حالتان يسقط عنهما الحرج.. "الفتوى الجزائرية" تحسم جدل أضحية العيد
لجنة الفتوى الجزائرية تجيز للفقراء ومن يخشون عدوى كورونا عدم شراء أضحية العيد وتدعو إلى الالتزام الصارم بتدابير التباعد الاجتماعي.
حسمت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية الجدل المثار مؤخراً في البلاد حول شعيرة نحر أضحية العيد هذا العام التي تتزامن مع تفشي فيروس كورونا.
- الجزائر تشدد القيود على السفر والتنقل للحد من تفشي كورونا
- كورونا يعيد حيوانا نادرا بالجزائر بعد غياب 40 سنة
وأصدرت اللجنة بياناً حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه "لم تسقط فيه سنة أضحية العيد"، لكنها حددت شروطاً وقائية، وأسقطت الحرج عن حالتين اثنتين، أكدت بأنه يجوز لها عدم نحر الأضاحي هذا العام.
وجاءت الفتوى عقب اجتماع مطول عقدته لجنة الفتوى مع اللجنة الحكومية لرصد ومتابعة انتشار فيروس كورونا، للوصول إلى حكم شرعي يتماشى مع خطورة الوضع الصحي.
وأكدت الفتوى أن أضحية العيد سنة مؤكدة، ودعت في المقابل إلى احترام إجراءات الوقاية من فيروس كورونا والالتزام الصارم بها.
وأجازت اللجنة نحر الأضاحي في اليومين الثاني والثالث لعيد الأضحى تفادياً للتجمعات في الأحياء السكنية أو المذابح الخاصة والحكومية.
ومنعت الفتوى ذبح الأضاحي في الشوارع والطرقات والأحياء السكنية، مع إجبار أصحابها على تعقيم أدوات الذبح والسلخ وعدم تبادلها.
ودعت إلى تفادي التجمعات والزيارات العائلية وزيارة المقابر خلال أيام عيد الأضحى والالتزام بتدابير التباعد الاجتماعي والجسدي، تفادياً لانتقال عدوى فيروس كورونا الذي انتشر في الأسابيع الأخيرة في الجزائر بشكل مريب وغير مسبوق.
حالتان فقط
في مقابل ذلك، أصدرت اللجنة فتوى تجيز لحالتين فقط عدم شراء أضحية العيد، وذكر البيان أنه "نظراً للوضع الاستثنائي وخوفاً من زيادة انتشار فيروس كورونا بسبب الأخطاء المتوقعة في أجواء عيد الأضحى، كما وقع في عيد الفطر الماضي".
وأوضحت أن "الأضحية وإن كانت من الشعائر التي ينبغي تعظيمها، إلا أن حرمة النفس الإنسانية أعظم عند الله، وعليه فمن الواجب العمل بمبدأ ترتيب الأولويات مما يقتضي تطبيق سنة الأضحية في ظروف تحفظ الصحة العمومية ولا تلحق الضرر بالنفس الإنسانية".
وأشارت إلى أن سنة الأضحية "تسقط في حق العاجز عن شرائها، خصوصاً في ظل هذه الضائقة المالية التي أثرت سلبا على القدرة الشرائية للأسرة".
كما أسقطت الفتوى شعيرة النحر "عن العاجز عن توفير شروط السلامة الصحية، وفي حق الخائف من انتقال المرض بسبب الظروف الصحية المحيطة بشرائها وذبحها، مما يرفع الحرج على من فاتته هذه الشعيرة، مع تحقق الأجر والثواب لأن الأعمال بالنيات".
وتصاعد الجدل مؤخراً بالجزائر، خصوصاً عقب التصريح الذي أدلى به عبد الوهاب بن زعيم النائب البرلماني عن حزب "جبهة التحرير الوطني" (الحاكم سابقاً) والذي دعا فيه إلى إسقاط شعيرة النحر هذا العام خشية زيادة تفشي فيروس كورونا في البلاد.
وأرجع النائب موقفه إلى "العادات الاجتماعية التي يتميز بها المجتمع الجزائري في مختلف المناسبات، خاصة خلال عيد الأضحى الذي يكون فرصة لالتقاء العائلات الجزائرية، كما تتحول أسواق الماشية إلى قبلة مئات آلاف".
وانقسم الجزائريون بين مؤيد لفكرة النائب البرلماني، ومعارض ومنتقد لها، واعتبر المنتقدون أن "التمسك بالأمور الدينية قد يجنب البلاد والعباد ما هو أسوأ ويرفع الله عنها الوباء" وفق تعبيرهم.
قرارات استباقية
غير أن عائلات جزائرية لم تنتظر صدور قرار رسمي أو فتوى تحدد شروط الذبح خلال عيد الأضحى، ومن العائلات من سارت على عاداتها السابقة بأن تشتري أضحية العيد "شهراً قبل موعده".
وقرر آخرون الاستغناء عن النحر هذا العام، كما هو حال هشام (45 عاماً) من محافظة باتنة (شرق الجزائر).
وكشف هشام لـ"العين الإخبارية" عن اتفاقه مع لحام على شراء كمية من اللحم والتصدق بمبلغ مالي، مرجعاً ذلك إلى "عدم توفر شروط الوقاية من فيروس كورونا لدى الجزارين، وإلى الاكتظاظ الذي تعرفه أسواق المواشي في مدينته".
ولم يخف خيبة أبنائه الثلاثة من قرار والدهم، وذكر بأنهم اعتادوا في الأعوام الماضية على "اللعب مع خروف العيد أسبوعاً كاملاً، وينتظرون هذا العيد كل عام بفارغ الصبر".
إلا أنه أكد بأن قراره اتخذه لحماية أبنائه وعائلته من فيروس قال عنه "إنه عدو قاتل مجهول"، مضيفاً "أفضل التفكير بعقلانية لا بالعاطفة في مثل هذه المسائل الحساسة".
وسجلت الجزائر، الثلاثاء، أكبر نسبة إصابات بفيروس كورونا المستجد منذ مارس/آذار الماضي، بـ527 إصابة جديدة مؤكدة، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 20216 إصابة مؤكدة.
ووفق آخر إحصائية لوزارة الصحة الجزائرية حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، فقد سجلت البلاد 10 وفيات جديدة، ما يرفع إجمالي حالات الوفاة إلى 1028 حالة وفاة.
وسجلت الجزائر ارتفاعاً في حالات الشفاء من "كوفيد – 19" إلى 14295 حالة شفاء بعد تسجيل 276 حالة تعافٍ جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية.