بعد زيارة الدبيبة للقاهرة.. هل يمكن أن تؤمّن ليبيا احتياجات مصر من الغاز؟
زيارة ليبية هامة إلى القاهرة في وقت تحتاج فيه مصر للغاز لحل أزمة انقطاع الكهرباء.. فهل يمكن أن تؤمن ليبيا الإمدادات المطلوبة للقاهرة؟
وفي وقت سابق، بحث رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبدالحميد الدبيبة، ونظيره المصري الدكتور مصطفى مدبولي، أوجه التعاون المشترك بين البلدين، بالإضافة إلى تفعيل الاتفاقيات المُبرمة بينهما من قبل، بالإضافة إلى الاتفاق على تفعيل الربط الكهربائي بين البلدين، وتقديم الدعم اللازم لمصر في هذا المجال.
وتحاول القاهرة استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء، وخاصةً مع اشتداد ذروة الاستخدام في الصيف وزيادة الاستهلاك، حيث تقوم ليبيا بإجراء عمليات تنقيب مبدئي عن حقول الغاز أعطت نتائج واعدة في الأشهر الماضية، ويُرجح أن يشتعل معها التنافس على حقوق الاستثمار بها بين الشركات الدولية والإقليمية.
- تونس تتعهد بعدم قطع الكهرباء خلال الصيف.. كيف استعدت للأزمة؟
- تباطؤ نمو الوظائف وصعود البطالة إلى 4.1%.. ماذا حدث للاقتصاد الأمريكي؟
ويقول محلل أسواق الاقتصاد والطاقة، الليبي علي الفارسي: "إن زيارة رئيس حكومة الوحدة إلى مصر تأتي في إطار سياسي أكثر من كونها للتعاون الاقتصادي".
وأكمل الفارسي في حديث لــ"العين الإخبارية" أنه: "بفضل دعم القوات المسلحة العربية الليبية لعمليات الأمن أصبحت أغلب الحقول النفطية بالجنوب الغربي والشرقي آمنه لدرجة عودة أغلب المشاريع الاستثمارية من كبار المستثمرين وكبار شركاء النفط الليبي، وكذلك أيضا استقرار عمليات التصدير بالموانئ النفطية مما ساهم في ضمان أمن الطاقة الإقليمي أيضا تعزيز استقرار اقتصاد ليبيا المحلي وتوفر الكهرباء والمحروقات واستقرار الشبكه العامة للكهرباء مقارنةً بالسنوات الماضية".
وأوضح الفارسي أن إنتاج ليبيا من الغاز وفقا للجهات المعنية يبلغ من 30 مليون إلى 35 مليون مليون متر مكعب يوميًا، و15 مليار متر مكعب سنويًا، ويذهب للاستهلاك المحلي أغلبه، ويصدر الباقي إلى إيطاليا. ويتطلب رفع إنتاج ليبيا والتفكير في تصدير الغاز لدول الجوار يحتاج تحقيق اكتفاء ذاتي داخلي أولا ثم الاستثمار الطويل الذي يحتاج 3 سنوات على الأقل وميزانيات فوق 5 مليارات دولار، وبالتالي يصبح الأمر ممكنا لليبيا، خاصة وأن لديها قدرات بحرية وبرية هائلة تضعها من ضمن رواد الغاز بالمنطقة.
الإنتاج المصري من الغاز
وأشار الفارسي إلى أن القاهرة تحاول تخفيض صادارتها لاستخدام الغاز لحل الطلب المتزيد الداخلي بسبب توسع المشاريع الإنتاجية وتحول مصر للاستثمار، حيث يجب أن يصاحب ذلك رفع القدرات من الإنتاج لكل من الغاز والنفط، أو توقيع اتفاقيات جديدة وتفعيل أنبوب شرق المتوسط وتسجيل الغاز بمحطات أسيوط ثم تصديره نحو أوروبا أو استخدامه.
وأوضح أن لدى مصر فرص متعددة واعدة ولكن تحتاج وقتا، موضحا أن حديث وكالات الأنباء غير واقعي لا يتناسب مع الواقع الفني حول وجود ثروات هائلة من الغاز، ولكننا يجب أن نأخذ في الاعتبار المدة الزمنية لاستثمار هذه الثروات واستخراجها.
وعن توافق الغاز الليبي مع المحطات المصرية، أوضح محلل أسواق الاقتصاد والطاقة، أن الغاز الليبي ذو جودة عالية ويستخدم في العالم كافة، مشيرًا إلى أن إنشاء أنابيب بين ليبيا ومصر من اختصاص المؤسسة الوطنية للنفط وهو أمر سيادي.
وأكد على أن مصر دولة شقيقة وليبيا لديها استثمارات ضخمة بمصر والتفكير في التحول بالمنطقة إلى استثمارات مختصة بالطاقة الشمسية والكهرومائية يفيد شعوبنا ويعزز الاستقرار وأمن الطاقة، مشيرًا إلى أن الاستثمار بدول أفريقيا ومصر أمر يعزز من قيمة ليبيا بشكل إقليمي وتأثير ها أيضا عبر الثروات الطبيعية.
وشدد المحلل الليبي على أن استقرار ليبيا ينعكس على استقرار مصر بالتحديد والاعتماد على موارد طاقة خارجية للقاهرة يجب أن تكون مصادرها مستقرة ومستدامة وعبر اتفاقيات طويلة الأجل، لكن ذلك يصطدم بضعف الاستثمارات الداخلية بمجالات الغاز، لافتا إلى أن تفعيل الربط الكهربائي يعزز استقرار الشبكة، ولكن يحتاج الجانب الليبي لرفع قيمة القدرات قبيل ذلك.
احتياطيات ضخمة
وحول الاحتياطيات الليبية من الغاز، أوضح الفارسي أنها قد تتجاوز 80 تريليون قدم مكعب، وفقا لدراسات سابقة حول ما تمتلكة البلاد.
أما المستشار الليبي في قطاع النفط والغاز، الدكتور عبدالجليل معيوف، فيرى أنه لا يوجد سابقا أي تعاون بين ليبيا ومصر فيما يخص تصدير الغاز.
ويضيف معيوف في حديثه لــ"العين الإخبارية" أنه بخصوص ملائمة الغاز الليبي لمحطات الكهرباء المصرية فإنه لا توجد مشكلة.
وأوضح أن ليبيا مرتبطة بعقد طويل الأجل مع إيطاليا يمتد إلى سنة 2043، حيث إن الغاز الليبي يمثل 15% من استهلاك إيطاليا، مشيرا إلى أن هذا الغاز يمر عبر خط Green Stream ويمتد من حقول الغرب الليبي إلى جنوب إيطاليا، لافتا إلى أنه بخصوص الغاز المنتج من شركة سرت في الشرق الليبي فهو يغذي كل محطات الكهرباء والمجمعات في ليبيا.
وتابع أنه بحسب المعلومات المتوفرة حتى الآن، فإن إنتاج مصر من الغاز يفوق إنتاجه في ليبيا، أما بخصوص احتياطيات الغاز الليبي غير المكتشف فهي كبيرة في حقول الحمادة ومسطح برقة.
ومن جانبه، أوضح أستاذ هندسة البترول والطاقة بجامعة عين شمس، الدكتور رمضان أبو العلا، أن التصدير من ليبيا لمصر يحب أن يكون عن طريق السفن المعدة خصيصا لذلك.
وأضاف أبو العلا في حديث لـ" العين الإخبارية" أن تلك السفن يجب امتلاكها القدرة على التعامل مع استيعاب الغاز وإسالته قبل ضخه في محطتي إدكو ودمياط، مؤكدًا أن ذلك سوف يوفر على مصر ملايين الدولارات نظرًا لقرب المسافة القصيرة جدًا بين الدولتين، وخاصةً بين مينائي برقة ودمياط أو إدكو.
ولفت إلى أن الشكر موصول للمبادرة الليبية، إلا أن الأزمة بدأت في الانتهاء بالتعاقد على 17 سفينة أو شحنة وسوف تصل بالتوالي إلى مصر.
وأكمل أن محطات الغاز المصرية مستعدة للغاز القادم من ليبيا أو الجزائر، مع وجود بنية تحتية مصرية قادرة على استيعاب أنواع الغاز من أي دولة.
وحول استحواذ إيطاليا على الغاز الليبي واحتمالية عدم السماح بحصول مصر على كميه كافية، أشار إلى أن روما عضوة في منتدى غاز شرق المتوسط الذي ترأسه مصر وسوف تتبنى الشركات الإيطالية العاملة هناك الكثير من المرونة للمشاركة في حل مشكلة القاهرة.
الزيارة الثانية
يذكر أن تلك الزيارة هي الثانية للدبيبة، إلى القاهرة منذ توليه الحكومة في فبراير/شباط عام 2020، والأولى نتج عنها اجتماعات اللجنة العليا المصرية - الليبية المنعقدة في 2021 بالقاهرة، والتنسيق لعقد الاجتماع القادم للجنة لزيادة التعاون وتعزيز الاستثمار.
وسبق أن وقعت مصر وليبيا خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة، بحضور الدبيبة ومدبولي، 13 اتفاقية مشتركة، وذلك في سبتمبر/أيلول 2021، وتضمنت مجالات المواصلات، والكهرباء، والبترول، بالإضافة إلى البنية التحتية، والشباب والرياضة، والتأمينات الاجتماعية.
وكانت اللجنة المشتركة بين مصر وليبيا توقفت عن عقد اجتماعاتها في عام 2009، وعقب اجتماعها منذ قرابة 3 أعوام زار مدبولي ليبيا، وعقد اجتماعاً مع الدبيبة بالعاصمة طرابلس.
ويتولى ائتلاف الشركات المصرية، المكون من «أوراسكوم» و«حسن علام» و«رواد الهندسة الحديثة»، تنفيذ مشاريع كبيرة في العاصمة طرابلس، من بينها مشروع الطريق الدائري الثالث الذي تبلغ تكلفة تنفيذه 4.263 مليار دينار (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع طريق غات - أوباري جنوب غربي ليبيا."