مؤتمر الأزهر للسلام يواجه التطرف بالتشخيص واقتراح العلاج
كلمات المشاركين في مؤتمر الأزهر للسلام شخّصت داء الإرهاب وشرعت في وصف العلاج اللازم له
لن تستطيع وضع حلول لأي مشكلة، قبل تحديدها، وهي القاعدة التي ينطلق منها أي جهد بحثي.
وعكست كلمات المشاركين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام اليوم الخميس استيعابا لهذه القاعدة، فجاءت مشخّصة لداء الإرهاب والتطرف الذي يعاني منه العالم حاليا، ومن ثم شرعت في وصف العلاج اللازم لهذا الداء.
- دراسة: منهج شيخ الأزهر يسهم في تجديد الفكر الإسلامي
- علماء الأزهر يتحدثون لـ"العين".. كيف يجنّد الإرهابيون الشباب؟
وانطلقت أغلب كلمات المشاركين في تشخيصها للداء من رفْض الربط بين الدين الإسلامي والإرهاب، فقال د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن الإرهاب الأسود الذي يضرب الدول المسلمة والمسيحية في الشرق، لا تعود أسبابه نهائيا إلى الشريعة الإسلامية، إنما ترجع إلى سياسيات كبرى جائرة تسعى للهيمنة ونشر الانقسام.
مكاسب سياسية
واتفق البابا تواضرس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مع التشخيص الذي ذهب إليه شيخ الأزهر، وخلع عن الدين عباءة التطرف، قائلا في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأنبا بولا إن "هناك دولا بعينها هي التي تدعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة من أجل الحصول على مكاسب سياسية، مطالبا الضمير العالمي بسرعة التحرك لتجفيف جميع منابع الإرهاب العسكرية والمالية".
وتكرر التشخيص السياسي لداء التطرف في كلمة البطريارك برثيلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، والذي أشار إلى وجود مكاسب سياسية يرغب المتطرفون في تحقيقها باسم الدين.
وذهب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسي، إلى إن خطأ التشخيص من بعض الكيانات العالمية أنتج ما يسمى الآن بـ"الإسلاموفوبيا"، بل وصل الحال لصدام ديني وحضاري مباشر بين المجتمعات.
وانطلق عبد الكريم من ذلك إلى تحديد التشخيص السليم للمرض، قائلا إن" الدين ليس له علاقة بالتطرف، بدليل أن عناصر الكيانات الإرهابية أغلبهم درس وتعلم داخل دول أوروبية وخارجية".
وأكدت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات العربية المتحدة نفس الرؤية التشخيصية لمرض التطرف، فقالت إن "التطرف أساء للإسلام ودفع ضريبته المسلمون"، مؤكدة ضرورة الفصل بين الإسلام والتطرف، فصلا واضحا فكريا وسياسيا، "فتخليص صورة الإسلام من التطرف أولوية أولى".
ونوهت إلى أن الإرهاب يحاول أن يستثير صراع الهويات بين عناصر المجتمع الواحد.. وبوادر هذا الصراع بدأت تظهر في العديد من الدول.
عمل إلهي
وانطلق القس أولاف فيكس أمين عام مجلس الكنائس العالمي في تشخيصه للمرض من مقدمة ذهب فيها إلى أن "السلام عمل إلهي"، وهو ما دعاه إلى القول: "لا بد أن نواجه العنف باسم الدين.. فالعنف باسم الله هو عنف ضد الله".
واتفق هذا التشخيص مع ما ذهب إليه الدكتور القس جيم وينكلر الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة. ورفض وينكلر الربط بين التطرف والدين الإسلامي، قائلا في كلمته "لقد ناهضنا الرئيس ترامب في قراره بمنع دخول المسلمين، ولن نسمح باستعمال الكنائس لتكون منبرا لمهاجمة الإسلام والمسلمين".
الحوار والتعارف
وكما كان تشخيص الداء واضحا في الكلمات، كان العلاج أيضا، وحدده شيخة الأزهر في كلمته بـ"الحوار والتعارف".
وقال "القرآن الكريم أقر بوجود اختلاف بين البشر في العقيدة واللون والجنس، ويترتب على هذا الاختلاف حرية الاعتقاد التي تستلزم نفي الإكراه في الدين"، مشيرا إلى أن القرآن حدد العلاقة بين المختلِفين في العقائد في إطارين: الحوار والتعارف.
ووصف البابا تواضرس علاجا للداء، يتمثل في نشر ثقافة السلام والمحبة بين أفراد المجتمع، وقال إن أحد الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، هو ضمان التكافل الاجتماعي من الطبقات الغنية للطبقات الفقيرة حتى لا يكون هناك فارق شاسع بين الطبقات، يولد الفكر المتشدد والمتطرف.
وعاد البطريارك برثيلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، إلى التاريخ مستخرجا وصفة علاجية تتمثل في التعايش بين الأديان، وقال إن منطقة البحر المتوسط شهدت تعايشا بين المسلمين والمسيحيين واليهود لعقود طويلة.
وحمّل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسي المؤسسات الدينية مسؤولية العلاج، وقال: "على المؤسسات الدينية الدور الأكبر في نشر الوعي والسلام العالمي"، واصفا إياها بالسلاح ذي حدين، فإما أن تنشر السلام بنشر المناهج المعتدلة التي تدعو للتسامح والمعايشة، وإما أن تنشر التطرف والفكر المتشدد عن طريق بعض الثغرات في مناهجها.
التجربة الإماراتية
وقدمت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات العربية المتحدة، علاجا من وحي تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت: "هذه التجربة يحتذى بها في تحقيق الانفتاح والتنوع والسلام والتعايش بين أكثر من 200 جنسية عبر أراضيها".
وشدد القس أولاف فيكس أمين عام مجلس الكنائس العالمي على مبدأ المواطنة كعلاج للتطرف، قائلا: "مع تفعيل مبدأ المواطنة يكون للجميع نفس الحقوق والواجبات، بما يمكن أن يوفر الحماية والاستقرار لجميع البشر".
واختتم القس الدكتور جيم وينكلر الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة وصفات العلاج بالتأكيد على ما ذهب إليه البابا تواضرس، وهو ضرورة خلق ثقافة التسامح والتعايش السلمي، وقال في هذا الإطار، إنهم دافعوا عن حقوق المسلمين في دخول أمريكا.
وأضاف "كما نحاول الدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، نحييكم على حمايتكم حقوق المسيحيين والديانات الأخرى في مصر وفي دول المنطقة ".