزء من طبيعة الإنسان، والشيء الطبيعي أن يخاف الإنسان، لكن الخوف له أشكال تتراوح ما بين الهلع والتوجس وما بينهما، لم نصل لحد الهلع هذا بكل تأكيد، لكن من جانب آخر أنت تعيش حالة عامة، لم أكن أنا المستهدف كشخص، كان الكل مستهدفاً، كلنا كنا نسير في هذه الشوارع والطرق والقذائف تسقط على مدى سنوات، حتى ونحن في منازلنا، لذلك يصبح الخوف والقلق جزءاً من اللاوعي.
• مداخلة المذيع: أنتم تمثلون قيادة الدولة
**الرئيس السوري: صحيح، ولكنك بالنهاية إنسان وتتفاعل مع الآخرين، فكانت حالة عامة، عندما تصبح حالة عامة لا يمكن أن تعيش مع الخوف لسنوات، يصبح جزءاً من شيء تتعايش معه بشكل يومي.
أما بالنسبة للسيناريوهات التي حصلت، الحقيقة لا، لأن هذه السيناريوهات وُضعت كما حصل مع القذافي، أو كما حصل مع صدام حسين في العراق، لكي تخلق حالة رعب، فكان لدينا في سوريا وعي للسيناريوهات التي وُضعت في الإعلام، وسُوقت في الإعلام لكي تخلق حالة من الرعب، لذلك لم تكن هذه السيناريوهات في عقولنا بشكل عام، خاصة أننا كنا نخوض معركة وجودية، المستهدف لم يكن القذافي كانت ليبيا، المستهدف لم يكن صدام حسين.. كان العراق، والمستهدف لم يكن الرئيس بشار.. كانت سوريا، عندما تضع هذه الأمور بالحسبان فأنت لن تعيش هاجس الحالات الشخصية التي حاولوا تسويقها من أجل خلق حالة من الرعب.
• سؤال المذيع: لكن في ظل هذا الضغط الكبير، هل فكرتم يوماً في التخلي عن السلطة سيادة الرئيس؟
**الرئيس السوري: لأكون واضحاً، عندما تحدثوا عن ضرورة رحيل الرئيس السوري، كانت الصورة بالشكل الآتي: بأن المشكلة هي مشكلة شخص، لذلك لا يمكن أن يكون هذا الشخص أهم من الوطن، وبغض النظر عن مواصفاته وصفاته يجب أن يذهب.
هذه الصورة كنا واعين لها في سوريا بشكل عام ليس أنا فقط، وإنما كدولة وكمواطنين، لذلك لم يكن هناك مطالبات داخلية برحيل الرئيس عن السلطة، عندما يرحل رئيس عن المنصب أو عن المسؤولية -لكي نكون أكثر دقة- يرحل عندما يريد الشعب له الرحيل وليس بسبب ضغط خارجي أو بسبب حرب خارجية.
فعندما يكون بسبب داخلي هذا شيء طبيعي، أما عندما يكون بسبب حرب خارجية، عندها يكون اسمه هروب وليس تخلي عن السلطة، والهروب لم يكن مطروحاً على الإطلاق.
• سؤال المذيع: لكن أنتم قاتلتم. تحدي كبير. العدو، الإرهاب الذي أحاط بكثير من المناطق وحتى العاصمة دمشق، لكن هناك سيادة الرئيس مدنيون تضرروا الحقيقة، تابعنا ذلك على الأقل عبر وسائل الإعلام من قتل وتهجير ومعاناة. هل تتحملون مسؤولية هؤلاء؟
**الرئيس السوري: إذا افترضنا بأن الدولة هي من كانت تقوم بالقتل والتهجير فهي تتحمل المسؤولية، ولكن هناك إرهاب وكانت الدولة تقاتل الإرهاب، والإرهاب هو الذي كان يقتل ويدمر ويحرق.
لا يوجد دولة حتى ولو كانت تُسمى دولة بين معترضتين سيئة، تقوم بتدمير الوطن، هي غير موجودة حسب معلوماتي، إذاً فالإرهاب هو من قام بالتدمير، الدولة دورها بحكم الدستور والعرف الوطني أن تدافع عن الدولة، فهل هذا يعني بأن الإرهاب أو مواجهة الإرهاب هي التي دمرت، فلو تركنا الإرهاب تعمر الدولة؟! هذا كلام غير منطقي.
فإذاً، من يتحمل المسؤولية هو من وقف مع الإرهاب، وليس من دافع ضد الإرهاب. من يتحمل المسؤولية هو من نوى على الحرب، من خطط للحرب، ومن اعتدى، وليس المعتدى عليه.
• سؤال المذيع: نعود معك سيادة الرئيس لفكرة صمود الدولة بعد كل هذا الضغط الكبير على المستوى الداخلي، وحتى الخارجي. هل الدعم الإيراني، الدعم الروسي منذ السنوات الأولى لهذه الأزمة هو سر الصمود في هذه المعركة. الشارع العربي سيادة الرئيس يسأل عن سر بقاء الدولة السورية بعد كل هذه الضغوطات.
**الرئيس السوري: نحن بالبداية لم ندّع بأننا دولة عظمى، ولم نقل بأننا قادرون على محاربة العالم، فمن الطبيعي بأننا عندما طلبنا من أصدقائنا أن يقفوا معنا، فلأننا بحاجة لهذا الدعم، فوقوفهم معنا كان له تأثير هام في صمود سوريا، هذا شيء من البديهيات، لكن لا يمكن للأصدقاء أن يحلوا محلنا في الحرب وفي المعركة وفي الصمود، هذا شيء أيضاً من البديهيات، لكن الصمود الحقيقي هو صمود الشعب.
السؤال الذي تطرحه له عوامل كثيرة، فأنت تتحدث عن عشرات الملايين، وعن واحدة من أقدم الشعوب والمجتمعات في العالم، فهناك تراكم، اليوم نستطيع أن نقول هناك إيمان بالقضية، هناك خبرة، هناك معرفة، هناك تمسك بالحقوق، هناك وعي ونضج لطريقة اللعبة التي أُديرت بها الأمور عند التحضير لهذه الحرب، وعند بدء هذه الحرب. كل هذه الأشياء وغيرها من العوامل الكثيرة لا مجال لذكرها الآن هي التي كوّنت حالة الصمود، وليست هي قضية لا رئيس، ولا مسؤول، ولا دولة، ولا مجرد جيش.
• سؤال المذيع: كلمة السر في هذا الصمود إن صح التعبير خلال هذه السنوات، كيف يمكن أن تلخصها؟
**الرئيس السوري: كلمة السر هي الوعي للمخطط، لم نسقط ولا في فخ من الأفخاخ التي رُسمت لنا في الخارج.. الوعي هو أساس النجاح والصمود عاجلاً أو آجلاً..
• سؤال المذيع: بعد كل هذه السنين تم رفع تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية، أنتم ترفضون فكرة عودة سوريا إلى الجامعة العربية. فُتح باب التساؤل عن مستقبل العلاقة بينكم وبين هذه العواصم العربية. هل هي عودة شكلية؟ أم في رأيك سيكون لها ما بعدها، على الأقل خلال المستقبل القريب؟
**الرئيس السوري: الحقيقة أن العلاقات العربية – العربية منذ أن تكوّن عندي الوعي السياسي قبل أربعة عقود، هي علاقات شكلية، لماذا؟ لسبب بسيط، لأننا بطريقة تفكيرنا ربما على مستوى الدول، أو هي ثقافة عامة لا أدري، لا نطرح حلولاً عملية ولا نطرح أفكاراً عملية لأي شيء، نحب الخطابات والبيانات واللقاءات الشكلية، هذه طبيعة العلاقة.
فعودة سوريا هل ستكون شكلية أم غيرها، هذا يعتمد على طبيعة العلاقات العربية – العربية. هل تغيرت؟ لا أعتقد أنها تغيرت بالعمق هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا يوجد حلول للمشاكل فإذاً العلاقة ستبقى شكلية.
• سؤال المذيع: لكن على الرغم من الوعي بهذه المخاطر.. المخاطر حقيقية أصبحت في العالم العربي وكبيرة على بعض العواصم على الرغم من ذلك لماذا لم تتضافر الجهود على الأقل لأن المصلحة ستكون مشتركة؟
**الرئيس السوري: لأنك أنت أمام مرحلتين عندما يكون لديك مشكلة، الأولى هي أن ترى المشكلة، أن تفهم المشكلة، أن تشخص المشكلة، والمرحلة الثانية هي أن تضع العلاج، ونحن في المرحلة الأولى لم ننتقل للمرحلة الثانية بعد بحسب اعتقادي.
• سؤال المذيع: بالنسبة لسوريا ماذا تتوقعون من الجانب العربي؟
** الرئيس السوري: لا أستطيع أن أتوقع، أستطيع أن آمل، نأمل بأن نتمكن من بناء مؤسسات. مشكلة العرب أنهم لم يبنوا العلاقات على مؤسسات؛ لذلك لم يبنوا مؤسسات، وإذا تحدثنا عن العلاقات الثنائية فهي ضعيفة لهذا السبب والعلاقة الجماعية عبر الجامعة العربية لأن الجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي هذا هو ما نراه وهذا ما نأمل من أن نتمكن من تجاوزه.
• سؤال المذيع: بما يتعلق بالمعارضة من هي المعارضة التي تعترفون بها اليوم بعد كل هذه السنوات؟
**الرئيس السوري: بالمختصر، هي المعارضة المصنّعة محلياً لا المصنعة خارجياً، المصنعة محلياً يعني أن تمتلك قاعدة شعبية، وبرنامجاً وطنياً، ووعياً وطنياً.
فكل المواصفات الأخرى مع الجهل لا تكفي. الوعي الوطني والنية الوطنية الصادقة، عدا عن ذلك المعارضة هي شيء طبيعي نحن بشر ونختلف بالآراء في المنزل الواحد، فكيف لا نختلف على مستوى الوطن تجاه الكثير من القضايا.
• مداخلة المذيع: البعض يرى أن حتى معارضة الخارج لديها رؤية ربما تختلف مع الدولة السورية وقد تكون بالفعل تمثل جزءاً من هذا الشعب.
**الرئيس السوري: طبعاً، كلمة خارج لا تعني السوء، قد يكون معارضاً داخلياً ومرتبطاً بالخارج، وقد يكون معارضاً بالخارج ولكنه مرتبط بالوطن، فالقضية ليست لها علاقة بالخارج والداخل، لها علاقة بأين تكمن انطلاقتك من الشعب أم من المخابرات الأجنبية هذا هو السؤال فقط.
• سؤال المذيع: أنتم أعلنتم عن ترحيبكم بعودة اللاجئين الأعداد الكبيرة من اللاجئين، الملايين، لكن البعض يتخوف من فكرة العقاب بعد العودة، ماذا تقولون لهذه الملايين عبر هذه الشاشة؟
**الرئيس السوري: خلال السنوات الماضية عاد إلى سوريا أقل من نصف مليون بقليل ولم يسجن أي شخص من بينهم، لماذا توقفت هذه العودة، توقفت بسبب واقع الأحوال المعيشية، فكيف يمكن للاجئ أن يعود من دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب.
بالنسبة لنا في سوريا أصدرنا قانون عفو عن كل من تورط بالأحداث خلال السنوات الماضية طبعاً ما عدا الجرائم المثبتة التي فيها حقوق خاصة حقوق الدم كما تسمى.
• سؤال المذيع: لكن هذه النقطة الكثيرون تحدثوا عنها أنها قد تكون هي معضلة للمساءلة الأمنية وبالتالي تزيد من حالة التخوف.
**الرئيس السوري: حتى لمن يشك يستطيع أن يعود للواقع لذلك؛ أنا ابتدأت بالواقع قلت عاد نحو نصف مليون كيف يعود هؤلاء إذا كانت الدولة ستقوم بسجنهم! هذا مؤشر واقعي بغض النظر عما أقوله أنا في هذه المقابلة.
• مداخلة المذيع: ما هو التحدي الأبرز لعودتهم برأيك! لوجستياً؟
**الرئيس السوري: لوجستياً، البنى التحتية المدمرة التي دمرها الإرهاب وهذا ما يقوله معظم اللاجئين الذين نتواصل معهم يرغبون بالعودة ولكن يقولون كيف نحيا كيف نعيش؟
• سؤال المذيع: ما فرص إعادة هؤلاء خلال الفترة المقبلة في ظل التحدي على مستوى البنى التحتية بشكل كبير؟
**الرئيس السوري: الآن هناك حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني، وبدأنا نناقش معهم بشكل عملي مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل، فهناك عمل بهذا الإطار.
• سؤال المذيع: أحد التحديات في الداخل السوري التي أثرت على المحيط هي تجارة المخدرات. الدولة السورية متهمة بغض الطرف عن من يقومون بهذه التجارة، المرتبطين بمثل هذه الجرائم وتحويل سوريا إلى مركز للمخدرات الكبتاغون. كيف تردون على هذه الاتهامات؟
**الرئيس السوري: إذا كنا نحن من يسعى كدولة لتشجيع هذه التجارة في سوريا؛ فهذا يعني بأننا نحن كدولة من شجعنا الإرهابيين ليأتوا إلى سوريا ويقوموا بالتدمير ويأتوا بالقتل لأن النتيجة واحدة وأنا قلت هذا الكلام في أكثر من مناسبة، والبعض منها معلن، إذا وضعنا الشعب بين الارهاب من جانب والمخدرات من جانب فنحن نقوم بأيدينا بتدمير المجتمع والوطن ...أين هي مصلحتنا؟
لذلك عندما حاولوا استخدام موضوع المخدرات مؤخراً من قبل أمريكيين أولاً والغرب لاحقاً وبعض الدول الاقليمية لأسبابها السياسية ضد سوريا كنا نحن من أول المتحمسين والمتعاونين من أجل مكافحة هذه الظاهرة لأنها ظاهرة خطيرة بكل معنى الكلمة فمن غير المنطقي أن تكون الدولة معها.
لكن دعني أضيف نقطة حتى العصابات لا تتعامل مع دول، لأنها تعمل بشكل سري تأتي من أقصى الغرب ومن أقصى الشرق، لكي تمر بشكل سري. هي تتعامل مع أشخاص عن طريق الرشوة فلا يمكن لها أن تتعامل مع دولة لأنها عندها تصبح تجارة معلنة وليست سرية.
• سؤال المذيع: ما حجم الخطر في رأيكم فيما يتعلق بتجارة المخدرات؟ هل كان هذا الأمر مطروحاً بشكل يمثل أولوية على الأقل مع القادة العرب في القمة الأخيرة؟
**الرئيس السوري: أولاً: تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان هي موجودة لم تتوقف دائماً هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي ولكن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا وليست الدولة السورية، مع ذلك نحن كنا في حوار مع أكثر من مسؤول عربي زارنا في الاشهر أو الأسابيع الأخيرة وكان هذا الموضوع من أحد المواضيع التي طرحتها سوريا وليس هم فقط، لأنه لدينا مصلحة مشتركة معهم في القضاء على هذه الظاهرة.
• سؤال المذيع: أقترب معك سيادة الرئيس بعلاقتكم الآن مع الخارج. هناك حديث عن مفاوضات تجري بينكم وبين الأمريكيين على مستوى المسؤولين الدبلوماسيين ما الذي جرى؟ ما الذي تم التوصل إليه حتى الآن؟
**الرئيس السوري: لا شيء، الحوارات عمرها سنوات بشكل متقطع ولم يكن لدينا أمل حتى للحظة واحدة بأن الأمريكي سوف يتغير لأن الأمريكي يطلب ويطلب، يأخذ ويأخذ ولا يعطي شيء هذه هي طبيعة العلاقة مع الأمريكيين منذ عام 1974 منذ خمسة عقود، لا علاقة له بأية إدارة من الإدارات فلذلك لا يوجد لدينا أمل، لكن سياستنا في سوريا هو ألاّ تترك أي باب مغلق في وجه أي محاولة لكي لا يُقال لو فعلوا كذا لحصل كذا، ولكن لا أتوقع بأنه بالمدى المنظور سيكون هناك أية نتائج من أية مفاوضات تُعقد مع الأمريكي.
• سؤال المذيع: واشنطن تدعم التقارب العربي الإسرائيلي بشكل ملحوظ على الأقل خلال الإدارة السابقة والحالية هل تلقيتم أية عروض لإقامة علاقة مع إسرائيل؟
**الرئيس السوري: لا، نهائياً، لأنهم يعرفون موقفنا منذ بداية مفاوضات السلام في عام 1990، إن لم يكن هناك استعداد إسرائيلي لإعادة الأرض لا داعي لإضاعة الوقت. *سمعنا صوت انفجار بقلب العاصمة دمشق، وتم إعلان أن هذا استهداف إسرائيلي.
• سؤال المذيع: إلى متى سيستمر هذا؟ هل الاستهداف يطال الجيش السوري أم الوجود الإيراني في الداخل السوري؟
**الرئيس السوري: الحقيقة يستهدف الجيش السوري بشكل أساسي تحت عنوان الوجود الإيراني وسيستمر طالما أن إسرائيل هي عدو، وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئياً، لأن هذه الضربات ابتدأت عندما ابتدأ الجيش السوري بتحقيق انتصارات مرحلية في المعارك التي يخوضها ونأخذ بالاعتبار بأننا لم ننته من الحرب بعد.
• مداخلة المذيع: لأي مدى سيستمر برأيك؟
**الرئيس السوري: كما قلت لك، طالما أنّ إسرائيل عدو وتقف مع الإرهابيين سيستمر، لذلك لن يتغير.
• سؤال المذيع: لنذهب إلى الشمال لا بد من الحديث أيضاً عن العلاقة مع تركيا، لديكم شرطان لعودة هذه العلاقة مع تركيا، انسحاب القوات التركية ووقف دعم الإرهابيين، تركيا طلبت أن تلتقوا دون شروط مسبقة في ظل هذا الطرح متى يمكن اللقاء بينك وبين الرئيس أردوغان، خاصة وأنه لا يعارض هذا اللقاء؟
**الرئيس السوري: كلمة من دون شروط مسبقة للقاء يعني من دون جدول أعمال، من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير، من دون تحضير يعني من دون نتائج، فلماذا نلتقي أنا وأردوغان؟! لكي نشرب المرطبات مثلاً. نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان.
• مداخلة المذيع: لكن أردوغان يقول ما دام أن هناك إرهاب يهدد الدولة التركية لا يمكن أن تخرج هذه القوات.
**الرئيس السوري: الحقيقة، الإرهاب الموجود في سوريا هو صناعة تركية، جبهة النصرة، أحرار الشام هي تسميات مختلفة لجهة واحدة كلها صناعة تركية وتمّول حتى هذه اللحظة من تركيا، إذن عن أي إرهاب يتحدث؟
• سؤال المذيع: إلى العلاقة مع حماس سيادة الرئيس، أنتم لكم فضل كبير للدولة السورية على الحركة، لكن كيف استقبلتم موقف الحركة مع بداية الأزمة وهل عادت العلاقة على ما كانت عليه مع إعلان الحركة إعادتها مع دمشق؟
**الرئيس السوري: بعد كل ذلك الوقت أريد أن أوضح نقطة صغيرة، أن البعض من قادة حماس كان يقول بأن سوريا طلبت منهم أن يقفوا معنا، كيف يقفون معنا، كيف يدافعون عن الدولة السورية، هم لا يوجد لديهم جيش وهم بضع عشرات في سوريا وهذا الكلام غير صحيح.
الموقف نحن أعلناه بأكثر من مناسبة بأنه موقف غدر، ليس لأننا وقفنا معها لكن لأنها كانت تدّعي المقاومة في ذلك الوقت، وأنا أتحدث عن القيادات، لا اتحدث عن كل حماس، لا أعرف كل حماس، التي ادعت أنها تقف مع المقاومة هي نفسها التي حملت علم الاحتلال الفرنسي لسوريا، فكيف يمكن لشخص يدّعي المقاومة أن يقف مع احتلال نتج باحتلال أمريكي وتركي وعدوان إسرائيلي تحت علم محتل فرنسي.
هذا الموقف هو مزيج من الغدر والنفاق، أما علاقتنا اليوم هي علاقة ضمن المبدأ العام، نحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد إسرائيل لكي يسترد حقوقه، هذا مبدأ عام.
• مداخلة المذيع: هل يمكن أن تعود العلاقة لما كانت عليه في السابق؟
**الرئيس السوري: لا، حالياً ليس لديها مكاتب في سوريا ومن المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء، لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سوريا هي الأولوية بالنسبة إلينا.
• سؤال المذيع: نعود إلى مسألة الأولويات، عندما تحدثت إلى الداخل السوري، من واقع المواطن السوري والتحديات التي تواجه الدولة أعتقد البعض مع انتهاء الحرب نسبياً ورفع تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية أن الاقتصاد سيتحسن متسارعاً أو بشكل تدريجي، على الأقل سيكون هناك أمر ملحوظ سيادة الرئيس، لكن هذا الأمر لم يحدث، لماذا؟ هل في رأيك العقبة الاساسية هي قانون قيصر؟ أم ما العقبات؟
**الرئيس السوري: قانون قيصر هو عقبة لا شك، ولكن تمكنا بعدة طرق من تجاوز هذا القانون، هو ليس العقبة الأكبر، العقبة الأكبر هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين. العقبة الأكبر هي صورة الحرب في سوريا التي تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية، العقبة الأكبر أيضاً هي الزمن، بالاقتصاد تستطيع أن تضرب علاقات اقتصادية وتهدمها خلال أسابيع أو أشهر ولكنك بحاجة أيضاً لسنوات لاستعادتها، فمن غير المنطقي والواقعي أن نتوقع أن هذه العودة وهذه العلاقات التي بدأت تظهر بشكل أقرب إلى الطبيعي ستؤدي إلى نتائج اقتصادية خلال أشهر، هذا كلام غير منطقي، بحاجة للكثير من الجهد والتعب لكي نصل لهذه النتيجة.
• سؤال المذيع: ما يخص لبنان الذي يعيش الآن وضع الحقيقة على المستوى السياسي والاقتصادي وضع متردي، هل تدخلتم سياسياً لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان، وهل تدعمون المرشح سليمان فرنجية لحل هذه الأزمة في المشهد اللبناني؟
**الرئيس السوري: طالما أننا لم نتدخل لحل الأزمة في لبنان فلا يمكن أن نتحدث عن دعم أي مرشح أو الوقوف ضد أي مرشح. لا يمكن لأي طرف خارجي لا سوريا ولا غير سوريا أن يساعد في حل الأزمة اللبنانية إن لم يكن هناك إرادة لدى اللبنانيين من أجل حل أزمتهم. هذه هي المشكلة، فإذاً لا بد من دفع اللبنانيين للمزيد من التوافق، عندها يمكن الحديث عن حل هذه الأزمة. بالنسبة لنا في سوريا ابتعدنا عن الملف اللبناني منذ أقل من عقدين من الزمن ونحاول أن نبني علاقات طبيعية مع لبنان دون الدخول في هذه التفاصيل في الوقت الحالي.
• سؤال المذيع: نعود للاقتراب من نظرتك الشخصية للأحداث، مرت على سوريا حرب لأكثر من عقد، تحديات عدة، أخيراً الزلزال الذي أصاب أجزاء كبيرة من الأراضي السورية. ما هو الموقف سيادة الرئيس الذي أثّر فيك شخصياً خلال كل هذه السنوات؟
**الرئيس السوري: الحرب والزلزال.
الزلزال بلا شك هو حالة جديدة بالنسبة لسوريا لم تحصل منذ مئات السنين، وتخلق لديك شعوراً من الصعب أن أعرّف هذا الشعور، لكن وأنت تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهناك أشخاص يبيتون تحت الأنقاض بين الحياة والموت لأيام، هذا موقف إنساني له رهبة خاصة. لكن على مستوى الحرب بشكل عام هناك مواقف إنسانية لا تنتهي، هناك المدرس الذي رفض أمر الإرهابيين بعدم الذهاب إلى المدرسة، وقُتل لهذا السبب مدرسين ومدرسات، هناك عامل الكهرباء الذي أصر أن يصلح الكهرباء وقُتل وهو يعرف بأنه سيموت إلى أخره، ولكن أكثر موقف إنساني يمكن أن يؤثر فيك هو موقف عائلات الشهداء خلال الحرب، الأم والأب الذين فقدوا عدداً من الشهداء من أبنائهم وأرسلوا بقية الأبناء ليدافعوا عن الوطن، هناك مواقف إنسانية لا يمكن أن تنسى بالنسبة لنا.
• سؤال المذيع: بالنسبة لمستقبل سوريا، أنتم تسلمتم الحكم بعد والدك حافظ الأسد، رغم أنكم نجحتم بعد ذلك في الانتخابات، هل سيكون لابنك حافظ دوراً سياسياً في مستقبل سوريا؟
**الرئيس السوري: أولاً بالنسبة لي أنا شخصياً لم يكن للرئيس حافظ الأسد أي دور في أن أكون رئيساً، لأنه لم يُؤمّن لي أي منصب مدني أو عسكري كي أكون من خلاله رئيساً، أنا أتيت عبر الحزب بعد وفاته، ولم أناقش معه هذه النقطة حتى في الأسابيع الأخيرة من حياته، وهو كان مريضاً في ذلك الوقت، نفس الشيء العلاقة بيني وبين ابني هي علاقة عائلة، لا أناقش معه هذه القضايا، خاصة أنه ما زال شاباً وأمامه مستقبل علمي، أمامه مسار علمي لم ينهه بعد، هذا يعود لرغباته.
أما على مستوى العمل العام فهو يعود للقبول الوطني لأي شخص إن كان هو لديه رغبة بالعمل العام، لكن أنا في الحقيقة لا أفضل ولا أرغب بمناقشة هذه التفاصيل معه لا الآن ولا لاحقاً.
• سؤال المذيع: في الختام نظرة على كل هذه السنوات، سيادة الرئيس لو عاد بكم الزمن إلى العام 2012 منذ بداية الأحداث، ما هو القرار الذي اتخذتموه وأنتم غير راضين عنه، أو القرار الذي لو عاد بكم الزمن لاتخذتموه بطريقة مختلفة، بالنظر إلى ربما التجربة والدروس المستفادة على المستوى الداخلي وأيضاً الخارجي؟.
**الرئيس السوري: كثيراً ما طُرح هذا السؤال معي بشكل شخصي، وأقول لهم سوف تستغربون إن قلت لكم أن الكثير من القرارات التي اتخذناها لم نكن مقتنعين فيها أساساً، لم نأخذها لأننا مقتنعون بها، على سبيل المثال التغيرات التي حصلت بالنسبة للدستور وغيرها من الأشياء، كنت أقول لهم سنقوم بهذه الإجراءات ومع ذلك سوف تستمر الحرب. المظاهرات التي سُميت سلمية وتعاملنا معها في البداية بأنها سلمية وكنا نعرف بأن الكثير من الجماعات الإخونجية وغيرهم انزجوا بها وبدأوا بإطلاق النار على الشرطة وغير ذلك، تعاملنا معها كمظاهرات سلمية على الرغم من أنا كنا نعلم أنها غير سلمية. هل يا ترى لو عدنا إلى ذلك الزمن سنقوم بالشيء نفسه؟ نعم، لماذا؟ لأن التعامل مع الموضوع لا ينطلق من قناعاتك الشخصية دائماً، ينطلق من مفهوم الناس للموضوع.
فكثير من الناس كان يؤمن بأن هذه المظاهرات سلمية، وكان يعتقد بأن الدستور هو المشكلة، وكان لا بد بأن تقوم بهذه الإجراءات من أجل أن تثبت لهؤلاء الأشخاص بأن المشكلة لا دستور ولا مظاهرات سلمية، القضية أكبر من ذلك، طبعاً اقتنعوا ولكن متأخرين. فنعم، كثير من الأشياء لم نكن مقتنعين بها ولكننا سنعود ونتبعها ونتبناها مرة أخرى.
• سؤال المذيع: بالنسبة للخارج ومسألة التحالفات، كيف تنظرون لها؟
الرئيس السوري: العلاقة مع روسيا والعلاقة مع إيران أثبتت أن سوريا تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح، أما العلاقة مع الأتراك فهناك من سأل هل ذهبنا بعيداً؟ تركيا بلد جار، كان من الطبيعي أن نسعى لتحسين العلاقة معها ولو أتت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا من أجل تحسين العلاقات، فمن الطبيعي أن نعود للسياسة نفسها، وهي أن تبني علاقات جيدة مع جيرانك، هذه مبادئ وليست سياسات عابرة.
• مداخلة المذيع: وعلى المستوى العربي، هل كانت هناك طريقة أفضل للتعامل مع العواصم العربية ربما لمنع هذه القطيعة التي استمرت سنوات؟
**الرئيس السوري: نحن لم نبدأ هذه القطيعة ولم نقم بأي عمل ضد أية دولة عربية، حتى عندما عدنا إلى الجامعة العربية وأنت ربما تكون قد سمعت خطابي لم أقم بلوم أي طرف ولم أسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ بالعكس نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر للمستقبل. هل هناك طريقة أخرى أفضل؟ إذا كان هناك طريقة أخرى أفضل نتمنى أن نُنصح بهذا الشيء لنتبعه، لا يوجد لدينا مانع، لكن لا نسعى للصدامات ولا للمشاكل عبر تاريخنا، هذا جزء من سياستنا أو جوهر سياستنا.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjMuMTIwIA== جزيرة ام اند امز