شيخ الأزهر: تجاهل الدين والأخلاق جعل السلام فردوسا مفقودا
كلمة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين أمام الحضور بمؤتمر الأزهر للسلام العالمي.
دعا فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، الحضور بمؤتمر الأزهر للسلام العالمي للوقوف دقيقة صمتاً، لمواساة كل ضحايا الإرهاب في العالم أياً كانت دياناتهم وأجناسهم.
وتوجه الإمام الأكبر بالشكر لاستجابة الحضور لزيارة مصر وحضور مؤتمر الأزهر للسلام العالمي، واصفاً الزيارة بأنها جاءت في وقتها، للتأكيد على قيمة السلام الضائع الذي تبحث عنه الشعوب والرؤساء وضحايا الحروب والفارون من أوطانهم.
وقال الطيب، إن غياب االسلام "مأساة إنسانية بالغة الحزن، لم يعرف التاريخ لها مثيلاً من قبل"، مضيفاً أن الجميع يبحثون "عن سبب وراء هذه المآسي التي نعاني منها، ولا يجدون سبباً واحداً منطقياً يبرر لذلك، إلا تجارة السلاح وتسويقه وضمان تشغيل مصانع الموت والإثراء الفاحش من صفقات تسبقها قرارات دولية طائشة".
وتابع الطيب أن "مما يثير الإحباط أن تحدث هذه الأزمة في القرن الـ21؛ قرن التحضر والرقي والتقدم التقني، وعصر مؤسسات السلام والأمن، وعصر المذاهب الاجتماعية والإنسانية ومجتمع الطبقة الواحدة، والحداثة اللادينية وما بعد الحداثة".
وطرح شيخ الأزهر سؤالاً محورياً هو: "كيف أصبح السلام العالمي الآن هو الفردوس المفقود؟" "وكيف شهد عصر حقوق الإنسان تلك الأعمال الهمجية التي لم يشهدها عصر من قبل؟".
وأوضح أن الإجابة في تجاهل الحضارة الحديثة للأخلاق والقيم الدينية التي لا تتبدل للأغراض الدنيوية المتغيرة، مشيراً إلى أن تلك القيم هي الأخوة والتعارف والتراحم بين الناس، والتذكير أن الخلق كلهم هم "عيال الله".
وأكد الطيب أنه لا حل لهذه الأزمة إلا في إعادة الوعي برسالات السماء والقراءة النقدية العميقة للأفكار المنتشرة، وانتشال العقول من فقر الفلسفة التجريبة وخوائها.
وشدد على أن "الأرض الآن أصبحت ممهدة لأن تأخذ الأديان دورها، وقيمها من احترام الإنسان وتكريمه".
ولفت إلى أنه قبل ذلك يجب العمل على تنقية صورة الأديان مما علق بها من مفاهيم مغلوطة ومغشوشة، تساعد على تأجيج الصراعات وبث الكراهية.
وألا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة.. فليس الإسلام دين الإرهاب بسبب طائفة مؤمنة به، أولوها تأويلاً مغلوطاً، يروعون به الآمنين ويجدون من يدعمهم مادياً من الدول ذات الأغراض السياسية.
وأوضح فضيلته أن المسيحية ليست دين إرهاب بسبب أن طائفة منها حملت الصليب يوماً من أجل الحرب والعدوان من أجل مصالح اقتصادية أو سياسية، ولا اليهودية دين إرهاب بسبب توظيف تعاليم موسى في احتلال أراض من شعب فلسطين المغلوب على أمره، ولا الحضارة الأوروبية حضارة إرهاب بسبب حربين عالميتين اندلعتا في أوروبا وأودت بحياة الملايين، كذلك الحضارة الأمريكية ليست حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته في اليابان أثناء الحرب العالمية بإلقاء القنبلة النووية على مدينتين وتدميرهما تماماً.
وألمح إلى أن هذه كلها انحرافات، وهذا الباب (باب الاتهام بأنه دين إرهاب) لو فتح كما فتح على الإسلام الآن.. لن يسلم تاريخ أو حضارة من تهمة الإرهاب.
وتوجه الشيخ الأكبر بالشكر لقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لتصريحاته المنصفة التي تدفع التهمة عن الإسلام، قائلاً "لمسنا فيكم حرصاً على الوقوف ضد من يوظف هذه الدعاوى المغرضة ويوظفها لإشعال الصراعات".
وأكد أن الأزهر يسعى لترسيخ فلسفة العيش المشترك والحوار واحترام عقائد الآخرين والمشترك الإنساني، للسعي من أجل المستضعفين والخائفين والمعذبين والأسرى دون تمييز، واستنفاد كيان الأسرة، واسستنقاد البيئة ممن يفسدون فيها، وكذلك ضد دعوات الإلحاد، ونهاية التاريخ، والحداثة اللادينية، وفلسفات تأهلية الإنسان، ومما ينشأ عنها من كوارث دولية.
في الختام شدد على أن يكون هذا اللقاء خطوة حقيقية لنشر ثقافة السلام والتآخي والعيش المشترك بين الناس جميعاً.