صدفة "المنزل المحترق" تشعل الحرب على "الشعوذة" في الجزائر
إعلان الجزائريين الحرب على السحرة والمشعوذين جاء بعد تحويل أحد الأشخاص منزله إلى وكر للشعوذة بمحافظة تبسة شرق البلاد
قرر جزائريون في عدد من محافظات البلاد التصدي لظاهرة الشعوذة والسحر التي تفشت بشكل خطر في السنوات الأخيرة في البلاد، كان من بعض نتائجها "وفاة أشخاص بالسحر".
إعلان الجزائريين الحرب على السحرة والمشعوذين جاء بعد تحويل أحد الأشخاص منزله إلى وكر للشعوذة بمحافظة تبسة شرق البلاد.
- 15 جريمة قتل "مروعة" خلال أسبوع واحد في الجزائر
- 9 آلاف اعتداء جنسي على أطفال الجزائر.. سكوت الأهل "جريمة"
فضيحة المشعوذ بدأت مع احتراق منزله لأسباب مجهولة، إذ سارع أحد شباب المدينة لإخماد النيران في المنزل الواقع بقلب مدينة تبسة، وبعد دخول الأهالي إلى البيت للاطمئنان على من فيه عثروا على أشياء لها علاقة بالسحر والشعوذة.
ونشر أهالي المدينة عبر منصات التواصل صوراً لما استخرجوه من منزل المشعوذ بعد أن أخرجوها إلى الشارع، كان من بينها كميات كبيرة من صور رجال ونساء وأطفال، من بينها صورة لامرأة مع زوجها توفيت قبل أسابيع فقط "نتيجة آلام في البطن تبين بأنه نتيجة سحر مأكول" وفق شهادات أهالي المنطقة.
كما عُثر في منزل الساحر على طلاسم وجداول مختلفة وقصاصات من المصحف الشريف، وأجزاء أخرى من مصاحف أخرى "سكب عليها مادة داكنة" وأوراق مكتوب عليها آيات قرآنية، وكذا زواحف وطيور محنطة وجلود حيوانات وأظافر وشعر وأقفال حديدية، ليسارع أهالي المدينة إلى نشر صور الضحايا عبر منصات التواصل ومطالبة أهاليهم لفك السحر وإنقاذهم.
وبعد أن أوقفته الشرطة، أدانت محكمة تبسة، الأحد، الساحر والمشعوذ الذي بلغ من العمر 50 عاماً بـ6 سنوات سجناً نافذاً، بتهمة "ممارسة الشعوذة وإتلاف المصحف الشريف والتنبؤ بالغيب وممارسة الكهانة"، وهي التهم الواردة في قانون العقوبات الجزائري في خانة "الجهل والكفر".
ولم تكن حادثة تبسة وحدها التي صدمت الجزائريين، إذ نشر رواد مواقع التواصل صورا لأدوات اكتشفها شباب متطوعون لتنظيف مقابر بالعاصمة، والتي بات يستعملها المشعوذون والسحرة لطقوسهم وإيذاء الناس.
وعثر المتطوعون على كميات كبيرة من الملابس الداخلية للنساء والرجال ورؤوس حيوانات مرعبة وطلاسم ذكروا أن غالبيتها "لحرمان الأزواج من الإنجاب".
وسارع الشباب المتطوع إلى فك السحر باستعمال الآيات القرآنية و"الماء المرقي بالقرآن" بالاستعانة ببعض الأئمة.
واستفحلت ظاهرة السحر والشعوذة في السنوات الأخيرة بالجزائر بشكل مريب، بعد أن تحولت كثير من المنازل والقبور إلى أوكار لإيذاء الناس من أصحاب النفوس الضعيفة، ولم يسلم منها حتى الأطفال الرضع والمرضى.
ودعا الجزائريون إلى ضرورة تحرك السلطات الأمنية والقضائية لردع هذه الظاهرة الخطرة على المجتمع، وتسليط أقصى العقوبات على السحرة والمشعوذين و"زبائنهم".
أسباب كثيرة
وقدم مختصون في الشريعة الإسلامية والقانون لـ"العين الإخبارية" أسباباً مختلفة لتفشي ظاهرة السحر والشعوذة بالجزائر، بينها نقص الوازع الديني، والغيرة والحسد، والخلافات العائلية والمهنية، وعدم تطبيق القانون على المجرمين، والجهل، رغم تأكيدهم أن الظاهرة امتدت حتى "للطبقة المثقفة".
كما أشاروا إلى خطر مواقع التواصل "التي باتت مرتعاً للسحرة والمشعوذين"، معتبرين أنها أحد أبرز أسباب تفشي الظاهرة بالجزائر، بأن أصبحت هذه الجريمة متاحة للجميع.
الرأي الشرعي
وذكر الباحث في الشؤون الإسلامية عمار طالبي لـ"العين الإخبارية" جملة من الأسباب، التي حصرها في "الجهل والأمية وقلة المعرفة" مؤكدا أن هؤلاء السحرة قد يستعملون مواد سامة كيميائية وعشبية فتؤدي إلى هلاك الشخص المسحور، بينها القطع النقدية ويد الميت مع تمتمات وطلاسم بهدف استغلال الناس مادياً".
وأوضح أن "أكثر أنواع السحر تلك التي تلجأ لها الزوجة خشية أن يطلقها زوجها كما تعتقد، وكذا الرجال الذين يلجأون للسحر للحصول على المرأة التي يريدونها بوسائل شيطانية، وكلها صادرة عن أشخاص تجار يغررون بأولئك الأميين بأساليب مغرية ويقبضون أموالا طائلة، باستعمال مواد قاتلة".
ويرى طالبي أن القضاء على هذه الظاهرة الخطرة لا يمكن إلا بـ"إشراك وسائل الإعلام والأئمة للتحذير من خطر المشعوذين الذين همهم التغرير بالناس وجمع الأموال بدعاوى باطلة، ولا تكافح إلا بالوعي بتعاليم الدين الإسلامي التي هي ضد السحر، والله سبحانه وتعالى يحذرهم، وبعض الفقهاء يحكمون بالإعدام عليهم لأن أفعالهم تؤدي إلى مرض الناس وهلاكهم في كثير من الأحيان".
الرأي القانوني
وأشار الخبير القانوني الدكتور عامر رخيلة إلى أن السحر والشعوذة يعاقب عليه القانون الجزائري ضمن "جرائم النصب والاحتيال والغش واعتماد أساليب كيدية، والاستيلاء على مال الغير، والإضرار بجسد الغير وتعرضه للخطر".
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية": "تفشي ظاهرة السحر مرتبط بتقبل الفكر العقلي للسحر، وعرفته الكثير من المجتمعات، ونجد هذه الظاهرة الخطرة بشكل كبير في المجتمعات التي لا توجد بها ثقافة نقدية وانتشار للوعي بالمجتمع ويسود فيها الخرافة وتغييب العقل، وهي ملازمة لتخلف المجتمع ولعدم وجود رؤية مجتمعية".
ونوه بارتفاع نسبة العانسات في الجزائر، إذ يفوق عددهن 12 مليون عانس، مضيفاً أنه "عندما تقل تجارب النجاح ونجد في المقابل إغراءات مادية من ذوي الثروة تستفز الفقراء، فإن هذه الأمور تشجع على المحرمات".
ويرى الخبير القانوني أن "وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في انتشار هذه الآفة، والتي نجدها حتى في الأوساط الجامعية ومنشرة بين المتعلمين أكثر من الأميين للأسف".
وأوضح: "القانون الذي لا يفعل بإجراءات عملية لمراقبة الظاهرة ومتابعتها وردعها لن يكون مجدياً، وعلى السلطات العمومية أن تردع هؤلاء المشعوذين ليبقوا عبرة لكل من تسول له نفسه إيذاء الناس، وأن تشدد العقوبات ضدهم".
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg جزيرة ام اند امز