"الحوثي" و"المؤيدي".. مراجع "الموت" تتصارع شمالي اليمن
الصراع الطائفي الشرس بين زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي وأحد زعماء المذهب الزيدي انتقل من المدارس الدينية والمساجد إلى المنازل شمالي اليمن.
مليشيات الحوثي تمارس بتوجيه من زعيمها حربا شعواء واستهدافا ممنهجا لأتباع المرجعية الدينية، محمد عبدالله عوض المؤيدي الضحياني، الذي ينظر له كوريث رجل الدين الأبرز "مجد الدين المؤيدي" الذي اعتمد الحوثيون على مؤلفاته بداية نشأتهم بنشر مشروعهم الطائفي في معقلهم الأم صعدة.
تناحر وصراع مراجع "الموت" هذه، والذي تتفق بالتبعية لإيران وحزب الله الإرهابي وتختلف عن الزعامة والإمامة في حكم الشعب اليمني، امتد مؤخرا من منع الحوثيين لرجال الدين التابعين لـ"المؤيدي" من تدريس "حلقات تحفيظ القرآن" حد زعمهم في المساجد وحتى المنازل.
كما اتجه الحوثيون إلى إغلاق عدد من المدارس الدينية والمساجد التي يديرها أتباع "المؤيدي" وشن حملة اعتقالات غير مسبوقة لا سيما في محافظة عمران إلى جانب صعدة وصنعاء، عمق الشمال اليمني، وذلك إثر خشية زعيم المليشيات من سحب الرجل رداء الدين الذي يتدثر به.
وبحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، فإن مليشيات الحوثي أقدمت قبل يومين على اعتقال رجل الدين، عبدالحكيم علي شرف الدين، التابع للمرجعية "محمد المؤيدي" قبل أن تطلق سراحه لاحقا بعد تدخل زعيم الانقلاب وذلك في مديرية مسور في محافظة عمران.
وأشارت إلى أن مليشيات الحوثي اعتقلت الرجل على خلفية قيامه بتعليم أطفاله وعددا من أقاربه داخل منزله وهو ما تمنعه الجماعة الإرهابية على أتباع "المؤيدي" والذي شمل أيضا التدريس في المساجد والمدارس الدينية.
وأوضحت أن زعيم مليشيات الحوثي وجه أذرعه الأمنية بتشديد الخناق على ما يسمى بـ"المرشدين الدينيين" التابعين لـ"محمد عبدالله عوض المؤيدي الضحياني"، بما فيه استغلال المساجد لتدريس فكرهم والمدارس وحتى المنازل للطلاب والأتباع الجدد، خشية أن يتخذ أتباع الرجل ذات أسلوب المليشيات قديما بتحويل المنازل منصة لنشر فكرها بعيدا عن الرقابة الأمنية.
وليس شرف الدين هو أول من يعتقله الحوثيون، فمنذ يناير/كانون الثاني وحتى يوليو/تموز الماضيين، تم اختطاف أكثر من 36 شخصا من أتباع "المؤيدي"، بعضهم لا يزالون في الزنازين الحوثية فيما عمدت إلى إطلاق سراح آخرين بعد أن أجبرتهم على تعهدات بعدم ممارسة أي أنشطة دينية تضر بالحاضنة الشعبية للمليشيات الانقلابية، وفقا لذات المصادر.
صراع سلالي - بغطاء الزيدية والجبهات
ينظر للصراع بين عبدالملك الحوثي ومحمد عبدالله المؤيدي أنه وجه آخر من التناحر السلالي العميق للأسر التي تدعي زورا الانتساب لـ"آل بيت النبي محمد" حول السلطة والثروة باليمن وذلك بغطاء المذهب الزيدي.
ويتنازع الرجلان بشدة على زعامة المذهب الزيدي، حيث يوصف أتباع "المؤيدية" أنهم أكثر انغلاقا وتشددا ويعتبرون زعيمهم الروحي "مجدالدين المؤيدي"، كأحد مراجع الزيدية، فيما تعتبر "الحوثية" زعيمها الروحي "بدر الدين الحوثي" وتتدثر بـ"الزيدية" لتمرير أجندتها السياسية والطائفية والعسكرية.
وتتهم مليشيات الحوثي ما يسمى "الفقهاء" أو "المرشدين" من أتباع "المؤيدي" بأنهم "مثبطين" هدفهم اختراق الحاضنة الشعبية في المعاقل المغلقة للانقلابيين أبرزها عمران وصعدة فضلا عن منعهم الشباب وصغار السن من الالتحاق بجبهات القتال.
وينكر "أتباع المؤدي" اتهامات مليشيات الحوثي مبررين تراجع نسبة التجنيد شمال اليمن إلى التمييز والعنصرية الذي يمارسه الانقلابيون تجاه عناصرهم بالجبهات والذي أجبر الكثيرين للعودة إلى منازلهم لا سيما تجاهل أسرهم التي تتضور جوعا وعدم صرف مخصصاتهم المالية عدا المنحدرين من صعدة الذين يلاقون رعاية حوثية خاصة.
كما يتهم اتباع المؤيدي، مليشيات الحوثي بممارسة المضايقات والاضطهاد والاستقواء بالسلاح ضدهم من إغلاق مساجدهم التي توارثتها أسر سلالية منذ مئات السنين وإغلاق مدارسهم الدينية واعتقال طلاب الزيدية فضلا عن الإساءة للحسن والحسين والالتفاف عن جوهر "التشيع" بإقامة فعاليات طائفية بطابع سياسي.
وكانت مليشيات الحوثي أغلقت العديد من المنازل والمدارس لأتباع "المؤيدي" منها مسجدا "ظهر الفيل" و"النابت" وفرض الخطباء بقوة السلاح في جوامع عمران وتحديدا "شهارة" التي شكلت تاريخيا نقطة انطلاق للإمامة للتمدد شمالا نحو عمران صنعاء وذمار وشرقا نحو الجوف.
أذرع داعمة من داخل الحوثية
يذهب خبراء يمنيون لتفسير حملات القمع الممنهجة لمليشيات الحوثي ضد أتباع "المؤيدي" إلى أنها ذات أهداف تتجاوز الصراع على الزعامة والإمامة، إلى مخاوف عميقة للانقلابيين من نشاط الرجل وأتباعه في مناطق ظلت مغلقة منذ 8 أعوام أمنيا وعسكريا.
كما أن انخراط ودعم الكثير من العناصر الحوثية بما فيها قيادات سلالية لأتباع "المؤيدي" يشكل مصدر قلق للمليشيات الانقلابية وزعيمها من انهيار جماعته من الداخل عبر انقلاب المنافسين له من ذوي النفوذ القوي.
وبحسب مصادر لـ"العين الإخبارية"، فإن أبرز الداعمين لأتباع "محمد المؤيدي الضحياني" هو القيادي النافذ أمنيا وسياسيا وعسكريا واقتصاديا "محمد علي الحوثي"، نجل ابن عم زعيم المليشيات، والذي نجح طيلة الأعوام الماضية من التقرب من زعماء المذهب الزيدي وتقديم نفسه كخيار بديل لعبدالملك الحوثي.
كما يتلقى أتباع "المؤيدي" دعما كبيرا من رجل الدين الأبرز "محمد عبدالعظيم الحوثي" في معقل المليشيات الأم في صعدة وهو ما يعتبره زعيم المليشيات تقويضا فعليا لنفوذه الديني، وفقا للمصادر.
ورغم ما يتعرض له أتباع "المؤيدي" من قمع ومطاردة وصلت إلى منزلهم، إلا أنه لم يخض بعد أي معركة مسلحة مع مليشيات الحوثي رغم النفوذ القوي باستثناء مواجهات اندلعت منتصف العام الماضي بعد حصار الانقلابيين لأحد أذرع "المؤيدي" ويدعى عبدالحميد أبو علي في صعدة وخلفت قتلى وجرحى من الطرفين.
لاحقا، نفذت مليشيات الحوثي سلسلة من الاغتيالات بحق أتباع "محمد عبدالله عوض المؤيدي" الذي يعينه الانقلابيون عضوا في هيئة الإفتاء في الحكومة غير المعترف بها أبرزهم رجل ديني يدعى "عبدالرحمن المؤيدي" في مارس/آذار الماضي.
ومن المتوقع أن يؤدي تكثيف "المؤيدي" وأتباعه نشاطهم الديني رغم حملات القمع والتهديدات المباشرة وغير المباشرة التي يتعرض لها من قبل الحوثيين إلى الصدام المسلح والدامي لكن المليشيات كعادتها ستعتمد على تفوق تسليحها لحسم أي مواجهات كما استخدمت ذلك في إخماد انتفاضات القبائل اليمنية، وفقا لمراقبين.