"سقوط حلب".. أول اختبار لتعاون ترامب مع روسيا
يشكل سقوط حلب في أيدي قوات بشار الأسد أكبر وأول اختبار لرغبة الرئيس الأمريكي المنتخب للتعاون مع روسيا، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
بينما يزيد الجدل بين قيادات العالم حول ما مستقبل الأزمة السورية، تتجه جميع العيون إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي سيتولى منصبه في 20 من يناير/كانون الثاني المقبل.
ويشكل سقوط حلب في أيدي قوات الحكومة السورية "أكبر وأول اختبار" لرغبة الرئيس الأمريكي المنتخب للتعاون مع روسيا، التي ثبتت أهمية دعمها العسكري في الحرب الأهلية السورية.
الموت والدمار اللذان تشهدهما المدينة السورية يجددان من مخاوف الديمقراطيين والجمهوريين حول مسار ترامب المحتمل الجديد، على حد ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقريرها بعنوان "بينما تسقط حلب.. يواجه ترامب اختبار التعاون مع روسيا".
وبالرغم من غموض ترامب حول خططه لمعالجة هذه المرحلة المقبلة في الصراع السوري الممتد منذ حوالي 6 سنوات، لكنه اقترح تقاربا بين الأهداف الأمريكية والروسية.
ترشيح ترامب لريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، والذي تربطه صفقات تجارية موسعة مع روسيا وعلاقات شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمنصب وزير الخارجية، أجّجت التكهنات حول احتمالية سعي ترامب نحو تقارب مع موسكو. وبحسب واشنطن بوست، منح بوتين تيلرسون في 2013 وسام الصداقة تكريما لجهوده في تحسين العلاقات الروسية الأمريكية.
في الواقع، يحاول ترامب بالفعل أن يصور علاقات تيلرسون بروسيا كأمر إيجابي، فالحديث المنتشر في كابيتول هيل وحصلت عليه وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، وفقا لواشنطن بوست، مفاده أن فريق ترامب الانتقالي يقول إن تيلرسون سيعمل "عن كثب" مع روسيا حول "هزيمة الإرهابيين، لكنه "سيتحدى روسيا ودول أخرى بسهولة إذا لزم الأمر"، والرئيس بوتين يعرف أن أقوال تيلرسون كأفعاله.
ربما تغير علاقة أكثر ودا بين البلدين السياسة الأمريكية حول الأسلحة النووية والعقوبات وأوكرانيا وقضايا أخرى لا تعد ولا تحصى، لكن لا توجد قضية واضحة وصريحة كسوريا، حيث تعتبر هزيمة الرئيس السوري بشار الأسد للمعارضة المسلحة المدعومة من قبل الولايات المتحدة "نقطة تحول"، وفقا للصحيفة الأمريكية.
أضافت الصحيفة أن الأسد وروسيا سيستغلان الموقف في محاولة إقناع الولايات المتحدة بهجر استراتيجيتها الفاشلة لدعم المعارضة المسلحة في معركتها للإطاحة بالأسد، فذلك الخيار ستقع عاقبته على ترامب.
وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب لم يعلق أو يغرد حول أزمة حلب والمخاوف واسعة النطاق حول الأزمة الإنسانية هناك، لكن تشير تعليقاته السابقة حول الصراع السوري أنه أكثر من منفتح حول تغيير سياسي.
خلال حملته الرئاسية، شدد ترامب على أن هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وليس الأسد، ستكون الأولوية القصوى، وهو ما يعكس موقف روسيا.
وضع المعركة ضد داعش كأولوية أمريكية يمكن أن يقرب بين الولايات المتحدة وروسيا في ما يتعلق بالشرق الأوسط عملا بالقول المأثور "عدو عدوي صديقي"، كما قالت واشنطن بوست التي أوضحت أن ترامب أشار إلى أنه لا يحب الأسد لكن "الأسد يقتل داعش وروسيا تقتل داعش".
كما قالت إنه خلال أيامه الأولى في الرئاسة، أشار ترامب إلى إمكانية سحب الدعم الأمريكي من الجماعات المختلفة المعارضة للأسد، حتى إنه قال في مقابلة مع إحدى الصحف عنهم "لا نعرف من هؤلاء الأشخاص".
موقف ترامب لا يطرح سياسة الرئيس باراك أوباما أرضا فقط، بل ويتعارض مع موقع حزبه هو نفسه.
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قالت إن نائب الرئيس المنتخب مايك بنس، قال خلال الحملة الرئاسية إن الولايات المتحدة ينبغي أن تشن غارات ضد قوات الأسد إذا لزم الأمر لتجنب خراب حلب. لكن اعترض ترامب على كلامه بقوله "لا أوافق"، ومن ثم تراجع بنس بسرعة عن التهديد بإجراء عسكري.
ويرى منتقدو ترامب من الديمقراطيين والجمهوريين أن تحليله لصراعات سوريا الداخلية يرسم صورة أكثر تفاؤلا حول أهداف روسيا مقارنة بالواقع.
وعلق السناتور الأمريكي جون ماكين على اختيار ترامب لتيلرسون كوزير للخارجية بقوله: "بوتين بلطجي وقاتل وأي شخص يصفه بأي وصف آخر كاذب".
بالرغم من أن الولايات المتحدة في عهد أوباما حاولت التعاون دبلوماسيا مع روسيا إلا أن اتفاقيات وقف إطلاق النار في سوريا انهارت مرارا وتكرارا، بينما كانت تتهم واشنطن موسكو بالفشل في استخدام نفوذها لمنع الأسد من انتهاك هذه الاتفاقيات.
وفي هذه الأثناء، شكل التدخل العسكري الروسي في سوريا نجاحا في مساعدة الأسد، ما جعل بوتين طرفا مهما في مستقبل سوريا.
واشنطن بوست اختتمت تقريرها بأن التعاون مع روسيا سيصعب على الولايات المتحدة جمع مؤيدي المعارضة المسلحة لدعم وساطة سلمية في سوريا. وأضافت أن أعداء الأسد يمكن أن يميلوا أكثر إلى منح المعارضة أسلحة متطورة بالرغم من احتجاجات الولايات المتحدة.
aXA6IDE4LjIyNy4xOTAuMjMxIA== جزيرة ام اند امز