9 آلاف اعتداء جنسي على أطفال الجزائر.. سكوت الأهل "جريمة"
رئيس شبكة ندى لحماية الأطفال بالجزائر يكشف لـ"العين الإخبارية" عن أسباب تزايد ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال وطرق الردع الضرورية.
كشفت منظمة حقوقية جزائرية عن أرقام ومعطيات صادمة عن الاعتداءات الجنسية، التي يتعرض لها الأطفال في الجزائر، والتي وصفها أخصائيون بـ"الكارثة الاجتماعية التي تتطلب حلولاً عاجلة وقرارات صارمة".
الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل المعروفة باسم "ندى" كشفت عن تعرض أكثر من 9 آلاف طفل لاعتداء جنسي سنوياً في الجزائر، ودعت إلى مراجعة عميقة لمنظومة حماية حقوق الطفل.
- حالتان يسقط عنهما الحرج.. "الفتوى الجزائرية" تحسم جدل أضحية العيد
- 68 ألف حالة طلاق في الجزائر خلال عام واحد.. متخصصون يكشفون المستور
واعتبرت الشبكة الحقوقية في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن الرقم المعلن عنه "يخص الحالات المعلن والمصرح بها فقط، ولا تشمل حالات الاعتداءات التي يتستر عليها أهالي الأطفال الضحايا".
وقدمت الشبكة إحصائية عن عدد الأطفال في الجزائر، وكشفت عن وجود 5 ملايين طفل تقل أعمارهم عن 5 أعوام، و13 مليون طفل دون 18 عاماً.
إجرام متعدد الأوجه
"العين الإخبارية" تواصلت مع شبكة ندى، التي تعد المنظمة الحقوقية الوحيدة في الجزائر المهتمة بواقع وحقوق الطفل، والتي اعتبر أخصائيون تقريرها "كسراً لأحد أكثر التابوهات في البلاد".
واعتبر عبدالرحمن عرعار، رئيس الشبكة، في حديث مع "العين الإخبارية"، أن "العنف ضد الأطفال من التابوهات، وكانت للشبكة تحديات في كسرها"، وقدم تفاصيل "كارثية" عن حقيقة ونوعية الانتهاكات الجنسية والنفسية التي يتعرض كثير من الأطفال في بلد يعرف بأنه "محافظ".
وأشار إلى أن المنظمة الحقوقية بدأت العمل والبحث في قضية الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال منذ 2011 لمعرفة واقع حماية الأطفال في الميدان، من خلال رصد تلك الانتهاكات.
وحصرت الشبكة الانتهاكات "داخل الأسرة وخارجها والمدرسة وبين الأطفال أنفسهم، وبين المراهقين أنفسهم، وبين المراهقين ضد الأطفال، والراشدين ضد الأطفال، وزنا المحارم، وتعريض الأطفال لمشاهد إباحية والاغتصاب والفعل المخل بالحياء".
وأوضح أن الشبكة سجلت حالات "انتهك فيه شخص واحد مجموعة من الأطفال، ويعتدي عليهم جنسياً لمدة طويلة ومسكوت عنها بحكم العرف والتقاليد والخوف من ردة فعل المجتمع، والأسباب تبقى متعددة".
هشاشة منظومة حماية الطفل
ويرى الحقوقي عرعار أن السبب الرئيسي وراء تزايد حالات الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال في الجزائر هو "هشاشة منظومة حماية الطفل".
ولم يحصر ذلك في المنظومة القانونية، إذ قال إن "الهشاشة تتمثل في الكثير من الأسباب والتي تبدأ من السكوت عن الجريمة، لأن التكفل بالضحايا يجب أن يكون بالإجراءات القضائية والنفسية".
ونوه في حديثه لـ"العين الإخبارية" بأن السكوت عن هذا النوع من الجرائم مرده إلى خوف أهالي الضحايا أو الضحايا أنفسهم من ردة فعل محيطهم، وقال إنهم "يفضلون إخفاء ما حدث على التبليغ عن حادث الاعتداء الجنسي".
ومن بين الحلول التي قدمتها شبكة ندى، وضع الطفل خارج دائرة الخطر، والذي أكد عرعار أنه غير موجود في الجزائر، بالإضافة إلى إعادة بناء شخصية الضحية بعد الصدمة.
وقال إن الإجراءات القضائية تعاقب الجاني، بينما يكون للضحية بعض الإجراءات النفسية، لكن يبقى الغموض حول مصير ومستقبل تلك الضحية، وللأسف لا يوجد عمل محترف لإنقاذ الضحية من تبعات الاعتداء الجنسي.
ومن بين الأسباب التي قدمها رئيس الشبكة الحقوقية والتي تدفع، وفق رأيه، إلى الاعتداء الجنسي على الطفل "العنف داخل الأسرة، وكذا نسبة الطلاق المرتفعة، ومن الأطفال من يتم استغلالهم كورقة ضغط عندما يحدث النزاع والخلاف داخل الأسرة، وفي بعض الأحيان ينتهك الطفل جنسياً كوسيلة انتقام".
واستطرد قائلا: "للأسف هناك شبكات تغتنم الفرص وتصطاد في الماء العكر، وسجلنا استدراج فتيات في 14 أو 15 من عمرهن لشبكات دعارة، باستغلال فقرهن وأوضعاهن المزرية مقابل الحصول على بعض النقود".
ولفت إلى أن "التبليغ عن جريمة الاعتداء الجنسي" شهد ارتفاعاً ملحوظاً خصوصا منذ 2014.
حلول عاجلة
ولم تكتف دراسة شبكة ندى بالكشف عن أرقام الاعتداءات الجنسية على الأطفال، إذ قدمت مجموعة من الحلول العملية والعاجلة لحماية البراءة ممن وصفهم رواد مواقع التواصل بـ"الوحوش البشرية".
وكشف عبدالرحمن عرعار لـ"العين الإخبارية" عن بعض منها، من بينها "تكسير التابوهات، والرجوع إلى القيم والمبادئ، وتعزيز منظومة الحماية، والأهم من ذلك بناء الحماية الذاتية للأطفال".
ويرى عرعار أن القضاء على هذه الظاهرة الخطرة يجب أن يشمل أيضا الجناة، وقال إنه "لا يكفي أن يعاقب فقط بالسجن، لأن هناك احتمالاً كبيراً لعودة الجاني لممارسة جريمته بعد انتهاء فترة العقوبة ويمكن أن يصطاد ضحايا آخرين، ولهذا لا بد من عمل باتجاه الجناة".
كما كشف أن القانون الجزائري "صارم جداً في حالات الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال من خلال تشديده للعقوبة خصوصاً الاعتداءات المرتبطة بالاختطاف وتصل إلى الإعدام لكنه غير منفذ، لهذا فإن هذا النوع من الجرائم يتطلب عمل ردعي ووقائي، ولكن نعتمد على إعادة تهيئة الأطفال بالدرجة الأولى".
وشدد الحقوقي على أن الجزائر "بحاجة إلى آليات اجتماعية سريعة وقوية تضمن التدخل في أي وقت لحماية الطفل من أي انتهاكات جنسية قد تحدث تقتحم الفضاء العائلي وتردع من تسول له نفسه أن يعنف الأطفال".
وذكر أن "الآليات المعمول بها حالياً قديمة جداً، وتجاوزها الزمن رغم أن التشريع جديد، إلا تطبيقه لا يزال بأساليب السبعينيات، والضحية يحتاج إلى ردة فعل قوية وسريعة وتأتي بعدها مرحلة الإجراءات القضائية والتحريات والتحقيقات الأمنية، واليوم أمامنا الآلاف من الأطفال في سوق العمل والتسول ما يجعلهم عرضة لضعاف النفوس والاعتداء الجنسي".
وختم بالتأكيد أن "القضية ليست مرتبطة فقط بالتبليغ، بل متعلقة بمنظومة مجتمع تحميه وتحمي أطفاله أينما كانوا، في وقت الفراغ والدراسة والسفر، داخل الأسرة وخارجها".
aXA6IDE4LjIyMy4xOTUuMTI3IA== جزيرة ام اند امز