انتخابات الجزائر.. نكسة للمستقلين وتشتت إخواني
كشفت مصادر جزائرية عن "نتائج تقريبية" للانتخابات التي جرت السبت، أبرزت نكسة للقوائم المستقلة، وتشرذما للإخوان في البرلمان القادم.
فقد كشفت مصادر سياسية جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" عن النتائج الأولية التي أفرزتها صناديق الاقتراع "استنادا إلى محاضر فرز الأصوات" من معظم المناطق الانتخابية.
وأشارت المصادر إلى أن تلك النتائج "أظهرت تقارباً" بشكل غير مسبوق و"تاريخي" بين معظم القوائم الانتخابية للأحزاب والمستقلين.
بيد أن المصادر أوضحت بأنه باحتساب مجموع القوائم التي حصلت على النصاب القانوني وهو 5 % من الكتلة الناخبة بالدائرة الانتخابية فإن "مجموع قوائم الأحزاب حصلت على أغلبية نسبية فاقت قوائم المستقلين بمعظم المناطق الانتخابية".
نكسة المستقلين
المصادر الجزائرية المطلعة كشفت أيضا لـ"العين الإخبارية" عن عدم تمكن قوائم المستقلين من تحقيق المفاجأة التي توقعها كثير من المحللين والخبراء.
وأشارت إلى عدم تمكن كثير من القوائم المستقلة من تحقيق النصاب القانوني، الذي يمنح للقائمة الواحدة مقاعد بعدد مرشحيها، إلا أنها أوضحت في المقابل بأن كثيرا من القوائم المستقلة تمكنت من حصد مقعد نيابي واحد.
وأرجعت المصادر أسباب ذلك إلى نظام الاقتراع الجديد الوارد في قانون الانتخاب المستحدث، والذي يعتمد على القائمة الإسمية، وإلغاء نظام القائمة النسبية، إذ يمكن القانون الجديد الناخب من التصويت على مرشح واحد أو أكثر من القائمة الواحدة، ولا يكون "مجبرا على انتخاب كل من في القائمة".
بالإضافة إلى اشتراط القانون حصول القائمة أو المرشح على نسبة 5 % من إجمالي الكتلة الناخبة في الدائرة الانتخابية الواحد.
وأغلقت صناديق الاقتراع على نسبة مشاركة وصلت إلى 30.20 %، ويرى متابعون بأن هذه النسبة من مشاركة الناخبين تكون "قد أنقذت" السلطات الجزائرية وجنبتها حرج احتمال إلغاء عدد كبير من القوائم الانتخابية خصوصاً للمستقلين، بالنظر إلى اشتراط قانون الانتخاب الجديد حصول القائمة الانتخابية على نسبة 5 % من أصوات الناخبين أو تعرضها للإلغاء.
مفاجأة من الخارج
وصنع المغتربون الجزائريون المفاجأة بأدنى نسبة تصويت وصلت إلى 5 %، وهي النسبة التي عدها متابعون "عقاباً للحكومة الجزائرية" على فرض رسوم مضاعفة للدخول إلى البلاد بعد إعادة الرحلات الجوية بشكل جزئي.
كما تفادت حكومة عبد المجيد تبون حرجاً آخر وهو نسب المشاركة الضعيفة كما حدث في استفتاء تعديل الدستور عندما لم تتعد 23 %، رغم تقليل الرئيس الجزائري من "أهمية نسب المشاركة"، مؤكدا بأن الأولوية هي "شرعية النتائج التي يحصل عليها النواب الجدد".
مفاجآت "طفيفة"
ووفق المصادر الجزائرية المطلعة، فقد حققت بعض الأحزاب مفاجآت في بعض الدوائر الانتخابية، كان من أبرزها حزب "جبهة المستقبل" التي يقودها المرشح الرئاسي السابق بانتخابات 2019 عبد العزيز بلعيد، بالإضافة إلى حزب "جيل جديد" المتوقع أن يدخل للبرلمان للمرة الأولى، وسط توقعات بأن يكون أحد شركاء الحكومة المقبلة.
كما كشفت أيضا عن "تقهقر" الأحزاب التي كانت داعمة وحاكمة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ضمن ما كان يعرف بـ"التحالف الرئاسي"، وهي "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، إذ أفرزت النتائج الأولية "خسارة الحزبين للأغلبية البرلمانية التي استحوذا عليها منذ 1997".
التشرذم الإخواني
وعن "حظوظ" جماعة الإخوان، أشارت المصادر الجزائرية إلى أن النتائج الأولية أظهرت دخول التيارات الإخوانية للهيئة التشريعية "بشكل متشرذم" يجعل منها "أقلية في البرلمان المقبل" "بغض النظر عن نتائج كل فصيل إخواني.
وأكدت عدم حصول أي تيار إخواني "على الأغلبية" النيابية التي "تمكنه من الاستفراد بالبرلمان وتشكيل الحكومة".
"أغلبية رئاسية"
مصادر "العين الإخبارية" أوضحت أيضا بأن نتائج الفرز أظهرت "تقارباً" بين معظم قوائم الأحزاب والمستقلين، "دون حصول أي فريق سياسي على الأغلبية المطلقة" في البرلمان المقبل.
ما يعني خروج البرلمان المقبل بـ"أغلبية رئاسية" وليس "أغلبية برلمانية"، وهي القاعدة الانتخابية المستحدثة في دستور 2020 والتي أثارت جدلا واسعاً بين الحقوقيين والطبقة السياسية.
وهو ما يعني أن الحكومة المقبلة لن يشكلها أي حزب أو تيار أو فريق سياسي، وفي هذه الحالة يلجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى صلاحياته الدستورية بـ"تعيين وزير أول" و"ليس رئيسا للحكومة"، مع احتفاظه بحق تعيين أو اختيار الوزراء.
وتوقع خبراء جزائريون لـ"العين الإخبارية" أن تكون الحكومة المقبلة "خليطاً بين التكنوقراط وإشراك أحزاب سياسية ممثلة بالبرلمان خصوصاً ممن لم يسبق لها الانضمام إلى أي حكومة سابقة، ومنح حقائب وزراية للمستقلين.
إلا أن المصادر السياسية الجزائرية أكدت لـ"العين الإخبارية" بأن هذه النتائج "تبقى غير نهائية"، وأن هيئة الانتخابات تعمل حالياً على تطبيق كافة الإجراءات القانونية الواردة في محضر الفرز.
وأبرز إجراء قانوني سيحدد مصير البرلمان المقبل هو "احتساب الأوراق التي لم يشطب فيها الناخب على أي مرشح" أو "القائمة التي لم تحصل على عتبة 5 % من إجمالي الكتلة الناخبة بالدائرة الانتخابية" وفق نص المادة 156 من قانون الانتخابات "واحتساب تلك الأوراق غير المعبر عنها لفائدة القائمة الانتخابية المختارة".
وبناء على ذلك، فإن "النتائج التي سيعلن عنها من قبل سلطة الانتخابات تبقى مفتوحة على كثير من الاحتمالات تحددها التفاصيل الواردة بقانون الانتخابات الجديد"، ويبقى "الاحتمال الوارد هو عدم حصول أي تيار أو فريق سياسي على الأغلبية النيابية" وفق ما كشفت عنه المصادر الجزائرية لـ"العين الإخبارية"، لكن المؤكد هو "إفراز الانتخابات التشريعية مشهدا سياسيا جديدا مختلفاً عن السائد منذ نحو ربع قرن".
"توقع مسبق"
وتلتقي المعلومات الأولية عن نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية مع التوقعات التي انفردت بها "العين الإخبارية" والتي كشف عنها أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر الدكتور حسين قادري.
و"أول ما تحقق من ذلك هو توقع الأكاديمي عدم تجاوز نسبة مشاركة الناخبين على 30 %، وهي النسبة التي أغلقت عندها صناديق الاقتراع.
كما توقع أن يؤدي تشتت المستقلين إلى فقدانهم الحظوظ في نيل كثير من المقاعد البرلمانية البالغ عددها 407 مقعد نيابي في "المجلس الشعبي الوطني".
كما توقع المحلل السياسي الجزائري لـ"العين الإخبارية" عدم حصول أي فريق سياسي على الأغلبية المطلقة، وأن يتشكل البرلمان "من فسيفساء سياسية" وهو ما توقعه أيضا الخبير القانوني الدكتور عامر رخيلة في وقت سابق لـ"العين الإخبارية".
واعتمد الدكتور قادري في توقعاته أيضا على عدم حصول الأحزاب والمستقلين على أي أغلبية برلمانية وتشكيل الحكومة بأغلبية رئاسية إلى "عدم استناد الدعاية الانتخابية على البرامج الحقيقية أو العمل الجواري، وعدم وجود أحزاب ببرامج سياسية، وكذا استمرار حالة عدم ثقة الشارع في العملية الانتخابية، ونفور نسبة كبيرة من الجزائريين من الأحزاب".
ورجح أستاذ العلوم السياسية في تصريحاته السابقة لـ"العين الإخبارية" أن تحصل الأحزاب على ما بين 50 إلى 60 % من مقاعد البرلمان، فيما توقع حصول المستقلين على نحو 30 إلى 40 % من إجمالي مقاعد البرلمان.
aXA6IDMuMTQuMjQ2LjUyIA== جزيرة ام اند امز