أول بطاقة هوية "مسحورة" بالجزائر.. ونشطاء: "زمن رقمنة الشعوذة"
تداول نشطاء جزائريون، مساء الأربعاء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة لـ"بطاقة التعريف الوطنية" أو "بطاقة الهوية المحلية" ووصفوها بأنها "مسحورة".
هكذا بدت الصورة، بكلمات تشبه التعويذات التي يستعملها السحرة والمشعوذون لإلحاق الضرر بغيرهم "تحت طلب زبائنهم".
- جزائري يطلق تحديا غريبا.. مشى من فرنسا إلى الجزائر مرورا بـ3 دول
- صدفة "المنزل المحترق" تشعل الحرب على "الشعوذة" في الجزائر
ونشر جزائريون صورة لتلك البطاقة التعريفية البيومترية مكتوب عليها طلاسم وكلمات غير مفهومة، أوحت بأنها "تعرضت للسحر"، فيما لم يتم تحديد هوية "الساحر أو المسحور"، فيما بدت إحدى الكلمات شبه واضحة ذكر فيها "مرض السرطان".
ولعل أكثر التعليقات التي تداولها الجزائريون في تعبيرهم عن الصدمة والسخرية في آن واحد، هي أن تلك البطاقة "تؤكد أول حالة رقمنة للشعوذة في التاريخ".
ظاهرة مستفحلة
واستفحلت ظاهرة السحر والشعوذة في السنوات الأخيرة بالجزائر بشكل مريب، بعد أن تحولت كثير من المنازل والقبور إلى أوكار لإيذاء الناس من أصحاب النفوس الضعيفة، ولم يسلم منها حتى الأطفال الرضع والمرضى.
ودعا الجزائريون إلى ضرورة تحرك السلطات الأمنية والقضائية لردع هذه الظاهرة الخطرة على المجتمع، وتسليط أقصى العقوبات على السحرة والمشعوذين و"زبائنهم".
وقرر جزائريون في عدد من محافظات البلاد التصدي لظاهرة الشعوذة والسحر التي تفشت بشكل خطر في السنوات الأخيرة في البلاد، كان من بعض نتائجها "وفاة أشخاص بالسحر".
ظاهرة دخيلة
وفي وقت سابق، أكد خبراء وأخصائيون جزائريون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" على أن ظاهرة السحر والشعوذة دخيلة على المجتمع الجزائري، لكنهم قدموا في المقابل جملة من الأسباب، وكذا رأي الشرع والقانون حولها.
وقدم مختصون في الشريعة الإسلامية والقانون لـ"العين الإخبارية" أسباباً مختلفة لتفشي ظاهرة السحر والشعوذة بالجزائر، بينها نقص الوازع الديني، والغيرة والحسد، والخلافات العائلية والمهنية، وعدم تطبيق القانون على المجرمين، والجهل، رغم تأكيدهم أن الظاهرة امتدت حتى "للطبقة المثقفة".
كما أشاروا إلى خطر مواقع التواصل "التي باتت مرتعاً للسحرة والمشعوذين"، معتبرين أنها أحد أبرز أسباب تفشي الظاهرة بالجزائر، بأن أصبحت هذه الجريمة متاحة للجميع.
وذكر باحثون في الشؤون الإسلامية لـ"العين الإخبارية" جملة من الأسباب، التي حصورها في "الجهل والأمية وقلة المعرفة" مؤكدا أن هؤلاء السحرة قد يستعملون مواد سامة كيميائية وعشبية فتؤدي إلى هلاك الشخص المسحور، بينها القطع النقدية ويد الميت مع تمتمات وطلاسم بهدف استغلال الناس مادياً".
وأوضحوا أن "أكثر أنواع السحر تلك التي تلجأ لها الزوجة خشية أن يطلقها زوجها كما تعتقد، وكذا الرجال الذين يلجأون للسحر للحصول على المرأة التي يريدونها بوسائل شيطانية، وكلها صادرة عن أشخاص تجار يغررون بأولئك الأميين بأساليب مغرية ويقبضون أموالا طائلة، باستعمال مواد قاتلة".
ويعتقدون بأن القضاء على هذه الظاهرة الخطرة لا يمكن إلا بـ"إشراك وسائل الإعلام والأئمة للتحذير من خطر المشعوذين الذين همهم التغرير بالناس وجمع الأموال بدعاوى باطلة، ولا تكافح إلا بالوعي بتعاليم الدين الإسلامي التي هي ضد السحر، والله سبحانه وتعالى يحذرهم، وبعض الفقهاء يحكمون بالإعدام عليهم لأن أفعالهم تؤدي إلى مرض الناس وهلاكهم في كثير من الأحيان".
الرأي القانوني
فيما أكد خبراء قانونيون جزائريون لـ"العين الإخبارية" بأن السحر والشعوذة يعاقب عليه القانون الجزائري ضمن "جرائم النصب والاحتيال والغش واعتماد أساليب كيدية، والاستيلاء على مال الغير، والإضرار بجسد الغير وتعرضه للخطر".
واعتبروا بأن "تفشي ظاهرة السحر مرتبط بتقبل الفكر العقلي للسحر، وعرفته الكثير من المجتمعات، ونجد هذه الظاهرة الخطرة بشكل كبير في المجتمعات التي لا توجد بها ثقافة نقدية وانتشار للوعي بالمجتمع ويسود فيها الخرافة وتغييب العقل، وهي ملازمة لتخلف المجتمع ولعدم وجود رؤية مجتمعية".
وشددوا أن "وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في انتشار هذه الآفة، والتي نجدها حتى في الأوساط الجامعية ومنشرة بين المتعلمين أكثر من الأميين للأسف".
موضحين بأن "القانون الذي لا يفعل بإجراءات عملية لمراقبة الظاهرة ومتابعتها وردعها لن يكون مجدياً، وعلى السلطات العمومية أن تردع هؤلاء المشعوذين ليبقوا عبرة لكل من تسول له نفسه إيذاء الناس، وأن تشدد العقوبات ضدهم".