ضربة لأردوغان.. اتفاق فرنسي جزائري على حل أزمة ليبيا سياسيا
مراقبون يرون أن توافق الجزائر وفرنسا حول أزمة ليبيا مؤشر على خطوة جزائرية حاسمة ضد مخططات أردوغان
وضعت الجزائر حداً لمحاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استثمار الخلافات الدبلوماسية مع باريس، بإعلانها عن "تطابق وجهات النظر مع فرنسا بضرورة حل الأزمة الليبية سياسيا".
هذا التطابق في وجهات النظر حول الملف الليبي، جاء خلال اتصال هاتفي أجراه، السبت، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتفقا فيه على "استئناف الاتصالات بين البلدين على أعلى مستوى" في مؤشر على انفراج الأزمة بين البلدين التي لطالما استثمرها أردوغان لجر الجزائر إلى مخططاته التآمرية على المنطقة.
وقال بيان للرئاسة الجزائرية، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، إن تبون وماكرون "سجلا تطابقاً في وجهات النظر بينهما حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك والتطورات الأخيرة في منطقة الساحل وليبيا".
واتفق الرئيسان الجزائري والفرنسي على "استئناف الاتصالات بين البلدين على أعلى مستوى"، كما اتفقا على "دفع التعاون في جميع المجالات".
ويعد هذا "أول اتصال هاتفي يجريه الرئيس الجزائري مع نظيره الفرنسي" منذ توليه الحكم نهاية العام الماضي، فيما كانت الاتصالات الثلاثة السابقة بينهما بمبادرة من إيمانويل ماكرون.
وقرأ مراقبون خطوة تبون وإعلان الجزائر وفرنسا عن استئناف العلاقات بينهما على أعلى مستوى وتطابق وجهات النظر حول الأزمة الليبية، على أنه مؤشر واضح على خطوة جزائرية حاسمة ضد المخططات التركية المريبة في ليبيا التي تستهدفها وكل دول المنطقة.
ويأتي ذلك بعد أن عبرت فرنسا عن رفضها للدور التركي في ليبيا، وبدأت تحركات أوروبية لعزل تركيا عقابا على التدخل العسكري في ليبيا وإغراق هذا البلد بالمرتزقة.
وطلبت باريس التي تشهد علاقتها مع أنقرة تدهوراً على خلفية الملف الليبي، الأربعاء، من الاتحاد الأوروبي، إجراء مناقشة "بلا حدود" بشأن علاقته مع تركيا.
كما تزامن اتصال تبون وماكرون مع التصريحات شديدة اللهجة التي أطلقها الرئيس الجزائري، أوائل الشهر الحالي، والتي اتهم فيها تركيا ضمنياً بعدم الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين وبـ"إغراق ليبيا بكميات كبيرة من الأسلحة".
وفي مقابلة صحفية مع وسائل إعلام محلية، كشف الرئيس الجزائري أن "دولة لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين يمنع تدفق الأسلحة والمرتزقة، لكن هناك دولة أرسلت بعد شهر 3400 طن من الأسلحة إلى ليبيا" في إشارة ضمنية إلى تركيا.
وللمرة الأولى، وجه الرئيس الجزائري اتهامات ضمنية لتركيا بـ"نقل السيناريو السوري إلى ليبيا"، وكشف بأنه أبلغ "المشاركين في مؤتمر برلين بأن السيناريو السوري بدأ في ليبيا".
ويؤكد المراقبون على أن قرار الجزائر وفرنسا إعادة ترتيب العلاقات بينهما يأتي في خضم التغول التركي في المنطقة والذي بات يهدد دول الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط، خصوصاً مع استعماله ورقة الدواعش والمرتزقة لتقسيم ليبيا.
كما يأتي "التطابق" بين الجزائر وباريس حول أزمة ليبيا ليدحر المزاعم والأكاذيب التي سعى الإعلام القطري والتركي والذباب الإخواني لترويجها مؤخراً، وحديثها عن "توافق جزائري تركي لدعم حكومة السراج" غير الدستورية والمرفوضة من الشعب الليبي.
وتوقع المتابعون أن يلقي التوافق الجزائري الفرنسي بضلاله على تطورات الوضع في ليبيا ويزيد من عزلة النظام التركي اللاهث وراء تقسيم ليبيا ونهب ثروانها وفرض نظام إخواني موالٍ له يخدم به مصالحه ويهدد أمن دول المنطقة.
ولطالما سعى أردوغان إلى استثمار التوتر وحالة الشد والجذب التي تطبع دائماً علاقات الجزائر بفرنسا، رغم أن مراقبون يشيرون إلى أن الأطماع التركية واحدة من الملفات التي تجمع الجزائر وباريس، وتعتبرانها "جسماً خبيثاً مهدداً لأمن القارتين الأفريقية والأوروبية".
وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حاول إحراج الجزائر عقب زيارته لها نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، والزج بها في خلافاته مع باريس، خصوصاً وأنها أكثر العواصم الأوروبية والغربية التي وقفت في وجه أطماعه في أفريقيا وشمالها.
وأعادت الجزائر "كرة الحرج" إلى الملعب التركي بعدما كذبت، عبر بيان رئاسي، تصريحات أردوغان التي تحدث فيها عن طلبه ملفات أرشيفية من الجزائر عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا خلال فترة احتلالها البلاد.
واتهمت الرئاسة الجزائرية، الرئيس التركي "بشكل صريح" "بالإدلاء بتصريحات أخرجت عن سياقها حول قضية تتعلق بالجزائر لا تساهم في الجهود المبذولة من البلدين لحل قضايا الذاكرة"، مشددة على أن هذه المسائل "تعتبر حساسة جدا بالنسبة للشعب الجزائري".