قطر تحت مجهر المحققين.. تمويل "مفرخة إرهابية" للإخوان بفرنسا
باريس فتحت تحقيقاً بشأن تمويلات مشبوهة لمؤسسة تعليمية تديرها إحدى منظمات الإخوان في فرنسا، وتتلقى تمويلاً من قطر.
لا يمر يوم إلا وتتكشف فصول جديدة بملف تمويل قطر لشبكة من المنظمات المقربة من الإخوان الإرهابية في أوروبا، بهدف واضح هو نشر أيديولوجية الجماعة المتطرفة.
ورغم سياسات الخداع والعمل السري، تتمكن المجتمعات الأوروبية من كشف حقيقة تنظيم الإخوان الإرهابي وخططه للسيطرة على المجتمعات عبر التسلل إلى مؤسساتها وتجنيد أكبر عدد من الأتباع.
صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية كشفت أن باريس فتحت تحقيقاً بشأن تمويلات مشبوهة لمؤسسة تعليمية تديرها إحدى منظمات الإخوان في فرنسا، وتتلقى تمويلاً من قطر، وهي المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في "سان دوني" بالضاحية الشمالية للعاصمة باريس.
المعهد يعد بمثابة "مفرخة للإرهاب" حيث إن كثيرا من المتورطين في هجمات بفرنسا مروا على هذا المعهد ودرسوا به واعتنقوا الفكر المتطرف أبرزهم رضا هام وأنيس مدني.
رئيس هذه المؤسسة المحسوبة على تنظيم الإخوان هو أحمد جاب الله تونسي الأصل وهو ضمن الشخصيات المقربة لزعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، وخيط رابط للحركة الإخوانية مع أوروبا وخاصة بفرنسا من خلال استقطاب الجالية التونسية هناك.
نشر التطرف
وتحت عنوان "في سان دوني.. مدرسة الأئمة بمرمى العدالة"، قالت الصحيفة إن المدعي العام الفرنسي في مدينة بوبيني بإقليم، سين سان دوني، فتح تحقيقًا أوليًا بشأن "خيانة الأمانة" و"إخفاء خيانة الأمانة"، قبل شهر ضد إدارة المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، الممول من الدوحة.
وأوضحت أن هناك مناطق رمادية غامضة تطال المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في سان دوني، المعروف اختصارًا باسم (IESH)، والذي يقوم بتدريب الأئمة والمدرسين في المدارس القرآنية وأيضًا المواطنين العاديين الذين يرغبون في تعلم اللغة العربية أو الاقتراب من الإسلام"، ويتخرج في تلك المدرسة سنوياً نحو 1500 طالب.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن المؤسسة التي تستفيد من "الاعتراف الأكاديمي الصادر عن جامعة كريتيل" ولديها شراكات مع جامعات، مثل المعهد الكاثوليكي في باريس، في حقيقة الأمر واجهة لواقع أكثر غموضاً حول تمويل وأهداف تلك المؤسسة والمنظمة التي تديرها، سواء في محتوى التدريس، أو البرامج التي تتوفر مع ذلك على موقع المعهد على الإنترنت، وأيديولوجية المؤسسين والأساتذة وكذلك مصادر التمويل.
وأضافت: "نحن قادرون على الكشف عن أن المعهد الأوروبي للدراسات الإنسانية، المعروف لدى المخابرات الفرنسية بأنه مؤسسة تعمل بشكل غير مريح، وتقوم للدعوة إلى الإسلام الراديكالي المتطرف".
ولفتت إلى أن تلك الشبهات التي تطول المعهد المحسوب على تنظيم الإخوان هو هدف تحقيق أولي، فتحه المدعي العام في "سين سان دوني" 18 يونيو/حزيران الماضي يتضمن اتهامات بإساءة استغلال الثقة والتواطؤ وإخفاء هذه الجريمة.
وقد أوكلت التحقيقات إلى الهيئة المالية التابعة للشرطة القضائية في باريس للبحث حول مصادر تمويل المؤسسة.
وسلطت الصحيفة الفرنسية الضوء على رئيس المؤسسة، واصفة إياه بأنه رجل ذو شعر أبيض ونظارة على أنفه، وينحدر من أصل تونسي وهو أحمد جاب الله، الذي حضر أمام قاضي التحقيق لتقديم معلومات حول المعهد.
وقالت "لوباريزيان" إن جاب الله يحمل سيرة ذاتية متناقضة فهو (إمام، أستاذ علم اللاهوت، ودكتور لتدريس علوم الإسلام في السوربون) ويدافع عن الإسلام السلمي المخلص للقيم الجمهورية الفرنسية، في المقابل فهو الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF)، الذي أصبح بعد ذلك منظمة مسلمي فرنسا، إحدى أذرع تنظيم الإخوان في فرنسا.
وأكدت أن انتماء جاب الله للإخوان أكبر دليل على تناقضه فيما يزعم به في خطاباته.
ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن أجهزة المخابرات خلال التحقيقات سألته عن تصريحات سابقة قد أدلى بها وهي "أن اتحاد المنظمات الإسلامية الذي تم حله وأصبح منظمة مسلمي فرنسا، هي عبارة عن صاروخ من مرحلتين، المرحلة الأولى إحلال الديمقراطية، والثانية لوضع المجتمع الإسلامي في المدار أي في المجتمع الفرنسي"، في إِشارة إلى دور المنظمة في إقحام الإسلام السياسي في المجتمع، لكنه أنكرها فيما بعد.
علاقة القرضاوي بالمعهد
ونظرًا لسرية التحقيقات وحظرها عن وسائل الإعلام، حاولت الصحيفة الفرنسية الحصول على مزيد من المعلومات بشكل ميداني داخل أروقة المعهد.
وخلال التجول في مكتبة المعهد، عثر محرر الصحيفة على كتاب محظور في فرنسا منذ عام 1995 ويعتبره البعض معاديًا للسامية وكراهية النساء، لمؤلفه المصري، يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي لتنظيم الإخوان، الذي يعد أحد رموز المعهد المشاركين في تصميم برامجه، وهو شخصية مثيرة للجدل بتطرفه.
مفرخة للإرهاب
وعثرت الصحيفة الفرنسية أيضاً في دليل الطلاب الذين مروا من خلال المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في سان دوني، على بعض الأسماء مثل اسم الإرهابي رضا هام، الذي تم تجنيده في سوريا ليأتي ويشن هجوما إرهابيا على قاعة حفلات في باريس، وأنيس مدني، الذي حكم عليه بالسجن 30 سنة في البداية لمحاولته تفجير سيارة بالقرب من نوتردام في سبتمبر/أيلول 2016، ومجموعة من طلاب المعهد الذين غادروا للقتال في سوريا.
واعتبرت الصحيفة أن مرور جميع هؤلاء الإرهابيين بالدراسة في هذا المعهد جعل السلطات الفرنسية تضاعف يقظتها، خاصة أن المعهد يقوم بتطوير مشروع طموح لحرم جامعي في سان دوني وهي مدينة داخل مدينة ولكن لا تحظى الفكرة بترحيب السلطات الفرنسية.
وتابعت: "ليس من قبيل المصادفة أن اللجنة الفرعية لمكافحة مخاطر الحريق والسلامة المهنية، قامت في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي بزيارة مفاجئة إلى المعهد وتبع ذلك رأي بأن المكان غير مواتٍ لاستقبال الجمهور، ولكن صدر قرار من المديرية بوقف عملية إغلاق المعهد"، قبل أن تشكك في التواطؤ لعدم إغلاقه.
تمويل مشبوه
وفيما يتعلق بتمويل المؤسسة، فإن المصادر المعلنة هي رسوم تسجيل الطلاب، وهي بحسب الصحيفة (2500 يورو لطلاب الدكتوراه، و275 يورو لأنشطة التدريب المسائي)، وأيضاً التبرعات عن طريقة عملية الاشتراك على الموقع الإلكتروني للمعهد.
ولفتت إلى أنه "في 18 يناير/كانون الثاني، نشر أحمد جاب الله مقطع فيديو على صفحة المعهد على فيسبوك يشير إلى أنه تم جمع مبلغ 152 ألف يورو من التبرعات".
وأشارت "لوباريزيان" المعهد واجه تحقيقا ماليا في مصادر تمويله.
ووفقا لمعلومات الصحيفة فإن السلطات تحقق في التباين حول الأرقام المعلنة للمعهد، واستثماراته العقارية.
كما تسلط العدالة الفرنسية الضوء بشكل خاص على مصادر التمويل السرية التي سمحت في عام 2018، لإقامة 26 سكنًا للطلاب في "لاكورنوف" بقيمة بمبلغ 2 مليون يورو، بجانب مشروع الحرم الجامعي.
وتتساءل السلطات عن العديد من التحويلات المالية الأخيرة من الدوحة للمعهد، وبينها في أغسطس/أب 2018، 750 ألف يورو من مؤسسة "قطر الخيرية".
aXA6IDMuMTMzLjEyMy4xNjIg
جزيرة ام اند امز