آل باتشينو عاشق شكسبير.. يجسد "الملك لير" في السينما
الممثل العالمي المخضرم آل باتشينو سيحقق حلمه بتجسيد شخصية "الملك لير" بعد أن جسد شخصية"شايلوك" في تاجر البندقية.
بطبيعة الحال، ليس خبراً عادياً أن يؤدي النجم العالمي آل باتشينو شخصية "الملك لير" في ملحمة شكسبير الكلاسيكية على الشاشة الكبيرة، ففي أداء هذه الشخصية ما يلامس شغف الرجل بالمسرح، وعشقه الأبدي للكاتب الإنكليزي الذي لا يكاد يخفيه في كل مرة يتاح له الحديث عنه.
في حوار مع مجلة (باري ماتش) الفرنسية، قال آل باتشينو: " قدمت إلى الفن من الشارع، ومن بيئة فقيرة جداً، شكسبير وبريشت أنقذا حياتي"، وفي حوار ثان قال: "السينما لابد أن تواصل استلهام مسرحيات شكسبير، لاسيما الجوانب الإنسانية في أعماله".
ولعل أكثر ما يعكس شغف آل باتشينو الدائم بشكسبير كان فيلمه الوثائقي الشهير "بحثا عن ريتشارد" الذي أخرجه وكتب السيناريو له بالتعاون مع وفردريك كيمبال. وتحدث فيه عن فن التمثيل انطلاقاً من حديثه عن فن شكسبير بوصفه أعظم منابع الإلهام لكثير من الفنانين في العالم.
رغم أن نجومية آل باتشينو الكبيرة جاءت من السينما، إلا أن حبه لخشبة المسرح يفوق حبه للوقوف أمام عدسة الكاميرا السينمائية، ومتعته الحقيقية في السينما أو التلفزيون، تكون في أفضل أحوالها حين ينقل إليهما عملاً مسرحياً، لقد استعار كثيراً من أدواته التمثيلية في المسرح لتجسيد شخصياته السينمائية والتلفزيونية، ولاشك ستكون المتعة بأقصى ما تكون حين يجسد شخصيات من أصول مسرحية، وهو الأمر الذي سيكون باتشينو على موعد معه حين يقف أمام كاميرا المخرج مايكل رادفورد في خريف العام 2019 بالمملكة المتحدة ليؤدي سينمائياً شخصية الملك لير.
أمام كاميرا المخرج رادفورد، في سينما مأخوذة عن نصوص شكسبير المسرحية، سبق أن قدم آل باتشينو شخصية "شايلوك" في فيلم "تاجر البندقية" (2004)، وقد نال الفيلم وقتها استحسان النقاد، ولاسيما تجسيد باتشينو لشخصية المرابي اليهودي، الذي قال عنه الناقد السينمائي الراحل فيليب الفرنسي في صحيفة "الجارديان" البريطانية بـأنه "يهيمن على الفيلم بصوته العميق وتوظيفه القوي".
مع الملك لير، سيبدو باتشينو أمام مهمة أعقد ولكنها أمتع، وتلك حقيقة يدركها من يعرف شغف الرجل بـتفكيك بنية شخصياته التمثيلية، إلى حد ينتحل هويتها كلياًـ ليصبح هو الشخصية ذاتها، ويستمر فيها حتى بعد الانتهاء من تجسيدها"، على حد تعبير أستاذه في التمثيل لي ستراسبرج.
لم يسبق لنجم العرّاب أن جسد شخصية الملك لير من قبل، سواء على خشبة المسرح أو على الشاشة، وبوصفه عاشقاً لأعمال شكسبير فهو يعرف أن الملك لير واحدة من أشهر الشخصيات المسرحية الإنجليزية، وأنها شخصية يكاد يكون تجسيدها حلماً لجميع الممثلين المخضرمين.
وإضافة إلى متعة التجسيد، سيكون باتشينو أمام متعة أخرى؛ هي التحدي، إذ سبق وجُسدت شخصية الملك لير على الشاشة في السينما والتلفزيون 13 مرة، أشهرها على الإطلاق نسخة المخرج مايكل إليوت التلفزيونية عام 1983، والتي جسد فيها الممثل الإنكليزي الكبير الراحل لورانس أوليفيه دور البطولة. ونال عليه جائزة "إيمي برايم تايم" لأفضل ممثل في دور رئيسي.
يلتقي النجمان لورانس أوليفيه وآل باتشينو عند محبتهما الكبيرة للمسرح وأعمال شكسبير على وجه الخصوص، إذ لطالما حرصا على تجسيد أعمال هذا الأخير في المسرح والسينما، فإن كان أوليفيه نال جائزة الأوسكار Oscar كممثل ومنتج ومخرج عن فيلم "هنري الخامس" المأخوذ عن شكسبير، وجائزة الأسد الذهبي، والأوسكار كأفضل فيلم وأحسن تمثيل عن فيلم "هاملت"، فهل يكون ذلك ملهماً ليحقق باتشينو مع الملك لير بنسخته السينمائية، الأوسكار وأكثر ...؟!
منتج فيلم "الملك لير" باري نافيدي، الذي سبق أن شارك في إنتاج فيلم باتشينو "تاجر البندقية" أكد أن فريق العمل لديه الطاقة والرغبة بإنتاج عمل ملحمي عن الملك لير، وقال في حوار مع "فاريتي": "سيكون الفيلم صادقاً مع فترته، وهو يشبه إلى حد بعيد المظهر الكلاسيكي لتاجر البندقية"، واصفاً أن النسخة السينمائية "مخلصة جداً" لشكسبير".
حتى الساعة كل تفاصيل الفيلم المنتظر تؤكد أننا سنكون أمام عمل ضخم عن شكسبير، فإذا ما صدقت التوقعات، فإن آل باتشينو سيكون الأكثر سعادة بذلك، لا لأنه يجسد دور البطولة فيه وحسب، وإنما لأنه يكون قد جسد عشقه لشكسبير بـأبهى صورة.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA=
جزيرة ام اند امز