الاقتصاد مفتاح السياسة.. ما وراء زيارة الدبيبة لمصر؟
رغم تحفظ العاصمة المصرية على حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة باعتبارها منتهية الولاية، فإن زيارة أجراها الأخير للقاهرة، أثارت تساؤلات حول الأسباب وسر التوقيت.
زيارة كانت مُتخمة بالتعهدات، حاول من خلالها رئيس حكومة الوحدة الوطنية (المنتهية الولاية)، كسر حالة القطيعة مع القاهرة التي كان انسحاب وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري من اجتماع في الجامعة العربية احتجاجا على ترؤس نظيرته الليبية نجلاء المنقوش له، خير دليل عليها.
هدف آخر حاول الدبيبة تحقيقه من زيارته القاهرة، ممثلا في إنهاء حالة العزلة التي تعيشها حكومته، خاصة بعد الحراك الليبي – الليبي، لاستبدالها بحكومة جديدة تنهي أزمة الانقسام المؤسسي، وتقود البلد الأفريقي حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي أرجأتها «القوة القاهرة».
فهل آتت الزيارة أكلها؟
أشار بيان صادر عن حكومة الوحدة الوطنية، إلى أن رئيس حكومة مصر مصطفى مدبولي والدبيبة، اتفقا على تقديم الدعم اللازم للقاهرة في مجال الكهرباء بهدف استقرار الشبكة العامة، وتفعيل الربط الكهربائي بين البلدين، والتعاون في تنفيذ المشروع الوطني للصرف الصحي الذي أطلقته حكومة الوحدة الوطنية، والاستفادة من التجربة المصرية في هذا الملف «الهام».
وتعاني مصر مؤخرًا أزمة في الكهرباء، بسبب نقص في الغاز الطبيعي، أدى إلى قطع التيار لمدد تصل إلى 3 ساعات، إلا أن حكومة القاهرة وعدت مواطنيها بحلول عاجلة للأزمة، في الأسبوع الأخير من يوليو/تموز الجاري.
وبحسب البيان، فإن مدبولي والدبيبة استعرضا نتائج اجتماعات اللجنة العليا المصرية الليبية التي عقدت في 2021 بالقاهرة، والتنسيق لعقد الاجتماع المقبل لزيادة التعاون وتعزيز الاستثمار، إضافة إلى مناقشة دعم القطاع الخاص بالبلدين، وعقد المعارض والمؤتمرات للصناعات المصرية والليبية، وتشكيل مجلس رجال الأعمال المصريين الليبيين، تحت إشراف الحكومتين وتقديم الدعم اللازم لهم.
وبالنظر إلى الملفات التي تناولتها الزيارة، فإن الجانب الاقتصادي كان الشق البارز فيها، فماذا يعني ذلك؟ وهل حاول الدبيبة استغلال أزمة الكهرباء في مصر وغيرها من الملفات الاقتصادية التي تناولتها الزيارة؛ للحصول على ضوء أخضر من القاهرة باستمرار حكومته، وخاصة وأن البلد الأفريقي له ثقل سياسي كبير ومؤثر في محيطه؟
هل كان الاقتصاد مفتاح السياسة؟
يقول خبراء استطلعت «العين الإخبارية» آراءهم، إن الدبيبة حاول مخاطبة ود القاهرة بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، عبر الملف الاقتصادي، مشيرين إلى أنه سعى للحصول على شرعية تمنحه المزيد من الوقت للبقاء في السلطة.
ويرى رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة، الدكتور يوسف الفارسي، أن زيارة الدبيبة إلى مصر الغرض منها أكثر التقرب إلى القاهرة، عازيًا سر التوقيت إلى سببين؛ أولهما: الوضع الاقتصادي بمصر، ما دفعه لمحاولة التقرب عبر استعراض ملفات اقتصادية، وثانيهما: وجود ضغوط دولية لإمكانية تشكيل حكومة موحدة وعزله من منصبه، مما دفعه للمسارعة إلى فتح باب حوار مع دولة ذات ثقل بالمنطقة، وهدف استراتيجي للعملية السياسية في ليبيا.
وأوضح أن الدبيبة غازل القاهرة بالملف الاقتصادي، متعهدًا بتقديم استثمارات من جانب حكومته على اعتبار سيطرته على المصرف المركزي، في محاولة «لاستغلال حاجة مصر الاقتصادية، وتخفيف الأعباء عليها».
إلا أنه رغم أن تلك المحاولات «جاءت متأخرة»، يحاول الدبيبة إثبات لمصر قدرته على إجراء الانتخابات وتأمينها، يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة، مشيرًا إلى أنه حاول إيصال رؤيته للقاهرة بضرورة الضغط لوجود قوانين عادلة من وجهة نظره.
لكنّ «ما يطلبه صعب المنال، خاصة بعد إصدار القوانين الانتخابية من مجلسي النواب والدولة»، بحسب الفارسي الذي أشار إلى أن «مصر على علم بنية رئيس حكومة الوحدة، خاصة أنه أمر واضح بعد قطيعة ثلاث سنوات وتأكده بريادة مصر في هذا الملف، مما جعله يسعى لإعادة فتح خطوط مباشرة مع القيادة المصرية».
وأوضح أن هدف الدبيبة الأساسي «قطع الطريق على مجلسي النواب والدولة في تشكيل حكومة موحدة تقود ليبيا للانتخابات».
البقاء في السلطة
في السياق نفسه، قال المحلل السياسي، إدريس أحميد، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الدبيبة يحاول كسب ود مصر لمساعدته في البقاء في السلطة، مشيرًا إلى أن «ذلك لن يحدث، خاصة أن بقاءه شأن داخلي في ظل تمسك مجلس النواب بأن هذه الحكومة منتهية الصلاحية ويجب تشكيل أخرى تقود الانتخابات في البلاد».
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أنه رغم أهمية العلاقات الليبية – المصرية، وارتباط البلدين بجوار وتعاون ومصير مشترك، إلا أن القاهرة تفضل الحلول الليبية - الليبية.
وأشار إلى أن مصر تتمتع بالعديد من الخبرات في شتى المجالات، فيما ليبيا بحاجة إلى تعاونها لإعادة بناء المؤسسات المختلفة، إلا أنه «في ظل الانقسام وعدم وجود حكومة مستقرة، فإن أي تعاون سيكون ضعيفا وغير متكافئ ولن يساعد في الاستقرار أو تنمية البلاد».
مصر والملف الليبي
وتعد مصر لاعبًا إقليميًا مهمًا في الملف الليبي، وداعما أساسيا لاستقرار الجارة الغربية لها، فاستضافت في أكثر من مناسبة أطراف الصراع الليبي لمحاولة تقريب وجهات النظر والوصول إلى حلول ناجعة.
وفي الأيام الماضية، وجهت القاهرة دعوة لمحمد تكالة، رئيس مجلس الدولة لزيارتها، في خطوة ضمن مساعٍ مصرية لتحريك الحوار بين مختلف الأطراف الليبية.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز