تبون بقارب "الدبلوماسية المتوازنة".. 4 أهداف لزيارة روسيا
يعتزم الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، زيارة موسكو، في الأيام المقبلة، لوضع أطر مرحلة جديدة من التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين.
ومن المنتظر أن تقود زيارة الرئيس الجزائري إلى روسيا، لتوقيع عدة اتفاقيات تعاون، واتفاقية شراكة استراتيجية في الشؤون الاقتصادية والعسكرية.
وفي مايو/أيار 2020، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الجزائري، عبدالمجيد تبون، لزيارة موسكو، لكن جائحة كوفيد -19 منعته من القيام بالرحلة.
غير أن روسيا جددت الدعوة في يوليو/تموز 2022، خلال مكالمة هاتفية بين الرئيسين، وبدأت المشاورات التحضيرية للزيارة.
شراكة استراتيجية
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "لدينا برنامج تعاون واسع النطاق وطويل الأمد، فالجزائر وروسيا شريكان ومهمان لبعضهما البعض".
وتابع "نجري حوارًا سياسيًا رفيع المستوى، ونأمل أن تكون زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا بداية مرحلة جديدة في علاقاتنا”.
وقبل هذه التصريحات بشهرين، قال السفير الروسي لدى الجزائر، فاليريان شوفايف، في تصريحات صحفية، إنّ الرئيس الجزائري أبلغ بوتين، رغبته زيارة موسكو، مشيراً إلى "وجود قرار مبدئي" لإجراء الزيارة قبل نهاية العام الجاري.
ولفت السفير الروسي إلى ما وصفه بـ"أحداث مهمة على صعيد العلاقات الثنائية" خلال الزيارة، وقال: "تنتظرنا أحداث مهمة في العلاقات بين الجزائر وموسكو حتى نهاية العام الجاري".
وتابع أنّ هذه التطورات المهمة تأتي ضمن "مسعى مشترك لتوسيع مجالات التعاون المدني بين الجزائر وروسيا، ونعمل جاهدين لتقوية الشراكة في الطاقة والمناجم والصناعة والأبحاث العلمية".
وفي وقت سابق، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن هناك دعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الجزائر لزيارة موسكو، وينتظر الجانب الروسي القرار.
وفي ذلك الوقت، كانت السلطات الجزائرية، بحسب المسؤول الروسي، تريد استكمال الترتيبات الخاصة باتفاقيات الشراكة الروسية الجزائرية قبل إعلان الموعد المحدد للرحلة.
تعاون عسكري
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف للصحفيين إن موسكو تنتظر قرار الجزائر بشأن زيارة تبون، وكشف عن أن الزيارة يمكن أن تتم بحلول نهاية عام 2022.
فيما ذكرت مصادر إعلامية أن الجزائر ستوقع عقدا ضخما مع روسيا لتوريد أسلحة بقيمة تتراوح ما بين 12-17 مليار دولار خلال الزيارة المرتقبة.
موقع "أفريكا إنتلجنس" كشف بدوره، عن أن مفاوضات تجري الآن حول إبرام اتفاقية إطارية بشأن الإمدادات العسكرية الروسية للجزائر للسنوات العشر القادمة، والتي ستأتي في إطار الزيارة الرسمية للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى موسكو.
في المقابل، تصاعدت أصوات في الولايات المتحدة، مطالبة بمعاقبة الجزائر في إطار قانون مكافحة خصوم أمريكا، على خلفية كم الأسلحة التي تقتنيها من روسيا التي تخوض حربا ضد أوكرانيا المدعومة من الغرب.
وفي شهر سبتمبر/أيلول، دعا نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو، إلى فرض عقوبات على الجزائر لشرائها الأسلحة الروسية، وكون هذه الصفقات تصب في صالح توفير مقدرات مالية لموسكو تدعم خوضها الحرب على أوكرانيا.
ووجه روبيو رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد فيها أنه يلفت النظر إلى "المشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية وروسيا"، مضيفاً أن "روسيا هي أكبر مورد عسكري للجزائر، وتعد الجزائر أيضاً من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في عام 2021".
وأضاف، "كما تعلمون، فإن القسم 231 من قانون مكافحة خصوم أمريكا، يوجه الرئيس إلى فرض عقوبات على الأطراف المشاركة في معاملات كبيرة مع ممثلي قطاعي الدفاع أو الاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي. وقد فوض الرئيس تلك السلطة إلى وزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة".
وبرأي السيناتور الأمريكي فإن "تدفق الأموال من أي مصدر إلى روسيا لن يؤدي إلا إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا".
"البريكس"
وبخلاف التعاون الدفاعي والشراكة الاستراتيحية، يسعى الرئيس الجزائري خلال زيارته إلى روسيا، لبحث سبل الحصول على دعم أكبر من موسكو لانضمام الجزائر لمنظمة "البريكس".
وكشف الرئيس تبون الخميس الماضي في حديثه للصحافة أن عام 2023 ستتوج بدخول الجزائر إلى منظمة "بريكس" وهو ما يتطلب مواصلة الجهود في مجال الاستثمار والتنمية الاقتصادية والبشرية من جهة, والانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير, من جهة أخرى.
وأضاف بالقول: "حينما يتجاوز ناتجنا المحلي الخام 200 مليار دولار, حينها يمكننا القول إننا اقتربنا من البريكس".
وحول موقف أعضاء المنظمة من رغبة الجزائر الانضمام لها, أكد أن الصين وروسيا وجنوب أفريقيا رحبت بذلك, مضيفا أن العمل متواصل لتجسيد الأمر قبل نهاية 2023, من خلال حضور الجزائر رسميا في اجتماع المنظمة.
وسيفتح انضمام الجزائر لمجموعة "بريكس"، وفق تبون، آفاقا واعدة للاستثمار في الجزائر والشراكة معها في مختلف المجالات الاقتصادية لا سيما في مجال المناجم والبنى التحتية, مؤكدا أنها تشكل "قاعدة اقتصادية قوية".
وبهذا الخصوص, أعرب الرئيس تبون عن أمله في إقامة استثمارات مشتركة مع دول المجموعة لإنجاز مشروع القطار العابر لأفريقيا, والذي سيسمح بربط الجزائر بدول الساحل.
سياسة متوازنة
وخلال لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام, شدد تبون على أن الجزائر تسعى للعيش في سلام في البحر المتوسط, وتعمل على مساعدة الدول التي تحتاج إليها دون مقابل, وكذلك عدم التعدي على الآخر وعدم الانحياز.
وحول تلبية دعوة الرئيس الروسي, فلاديمير بوتين, لزيارة روسيا، أكد تبون أن روسيا "دولة صديقة وعلاقاتنا جيدة معها وتعود إلى أكثر من 60 سنة, وسنزور روسيا, والأمر نفسه أيضا مع الصين, حيث سنتوجه إلى هناك أيضا".
وقال إن الجزائر تربطها علاقات طيبة مع الدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية, وعلاقاتها مع أوروبا "موجودة ونمضي نحو تقويتها أكثر", و"نعتبر الولايات المتحدة والهند دولتين صديقتين"، في دلالة على اتباع الجزائر دبلوماسية متوازنة تجاه جميع الأطراف.