طريق الكدحة.. شريان "كسر حصار تعز" بمرمى قذائف الحوثي
أمام رفض الحوثيين رفع حصار تعز هبت المقاومة الوطنية بدعم إماراتي لتعبيد طريق في سلاسل جبلية وعرة.
لكن المليشيات التي رأت تهاوي أهم ورقة ابتزاز لجأت لقصفه.
وكثفت مليشيات الحوثي الإرهابية من قصف طريق "الكدحة" شريان كسر حصار تعز بالقذائف والطائرات المسيرة وذلك في مسعى لإبقاء الحصار كورقة ابتزاز مهمة في المفاوضات مع الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي.
- قلب اليمن يئن.. إرهاب الحوثي يطوق عنق "البيضاء"
- الحوثي يستبيح حرمة مساكن صنعاء.. محاولات لإنشاء حزام طائفي
ودفع قصف مليشيات الحوثي لطريق الكدحة للمرة الرابعة على التوالي خلال أقل من شهر الشركة المنفذة للطريق للتهديد بتعليق أعمالها حفاظًا على الأرواح والفرق الفنية، والمعدات، بعد أن طالها القصف بشكل مباشر.
وحذرت شركة "الفيصل للأعمال التجارية"، من خطر هذا الاستهداف الحوثي، الذي بات يشكل حجر عثرة أمام استكمال تنفيذ المشروع، مؤكدة أنه سيجري تعليق العمل، ما لم يتم توفير الحماية للعمال والمشرفين، وضمان سلامة المعدات التابعة لمشروع طريق الكدحة.
ويمر الطريق بين أدغال الجبال ومجاري السيول الرابطة بين مديريتي "الوازعية" و"المعافر" غربي تعز بطول 14 كيلومترا ليشكل سوق "الكدحة" الريفي التاريخي همزة وصل بين مثلث "البيرين" ومثلث "المخا بطول 40 كيلومترا.
وكان طريق الكدحة في تعز الذي وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بتشييده قد انطلق في أكتوبر/تشرين الأول ليعد إحدى أهم الهدايا الإماراتية للشعب اليمني كونه جسرا بين الساحل والجبل ويربط ميناء ومطار المخا بمدينة تعز وباقي محافظات شمال اليمن.
ورقة مساومة
ويرى مراقبون أن مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا تنظر لطريق الكدحة أنه سيفقدها إحدى أهم الأوراق التي تتخذها لمساومة المجتمع الدولي، ولابتزاز الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي الداعم لها والمتمثل برفع حصار تعز.
واعتبر الناشط السياسي اليمني أحمد النويهي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "استهداف الأعيان المدنية جريمة حرب لا تكترث لها المليشيات وليس في حساباتها إلا مواصلة العربدة والصلف الذي عرف عنها منذ اجتياحها مدن البلاد بعد انقلاب الخريف في العام 2014 وسيطرتها على صنعاء".
وقال إن "استهداف مليشيات الحوثي لطريق الكدحة يعد تبديدا لفرص السلام وعودة إلى اختراق الهدنة التي رفضت مرارا تجديدها بعد أن أبدت موافقة مشروطة بصرف مرتبات المليشيات التي تحارب في صفوفها والموظفين المدنيين الذين صادرت مرتباتهم للعام الـ8 على التوالي".
وأضاف: "توغل المليشيات في جرائمها بحق الشعب اليمني في مناطق سيطرتها بفرض إتاوات ومهرجانات تحشيد للمقاتلين، ومؤخراً تجديد استهداف طريق الكدحة في محاولة منها لإيقاف المشروع الحيوي وما يمثله من أهمية استراتيجية بتكرار استهداف الآليات والمهندسين والعمال والإنشاءات".
وأوضح أن "الحوثي شرع في استهداف آليات ومعدات شق الطريق الحيوي بعد أن بدأ الطريق الحيوي يخفف وطأة الحصار منذ عبرت أول قاطرة للغاز من عدن إلى تعز وريفها الشاسع، وبذلك بدأت تسقط أولى أوراق الابتزاز".
تعاط أممي سلبي
في السياق، قال الناشط السياسي عبدالسلام القيسي لـ"العين الإخبارية"، إن "استهداف مليشيات الحوثي لمعبر الكدحة يعد ليس إمعاناً بحصار تعز فحسب وإنما عدم السماح بالتواصل الاجتماعي بين الجبل والساحل، ويستهدف تغذية نار القطيعة بين المكونات الجمهورية في سبيل بقاء مشروع الحوثي".
وأوضح أن مليشيات الحوثي ظلت تستغل معاناة سكان تعز لتحقيق أهدافها في ظل تعاط سلبي من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن والذي يتهرب حتى الآن من توجيه أي انتقادات للمليشيات بشأن هذا الحصار الجائر.
وأشار إلى أن "مليشيات الحوثي راهنت على تعطيل مشروع معبر الكدحة الكاسر لحصارها وحاولت عرقلته عبر هجمات عسكرية فاشلة لكنها اصطدمت بدفاعات المقاومة الوطنية قبل أن تلجأ لقصفه بالطائرات المسيرة والصواريخ والقذائف".
واعتبر الناشط السياسي أن استهداف الطريق يضع جهود الأمم المتحدة على المحك كونه ليس المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، داعيا الأمم المتحدة لوضع حد لعبث المليشيات وإهدارها لفرص السلام كون أعمال التصعيد واستهداف معابر الحياة جرائم ضد الإنسانية من شأنها أن تضع المجلس الرئاسي أمام عملية وقائية وشيكة لتأديب المليشيات".
ومنذ 2016، يناور الحوثيون بالقضايا الإنسانية للهروب من استحقاقات السلام، إلا أنهم يرفضون فتح شريان إنساني واحد إلى مدينة تعز، كبرى مدن اليمن كثافة سكانية والتي يقطنها أكثر من 4 ملايين نسمة.
ويعد الحصار العسكري للحوثيين على مدينة تعز (جنوب) منذ 8 أعوام، أهم الملفات الإنسانية الشاهدة على إجرام المليشيات الانقلابية، والاختبار الصعب الذي لايزال مطروحا على طاولة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في ظل حراك تجديد الهدنة.