«الجنبية».. «خنجر اليمن» إرث تاريخي وثقافي (خاص)
يعد الخنجر اليمني (الجَنبِيَة) جزءًا من الموروث واللباس التقليدي المميز، ورمزًا للهوية اليمنية القديمة على مدى قرون عديدة.
ويحرص معظم اليمنيين على التمنطق بالجنبية، أي لبسها على الخصر، والتي تعد من لوازم الزينة للرجل اليمني، وإظهار مكانة اجتماعية خاصة له، فهي ذات رمزية ثقافية تقليدية وتحمل دلالات القبلية في المجتمع اليمني.
ويعود تاريخ الجنبية اليمنية إلى قرون قديمة، لا تعرف بدايتها الدقيقة، وإنما ظهرت تماثيل لملوك الحضارة اليمنية القديمة، وهم يرتدون الجنبية بهيئتها الأولى الخنجر العربي، على الخصر، منهم معد كرب يعفر، والملك الحميري شمر يهرعش ابن الملك ياسر يهنعم الحميري، ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت.
الجنبية اليمنية
تتكون الجنبية اليمنية، من رأس وخنجر (مقبض الجنبية، والنصلة)، ويتم وضعها في جهاز الجنبية (الغمد)، وحزام يُلَفُ على خصر الرجل.
يتم ارتداء الجنبية اليمنية بطريقتين إما يتم وضع غمد الجنبية على جنب الخصر ويكون منحنيا، أو تُلبس في الجزأ الأمامي مما يلي الصدر عندما يكون الجهاز مصنوعا على شكل حرف "ل"، وهي الأكثر انتشاراً.
وتستخدم الجنبية في الرقصات الشعبية أبرزها "البَرع"، وتختلف هذه الرقصات باختلاف المناطق.
مواد صناعة الجنبية
ويقول حمود أحمد سيف (53 عامًا)، وهو أحد تجار الجنابي في اليمن لـ"العين الإخبارية"، إن أفضل أنواع الجنابي في اليمن هي الصيفاني، والتي يتم استخراج مادة صناعتها من قرن وحيد القرن الأفريقي "حيوان وحيد القرن"، حيث إن المواد التي في داخل القرن، والتي لونها قريب للأسود، هي المادة التي تصنع منها الجنابي الصيفاني، فيما أطراف القرن تصنع أنواع أخرى أقل جودة.
ويضيف التاجر اليمني، والذي يعمل في تجارة الجنابي منذ 28 عاماً، أن هذا القرن يتفرع منه جميع أسماء الجنابي، حيث بقية مواده يتم استخدامها لصناعة أنواع أخرى من الجنابي، وهي البصلي والزُرف، والتي تعد أقل جودة من الصيفاني.
وأشار إلى أنه في بداية اندلاع الحرب الحوثية، تراجعت أسعار الجنابي بشكل هائل لنحو عامين، ثم عاودت أسعارها بالارتفاع.
لكن مؤخرًا، وبحسب ما أكده التاجر اليمني، فإن أسعار الجنابي تراجعت بشكل ملحوظ، وذلك لأن مادة القرن تم استيرادها من أفريقيا، بعد نحو 45 عاماً من انقطاعها وعدم دخولها اليمن، وذلك بسبب حظر استيراد قرون وحيد القرن الأفريقي.
ويوضح أن سعر الكيلو الواحد للقرن (الخام)، والذي يستخرج لصناعة الجنبية الصيفاني، كان يبلغ (30 ألف دولار أمريكي) لكن الآن تراجع أكثر من 200% حيث وصل إلى 8 آلاف دولار، بسبب توفره في السوق اليمنية، علماً أن القرن الواحد يحوي على 8 - 20 كيلوغراما.
وفي العقود الماضية، كان يتوفر مادة القرن، بدرجة قليلة، حيث كانت متبقية من سنوات، ويتم استخراج الصيفاني منها وصناعتها، وبيعها بأسعار عالية جداً، وأيضاً كان يتم استخدام المتداول، والذي قد صنع سابقًا.
تراجعت أسعار الجنبية الصيفاني كثيرًا مؤخرًا، بسبب دخول مادة القرن لحيوان وحيد القرن إلى اليمن واستخدامها لصناعة الجنبية الصيفاني.
وتترواح أسعار الجنبية الصيفاني والأنواع الأخرى المصنوعة من مادة وحيد القرن، من 50 إلى 80 ألف ريال سعودي، كما يوجد جنابي أسعارها من 40 و30 ألف ريال سعودي، حتى يوجد من 10 ألف سعودي.
وأكثر الانتشار والتجارة فيها هي الجنابي الصيفاني التي يتراوح أسعارها بين 10 - 20 ألف سعودي.
وفي العقود الماضية، وبسبب تراجع صناعة الجنبية الصيفاني، وصل سعر الجنبية الواحدة لنحو 150 ألف ريال سعودي، والتي تعد ذات جودة ورمزية ثقافية واجتماعية عالية.
أسعار الجنبية اليمنية
تعد الجنبية تراثا تاريخيا لليمن، خاصة أن أكثر الجنابي أو جميعها بشكل عام، ما تثمن قيمتها إلّا لقدمها، أي الجنابي القديمة هي التي تتميز بأكثر قيمة.
إذ إن الجنبية لها سعران، الأول سعر قيمتها الأصلية كمادة ثمينة، والثاني مكانة من يحملها ويتمنطق بها.
بالنسبة للخناجر اليمنية، صينية الصنع، حاليًا في السوق، يتراوح أسعارها بين 5000 ريال يمني (4 دولار أمريكي)، و60 ألف كأعلى سعر للجنابي المصنوعة من العاج الصيني، والتي تساوي نحو (50 دولار أمريكي).
ويوضح حمود أن أغلى جنبية في اليمن هي جنبية الشيخ ناجي الشايف شيخ مشائخ بكيل، ووصل سعرها في السوق إلى مليون دولار أمريكي.
يتم تصنيع الجنبية اليمنية حاليًا في محافظتي ذمار، وصنعاء، ويوجد نوع الجنبية البدوية والتي تعود إلى سلطنة عمان، وأخرى نجرانية نسبة إلى نجران السعودية، فيما اليمنية لها عدة أسماء، سواء المناطق التي صنعت بها، أو من قام بصناعتها.
وتختلف الجنبية العماني عن اليمنية، وذلك أن رأس الجنبية العماني أو القبضة تكون أكبر من النصل، وهي تتشابه بدرجة كبيرة مع النجراني، أي أنها رأس وخنجر صغيرين، عكس اليمنية ذات النصل العريض.
مواد أخرى لصناعة الجنبية
إضافة إلى مادة وحيد القرن الأفريقي، هناك مواد أخرى يتم صناعة الجنابي منها، مثل مواد وقوالب بلاستيكية وتسمى الصيني، يتم استيرادها من الصين، والبعض مصنوعة من الأخشاب العادية، وأيضا بعضها من خيوط الوتر، وقرن الثور.
أنواع الجنابي، هناك عدة أنواع منها الصيفاني، البصلي، الزراف، الأسعدي، العُزيري، والمصوّعي، والغُليبي، بالإضافة إلى بعض المناطق مثل النجراني، العماني، مُحدني شبواني، بيضاني، مأربي، ذماري، وصنعاني، المخلافي.
غمد الجنبية
القلف يتم صناعته من خشب شجرة الطَنب (لتميزها بخفة الوزن وجودتها) والتي تتوفر في عدة مناطق يمنية خاصة الأرياف ويصل سعر قلف الجنبية نوع الطنب من 20 إلى 40 ألف ريال يمني والثاني من خشب البلاكاش التجاري المستورد وهي سعرها أقل.
والحزام، هناك عدّة أنواع للأحزمة، وذلك عن طريق تطريز الحزام، ويتم إما بالمكائن الآلية للتطريز، أو عن طريق التطريز باليد، وهي الأكثر جودة وتميزا، والذي يصل سعره 60-100 ألف ريال.
وتعد جميع هذه الأحزمة محلية الصنع، سواء التي يتم حياكتها وتطريزها باليد أو استخدام المكائن الآلية، ونقشة الحزام التي يُطرّز بها، لها عدّة أشكال، منها الكبسي، والمُشجّر، والسادة.
النصلة
النصلة اليمنية تتميز بأنها عريضة، والرأس غالبا ما يكون قبضة مسكة يد، ويتم نقشها، ووضع قطعتين دائريتين من الذهب عليها، كما يفضل الكثير من اليمنيين وضع على رأس الجنبية الذهب الحميري والذي يعود إلى الدولة الحميرية قديمًا، حيث تجد أن بيعها وشرائها فيه صعوبة، إذ لا يتم تداول البيع والشراء بالجنابي في الأرياف فيما بينهم البين، وإنما يتم عبر التجار، وذلك لأن الشخص لا يرضي أن يبيع جنبيته في المنطقة التي يمكث فيها، لأنه من المعيب بيع الجنبية أو التفريط فيها، ولأن الجنبية تراث وثقاقة لا يحب الشخص أن يرى جنبيته على شخص آخر يرتديها من ذات المنطق.
الجنابي ما تثمن إلا لزيادة لبسها، وتثمن أكثر في المناطق الشمالية في اليمن، وذلك لأن هذه المناطق تمتاز بمناخ بارد، عكس المناطق الساحلية والجنوبية التي لا يرتدونها بكثرة، بسبب الحر.