"الخلية".. رامبو المصري يسحق الإرهاب
عناصر مميزة للمخرج طارق العريان في فيلم الخلية تكشف عن مزج بين الأسلوب الأمريكي والمصري في السينما
"الإمبراطور"، "الباشا"، "السلم والثعبان"، "تيتو"، أفلام شكلت ما يمكن اعتباره ملامح واضحة ومميزة للمخرج المصري الفلسطيني الأصل طارق العريان، الذي تعلم مبادئ الإخراج في الولايات المتحدة الأمريكية، مما أثر على أعماله التي تمزج السينما العربية مع اللمسة الغربية، وتقتبس مشاهد وأسلوبا بحرفية واضحة.
نلمس شخصية وتكوين المخرج طارق العريان بوضوح في اقتباس بعض أفلامه من نظيرتها الأمريكية على غرار (الوجه ذو الندبة لا باتشينو) وغيرها، إضافة لنقل عناصر الديكور والإضاءة الأمريكية التي تمنح إحساسا بالإثارة والغموض وعدم الواقعية أحيانا، حتى لو كان الموضوع واقعيا مثل فيلمه الأخير (الخلية)، الذي يناقش قضايا الإرهاب المحلية وأبعادها الدولية.
- "الخلية" يواصل تصدره إيرادات أفلام العيد في مصر
- أحمد عز لـ"بوابة العين": فيلم "الخلية" يناقش قضية مكافحة الإرهاب
في فيلم "الخلية" الذي نحن بصدد قراءته اليوم تدور الأحداث حول ضابط عمليات خاصة اسمه (سيف)، يقوم بالتصدي لإرهابي اسمه (مروان)، وفي أثناء هذه العملية يستشهد ضابط العمليات الخاصة (عمرو) وهو في الوقت نفسه صديقه المقرب.
يصاب (سيف) نتيجة انفجار قنبلة بجانبه، فيقسم على أن يثأر لحق (عمرو)، إلا أن العمليات الخاصة ترفض رجوعه ليتحايل بطلب مساعدة ضابط آخر يعمل على نفس ملف هذا الإرهابي، وبالفعل ينجح في إقناعه.
نلمح الفارق بين"سيف" أو أحمد عز الذي يمتاز بالمهارة وحسن التدريب والذكاء والتهور في الوقت نفسه، بينما زميله أو (محمد ممدوح) ضابط بحث وتحرى وجمع معلومات هادئ غير انفعالي، وهي مقارنة تذكرنا بفيلم مبكر أيضا للعريان وهو (الباشا ) وشخصية أحمد ذكي ضابط المباحث، الذي يسعي للوصول لتطبيق القانون بأسلوب عنيف وبقدر كبير من التهور في مواجهة أسلوب آخر لضابط آخر، وهي شخصيات مستوحاة بدورها من أفلام أمريكية شهيرة.
نرى في الفيلم استخداما مميزا لأماكن شهيرة بمصر بأسلوب جذاب رصدته كاميرا مدير التصوير مازن المتجول السينمائية في مهارة عالية.
أعادت كاميرا المتجول رسم ملامح أماكن مثل مترو الأنفاق ومنطقتي الأزهر والحسين مع حشد الناس الحقيقين، أو تصويرهم بكاميرات غير واضحة في أوقات الذروة، مما يشيع الإحساس بالمصداقية والإثارة في فيلم يعتمد هذا الأسلوب مع استخدام إضاءة مناسبة لهذا الطقس.
من المؤكد أن استخدام الكاميرا المحمولة في المطاردات بارتعاشاتها ومناسبتها لفيلم حركة قد أسهم في تكريس عنصر الإثارة، حيث تم الاستعانة بحوالي 9 كاميرات لتصوير مشاهد الحركة في الفيلم، وهو رقم ضخم بالتأكيد بجانب استخدام كاميرا “اسبايدر”، وهي الكاميرا التي تطير في الهواء لتصوير المشاهد من أعلى بوضعية كاملة وزاوية مختلفة.
الديكور عنصر رئيسي مهم في أفلام العريان، سواء أكان طبيعيا أم مصنوعا نلحظه في استخدام ميدان طلعت حرب ووسط البلد وبعض الشقق المطلة على تلك المواقع، إضافة لعمل ديكور مواز يشعرك أنه في المكان نفسه، وهناك إمكانيات كبيرة رصدت للفيلم بما فيها استخدامه لطائرات مما أسهم في إضفاء ضخامة على شكل الإنتاج.
يتميز الحوار الذي كتبه صلاح الجهيني ببعض الجمل الرنانة مثل الحوار الذي دار بين الضابط والإرهابي، حيث يحدثه الأخير عن القاسم المشترك بين رجال الأمن والإرهابيين، وأن كليهما من وجهة نظره مضحوك عليه من الكبار، سواء باسم الوطنية أو الدين، وأن التجار وأصحاب المصالح هم من يستفيدون من ذلك.
وهنا يرد عليه الضابط بأن الفارق كبير، فالأمر في حالة الضابط يتعلق بوطن وكرامة، ولكنه مستحيل أن يفهم هذه المعاني.
اختيار الممثلين أيضا أحد العناصر المهمة في سينما طارق العريان، لذلك سنجده قد وظف ببراعة أبطاله في أفلام سابقة كأحمد ذكي في "الإمبراطور" و"الباشا" أو أحمد السقا في "تيتو"، وأمامه الضابط المنحرف خالد صالح.
وفي فيلم الخلية قدم أحمد عز دورا مميزا لضابط متهور يسبح تحت جلده وبين خلجاته ثأر وانتقام، في حين أن ملامحه الظاهرية تبدو شيئا آخر، وهناك طبعا باقي الممثلين مثل سامر المصري ومحمد ممدوح وأمينة خليل وريهام عبدالغفور.
موسيقى هشام نزيه في "الخلية" كانت متناغمة مع أحداث الفيلم، وتجمع بين التيمات الشرقية والغربية لتلائم أسلوب العريان، الذي تعود على هذا المزج حتى في إيقاع المونتاج.
وكذلك أغنية (شر وخير) التي قدمتها المطربة أصالة نصري مع محمود العسيلي، لتترجم واقع الحال داخل فيلم يتصارع داخله الخير والشر.
ويبقي الشعور الذي لا بد أن يلازم المشاهد أمام هذا الفيلم للعريان أو أفلام سابقة له مثل "الإمبراطور" و"الباشا" وهي أنك أمام "رامبو" أمريكي يقهر أعداءه بمنتهى البساطة، ويخرج من بين الموت سالما منتصرا كل مرة.
نلمح رامبو في نسخته المصرية في فيلم "الخلية" في قيادة السيارات والقفز من فوق الجسر لداخل سيارة نقل، والنجاة من الموت في أعتى المعارك.
إن كان ذلك يمكن قبوله في سلسلة أفلام "رامبو" للنجم العالمي سيلفستر ستالوني فإن ذلك يأخذ الكثير من مصداقية وواقعية فيلم مثل (الخلية) حتى لو كان بطل الرواية يقهر أيضا الإرهاب، لأن المنطق والواقعية تقتضي أن يتم ذلك بأسلوب يتماشى مع ذهنية المتلقي ليحقق مصداقية أكبر يمكن معها أن تصل الرسالة للمتلقي بسهولة ويستطيع هضمها.
aXA6IDE4LjExOS4xOS4yMDUg جزيرة ام اند امز