حرائق الأمازون.. "كيف عسانا نزرع من دون أن نحرق؟"
تم نزع أشجار الغابات على مساحة 9205 كيلومترات مربعة أي أكثر بنسبة 34,5 % مقارنة بالسنة السابقة.
يستمر قطع الأشجار وحرق بقايا المحاصيل لتحضير الأرض للزراعة، بالوتيرة نفسها، في نوفو بروجريسو في وسط البرازيل الغربي، وهي من أكثر مناطق الأمازون عرضة للحرائق.
على بعد 70 كيلومترا من مدينة نوفو بروجريسو الأمازونية في جنوب ولاية بارا تلتهم النيران منذ أكثر من نصف ساعة قطعة أرض في مزرعة بيدرو جوميش (48 عاما)، المقامة على أراض قدمتها له الحكومة البرازيلية قبل سنوات قليلة.
وقال "جوميش"، وهذا ليس اسمه الحقيقي، "كيف عسانا نزرع من دون أن نحرق؟"، وهذا الرجل الذي يعتمر قبعة راعي أبقار هو من بين آلاف المزارعين ومربي المواشي في منطقة الأمازون الذين يلجأون إلى إضرام حرائق خلال الموسم الجاف لتحضير الأرض من خلال القضاء على الطفيليات لزراعة الذرة والصويا أو الكلأ للمواشي.
وأكد المزارع مبتسما وهو يتكئ على بوابة مدخل مزرعته الصغيرة نسبيا بالمفهوم البرازيلي إذ تبلغ مساحتها 48 هكتارا "الأقمار الاصطناعية التابعة للمعهد الوطني لأبحاث الأراضي تعتبرها بؤر حرائق، أيعقل ذلك؟".
ويجمع المعهد بيانات عن الحرائق المستعرة ويوفر شهريا إحصاءات عن نزع أشجار الغابات في البلاد.
وشدد بيدرو جوميش: "هذا ليس حريقا بل نحرق الأرض عمدا. في حال تجاوز الحريق الحدود المرسومة له تتكفل الغابة بخنقه"، وراء سحابة الدخان وجذوع الأشجار القليلة، يتراءى منزله الخشبي المتواضع.
ومنعت حكومة الرئيس اليميني جايير بولسونارو رسميا في يوليو/ تموز، هذه الحرائق مدة 120 يوما نتيجة الأزمة العالمية الناجمة في 2019 عن ارتفاع كبير في عدد الحرائق في أكبر غابة مدارية في العالم وهي أساسية في التوازن المناخي في العالم.
وسيكون شهرا أغسطس/ آب، وسبتمبر/ أيلول، حاسمين لمعرفة إن كان التشريع احترم أو سمح بعكس الميل القائم كما وعدت الحكومة.
في يوليو/ تموز، سجل قطع أشجار الغابات تراجعا نسبته 36 % مقارنة بالمستوى القياسي المسجل في الشهر نفسه من 2019.
لكن خلال الأشهر الـ12 الأخيرة نزعت أشجار الغابات على مساحة 9205 كيلومترات مربعة أي أكثر بنسبة 34,5 % مقارنة بالسنة السابقة.
ورصد فريق تابع لوكالة الأنباء الفرنسية، قطع آلاف الكيلومترات منذ مطلع الشهر الحالي في ولايتي ماتو جروسو وبارا، بقايا أشجار متفحمة لا يزال الدخان يتصاعد منها على مزارع تربية مواش شاسعة.
ولاحظ أيضا وجود مساحات شاسعة من الأراضي التي قطعت فيها الأشجار حديثا وتشهد استعدادات لإضرام النار فيها.
والعام الماضي وفيما كانت الحرائق تجتاح الأمازون، كانت نوفو بروغريسو مركزا لـ"يوم النار" نظمه على ما يظن، مزارعون من بارا ليثبتوا أن وعود جايير بولسونارو الانتخابية المؤيدة لاستغلال الغابات نفذت.
ووصلت سحابة الدخان إلى مدينة ساو باولو على بعد 2500 كيلومتر من المكان.
يؤكد أيجمون مينيزيس رئيس نقابة المنتجين الريفيين في نوفو بروجريسو أن "يوم النار" كان "اختراعا من وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية"، وهو يطلب خصوصا من الحكومة تشريع المزارع القائمة راهنا حتى يكون أصحابها "مرغمين على احترام التشريعات البيئية".
ويشير المدافعون عن البيئة إلى عدم وجود أي حريق طبيعي تقريبا في الغابة الأمازونية وأن الحرائق التي تجتاحها مرتبطة على الدوام بالتوسع في قطع الأشجار.
وتقع مساحة تسعة آلاف كيلومتر من الأراضي التي قطعت فيها الأشجار في الأشهر الـ12 الأخيرة، في مناطق حفظ بيئية أو محميات للسكان الأصليين.
وقال بيتو فيريسيمو، مؤسس معهد الأنسان والبيئة في الأمازون: "الذين يغزون الأراضي يدمغون الأراضي من خلال قطع أشجارها و"زرع الأبقار" فيها وعندما يقطعون الأشجار يحرقون الأرض لأنها الطريقة الوحيدة لتحويلها إلى أراض زراعية"، مضيفا "في كثير من الأحيان يأملون بعد ذلك ببيع المزرعة إلى أطراف أخرى".