"القاعدة" بعد الظواهري.. تآكل القيادة المركزية ونشاط في الأفرع
يرجح محللون أمريكيون أن يحدث مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، أثرا محدودا على عمليات التنظيم في المستقبل.
وقال تحليل لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه على الرغم من الفوائد الرمزية القوية للتخلص من زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري، إلّا أنه من غير المرجح أن يؤثر مقتله على العمليات اليومية للتنظيم، والتي تقودها بشكل متزايد فروع خطيرة في أفريقيا.
وكانت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار نٌفذت في أفغانستان نهاية يوليو/تموز قتلت الظواهري، الذي شغل منصب نائب زعيم تنظيم القاعدة لفترة طويلة وتولى قيادة التنظيم بعد مقتل أسامة بن لادن في عام 2011.
ووفقا لكاتبي التحليل، ماثيو لفيت وهارون زيلين، فإن مقتل الظواهري ينذر بحقبة جديدة لتنظيم القاعدة، تتراجع فيها ثقة التنظيم في قيادته العليا.
وبخلاف سلفه، لم يكن الظواهري معروفاً بخطابه الملهم أو بذكائه الإعلامي، مفضلاً الأطروحات الطويلة والمملة والخطب المصورة التي دفعت كٌثرا إلى اعتباره زعيماً إرهابياً أقل لمعانا من بن لادن.
ومع ذلك، كان الظواهري بلا شك مسؤولاً عن جزء كبير من الأساس الفكري للأجندة الدولية للقاعدة والمتمثلة في القيام بهجمات إرهابية كبيرة الحجم وتعزيز الحكم الإرهابي.
واليوم، تجد بعض فروع التنظيم، خاصة في الصومال ومالي، نفسها في مواقع قوة لمواصلة هذه المهمة.
فشل ونجاح
وكان الظواهري، خلال قيادته للتنظيم المتطرف، يجد نفسه في كثير من الأحيان يتعامل مع التفاصيل المزعجة لإدارة منظمة كبيرة بعد مقتل بن لادن، خاصة جمع التبرعات، لكن الحرب الأهلية في سوريا قدمت ساحة جديدة سعى من خلالها أن يظهر أهميته.
ففي وقت مبكر من النزاع السوري، أرسل الظواهري كبار مقاتلي القاعدة من أفغانستان وباكستان لإنشاء شبكة إرهابية في سوريا بين عامي 2012 و2015، بهدف واضح هو تنفيذ هجمات في الخارج.
لكن خلال السنوات القليلة التالية، تغيرت حظوظ تنظيم القاعدة في سوريا، حيث قتلت الغارات الجوية الأمريكية العديد من قادة الشبكة وقلصت أعداد العناصر القديمة في تنظيم القاعدة الذين كانت خبرتهم تعود إلى أفغانستان في الثمانينيات.
واليوم، لا تعمل الجماعات التابعة للقاعدة في سوريا. كما أن "جبهة النصرة"، انفصلت عن التنظيم في عام 2016، ثم اندمجت مع جماعات أخرى وأعادت تسمية نفسها بـ"هيئة تحرير الشام" في عام 2017.
وبعد ذلك، بدأت الجبهة بقمع منافسين لها مثل تنظيم "حراس الدين" بشكل جدي، فقضت بذلك نوعاً ما على هذه الخلية بحلول يونيو/حزيران 2020.
وعلى الرغم من أن مساعي الظواهري لم تنجح في سوريا، فإن جميع فروع تنظيم القاعدة خارج تلك الساحة ظلت موالية له ولقضية التنظيم حتى في ظل انتشار تنظيم "داعش".
وفيما تعانى بعض من تلك الفروع من تحديات، تحقق أخرى، لا سيما في الصومال (حركة الشباب) ومالي (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين)، تقدماً كبيراً حالياً وتواصل تحقيق انتصارات ضد الحكومات المحلية.
ووفق التحليل، من المتوقع أن تستمر أقوى أذرع شبكة القاعدة في تهديد وزعزعة استقرار مساحات واسعة من أفريقيا بعد مقتل الظواهري.
وتمثل خلافة الظواهري أولوية للتنظيم في وقت يستمر فيه في التنافس مع تنظيم "داعش" على جذب الأتباع والمجندين.
مستقبل القاعدة فى أفغانستان
أما عن مستقبل "القاعدة" بأفغانستان، فبالنظر إلى أن الظواهرى قتل في منزل تابع لوزير داخلية حكومة طالبان سراج الدين حقاني، فثمة شكوك فى نوايا الحركة الحاكمة لأفغانستان فى تنفيذ التزامها بعدم السماح للتنظيم بالعمل على أراضيها.
وأشار تقرير لمجلة "فورين أفيرز" إلى تقديرات سابقة للبنتاجون تعتقد أن هذا التقييد التي تمارسه طالبان لأعضاء التنظيم حاليا هو مؤقت وقد يمتد من عام لعامين على أقصى تقدير، حتى تحصل الحركة الأفغانية على الشرعية والاعتراف الدولي.
لكن مرة أخرى لا يمكن القطع بأن أفغانستان ستكون أرضا آمنة لوجود تنظيم القاعدة حتى بعد الانسحاب الأمريكي بالنظر إلى عزم الجيش الأمريكي ملاحقة قادة التنظيم، وهو ما تحقق في عملية قتل الظواهرى.
وبحسب تحليل فورين أفيرز، فإن شخصا ما من الدائرة الرفيعة المقربة من مكان إقامة الظواهري هو من كشف عنه مفضلا الحصول على المكافأة الأمريكية البالغة 25 مليون دولار بدلا من حماية "الرجل العجوز".