وثائقي عن حلب.. صناعه حلموا بالحرية فصاروا لاجئين
مجموعة أصدقاء حملوا كاميراتهم في دمشق لتوثيق الانتفاضة السورية عام 2011 ولم يتخيلوا أن تخرج الأحداث عن نطاق السيطرة لتغير حياتهم.
عندما حملت مجموعة من الأصدقاء كاميراتهم في شوارع العاصمة السورية دمشق، لتوثيق الانتفاضة السورية عام 2011 لم يتخيلوا أن تخرج الأحداث عن نطاق السيطرة لتغير حياتهم إلى الأبد.
وكانت عبيدة زيتون- وهي مقدمة برامج إذاعية تراودها أحلام كبيرة لبلادها، مفعمة بالأمل في الحرية عندما بدأت تصور المظاهرات التي اندلعت ضد الرئيس بشار الأسد في مارس/ آذار 2011. بعد 5 أعوام تعيش زيتون الآن لاجئة في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن.
وزيتون هي واحدة من المحظوظين فمعظم أصدقائها لم يخرجوا من سوريا أحياء.
وتبدو معظم مشاهد القتل والدمار التي وثقتها زيتون في مسقط رأسها بالزبداني شبيهة بشكل مخيف بالصور التي تخرج من المعركة في حلب هذا الأسبوع، حيث كسرت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها أخيراً مقاومة المعارضة، لينال الأسد أكبر انتصار له في الحرب الأهلية.
وتقول زيتون في سرد الفيلم، بينما تراقب الكلاب وهي تأكل نعجة نافقة وسط مشاهد الموت والدمار بسبب الحرب، إن ما يبقى هو "الجريمة".
وفيلم (مسرح الحرب) الذي أقيم عرضه الأول في الشرق الأوسط هذا الأسبوع في مهرجان دبي السينمائي هو وثائقي مزعج يجمع لقطات صورت داخل سوريا بين عامي 2011 و2013 ويأخذ المشاهد في رحلة تبدأ بالحماس والثورة وتنتهي بخيبة الأمل واليأس.
في أحد المشاهد في بداية الفيلم يجلس الأصدقاء معاً في شقة بدمشق وهم يدخنون ويتحدثون عن الثورة. يقول أحدهم إنه عندما يأتي عام 2014 سيكون الجميع أحراراً بينما يرد آخر بأنه عندما يأتي 2014 سيكون الجميع أمواتاً.
ويتجسد التأثير المروع للفيلم مع تورط المشاهدين عاطفياً في حياة حسام وهشام وربيع وأمل وأرغا وهم مجموعة من الشبان السوريين المفعمين بالحياة الذين يقعون في الحب ويلعبون موسيقى الميتال ويذهبون للشاطئ وتراودهم أحلام كبيرة لينتهي كل هذا بشكل مأساوي.
وتقول زيتون لصديقتها لولو في تركيا بعد أن اكتشفتا أن هشام الذي اختفى لسنوات بعد اقتياده من نقطة تفتيش لقي حتفه في السجن بسبب التعذيب المتكرر إنها كانت حب حياته.
أما ربيع وهو عازف موسيقي تقول زيتون، إن نظرته للحياة تسع الكون فقد اغتيل في سيارته. وعثرت شقيقته عليه ميتاً وحاولت بشكل يائس أن تعيد جبهته التي تناثرت أشلاؤها إلى وضعها الطبيعي لعلها تعيده إلى الحياة.
وتعاونت زيتون مع المخرج الدنماركي أندرياس دالسجارد الذي ساعدها في إخراج هذا الفيلم بعد الاجتماع معه في تركيا وعرض اللقطات عليه.
وقال دالسجارد لرويترز في دبي "أتمنى أن يشاهد العالم بأسره الفيلم وأن يفهم بشكل أعمق ما الذي يتركه السوري النازح وراءه. ما الذي يحملونه بداخلهم وما هي التجربة الشعورية التي يمرون بها".
وأضاف أنه على النقيض من التغطية الإعلامية التي تحيد عاطفة المشاهد فإن الفيلم الوثائقي مهم، لأنه يضيف وجها للمأساة ويكشف قصة خلف الألم.
ويقول "أرى الصور من حلب والكل في جميع أنحاء العالم يرى الصور من حلب لكن لا توجد صلة إنسانية. إنها تدمر حواسنا. فقط عندما نبدأ في فهم بعضنا البعض ونتواصل على مستوى إنساني أعمق يمكن أن تعود حواسنا إلى الحياة".