«أمازون» تجمع 15 مليار دولار في أول طرح سندات منذ 3 سنوات
في خطوة مالية تعد الأضخم للشركة منذ عام 2022، جمعت شركة أمازون دوت كوم 15 مليار دولار عبر إصدار سندات مقومة بالدولار الأمريكي، وهو أول دخول لها إلى سوق السندات منذ ثلاث سنوات.
تأتي هذه الخطوة في خضم موجة عالمية متسارعة لشركات التكنولوجيا العملاقة التي تتسابق لبناء بنية تحتية قادرة على مواكبة الانفجار الهائل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بدءاً من مراكز البيانات فائقة القدرة وحتى الرقاقة المتخصصة ووحدات المعالجة عالية الكفاءة.
ووفقًا لما نقلته "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة على تفاصيل الصفقة، جاء هذا الطرح أعلى من التقديرات الأولية بما يقرب من 3 مليارات دولار، في مؤشر على شهية قوية من المستثمرين رغم البيئة الاقتصادية الحساسة. وبحسب المصادر، فإن عائدات الإصدار ستُخصّص لمجموعة واسعة من الاستخدامات: من صفقات الاستحواذ المرتقبة، إلى النفقات الرأسمالية الضخمة، وصولاً إلى برامج إعادة شراء الأسهم لتعزيز القيمة السوقية.
طلب هائل من المستثمرين
جذب الإصدار عند ذروته طلبات قاربت 80 مليار دولار، قبل أن تتراجع إلى نصف هذا الرقم تقريباً مع انخفاض تكلفة الاقتراض خلال مراحل البيع، ما يعكس ثقة المستثمرين في قوة ميزانية أمازون وفي قدرتها على تحويل استثماراتها في الذكاء الاصطناعي إلى محركات نمو طويلة الأمد.
وتوزعت السندات على ست شرائح مختلفة، بينها سند لأجل 40 عاماً تقلص هامش عائده من 1.15 نقطة مئوية فوق سندات الخزانة الأمريكية إلى 0.85 نقطة فقط.
وتزامن هذا التحرك مع إصدارات مشابهة من كبار لاعبي قطاع التكنولوجيا، حيث باعت ألفابت سندات بقيمة 25 مليار دولار في الولايات المتحدة وأوروبا بداية الشهر الحالي، وأطلقت ميتا بلاتفورمز أكبر طرح سندات للشركات هذا العام بقيمة 30 مليار دولار الشهر الماضي، وجمعت أوراكل 18 مليار دولار عبر سندات عالية الجودة في سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن خطط توسع ضخمة في مراكز البيانات.
ودفع هذا الزخم إجمالي إصدار السندات العالمي إلى أكثر من 6 تريليونات دولار خلال العام، في رقم يعد قياسياً. ويقدر "جيه بي مورغان" أن هذا السباق الاستثماري سيقود إصدار السندات عالية الجودة في الولايات المتحدة إلى مستوى تاريخي يصل إلى 1.81 تريليون دولار العام المقبل.
توسع غير مسبوق في مراكز البيانات الذكية
وتعكس حركة إصدار السندات من أمازون التقديرات المتنامية بشأن حجم استثمارات الذكاء الاصطناعي لديها، فالشركة تعد أكبر مزود عالمي للحوسبة السحابية بالإيجار عبر خدمة AWS، وهي العمود الفقري لعدد هائل من تطبيقات الذكاء الاصطناعي generative AI.
وضاعفت الشركة قدرتها الكهربائية الإجمالية لمراكز البيانات منذ عام 2022، ويؤكد الرئيس التنفيذي آندي جاسي أن هذه القدرة ستتضاعف مرة أخرى بحلول 2027، بما يتماشى مع الطلب المتصاعد على تدريب وتشغيل النماذج الضخمة.
ويتوقع محللون أن تتجاوز نفقات أمازون الرأسمالية 147 مليار دولار في 2025، أي نحو ثلاثة أضعاف ما أنفقته عام 2023. وفي هذا السياق، اعتبر محللو "جيه بي مورغان" أن الوقت أصبح "مناسباً" لإدخال الديون في الهيكل المالي للشركة بعد سنوات من الاعتماد شبه الكامل على التدفقات النقدية الداخلية، وهو ما يمنحها مرونة أكبر في تمويل التوسع السريع.
ولا تستبعد البنوك الاستثمارية إمكانية لجوء أمازون مستقبلاً إلى صفقات ائتمان خاصة، أو استخدام نماذج مثل البيع وإعادة الاستئجار، أو الشراكات طويلة الأمد لتقليل الضغوط التمويلية الناتجة عن النمو الكثيف لمراكز البيانات.
صفقة مع OpenAI وسباق مع إنفيديا
وفي وقت سابق من الشهر، وقعت AWS صفقة حوسبة ضخمة مع OpenAI بقيمة 38 مليار دولار، لمدة سبع سنوات، تتيح للوحدات الحسابية التابعة للشركة الوصول إلى مئات الآلاف من وحدات معالجة الرسوميات المتقدمة من "إنفيديا"، وهي الوحدات التي أصبحت الرئة التنفسية لكل عمليات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
وتشير التقديرات إلى أن أمازون قد تنفق نحو 125 مليار دولار على مشاريع الذكاء الاصطناعي هذا العام وحده، ما يضعها ضمن أكبر المستثمرين في سباق البنية التحتية عالمياً.
آخر مرة دخلت فيها أمازون سوق السندات عالية الجودة كانت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 عندما جمعت 8.25 مليار دولار. أما إصدار هذا الأسبوع فيؤكد اعتماد الشركة المتزايد على أدوات الدين لمواكبة متطلبات حقبة جديدة من التكنولوجيا التي تستهلك طاقة ورأس مال بمستويات غير مسبوقة.