يعيد دونالد ترامب رسم خريطة العالم، ليدشن عصرا أمريكيا جديدا بعد إعلانه اعتزامه منع مواطني 7 دول من دخول أمريكا
يعيد ساكن البيت الأبيض الجمهوري الجديد، دونالد ترامب، رسم خريطة العالم، وهو على وشك إعادة توزيع الدوائر الحمراء التي رسمها سلفه جورج بوش الابن حول كل من العراق وكوريا الشمالية وإيران، فيما كان يمثل "محور الشر" بالنسبة لواشنطن، ليدشن عصرا جديدا تقفز فيه الولايات المتحدة من سياسات اليمين المتطرف إلى عنصرية ترامب الفجة بحسب مراقبين.
وقال مساعدون بالكونجرس وخبراء في الهجرة إنه من المنتظر أن يوقع الرئيس الأمريكي ترامب عدة أوامر تنفيذية اعتبارا من الأربعاء، تتضمن وقفا لإصدار تأشيرات دخول مواطنين من 7 دول بالشرق الأوسط وإفريقيا.
وزف ترامب تلك البشرى لمواطنيه مغردا في وقت متأخر يوم الثلاثاء قائلا إنه "من المقرر أن يكون غدا يوما عظيما للأمن القومي. سنبني الجدار ضمن أشياء عديدة أخرى".
وكان اليمينيون الجدد الذي هيمنوا على البيت الأبيض خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق بوش الابن، أكثر حرصا على ما يبدو على إضفاء طابع برجماتي على سياساتهم، فقد أعلنوا استهداف دول اعتبروها راعية للإرهاب وتسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل تحت شعار "محور الشر".
ومحور الشر هي عبارة أطلقها الرئيس الأمريكي بوش في خطاب ألقاه في يناير/كانون الثاني عام 2002 ليصف به حكومات كل من العراق، وإيران، وكوريا الشمالية. وقد استخدم هذه العبارة بحسب ما ذكر لأنه يعتقد بأن تلك الدول تدعم الإرهاب وتسعى لشراء أسلحة الدمار الشامل. ويرى الكثيرون بأن فكرة بوش هذه هي التي قادته لبدء ما يسمى "بالحرب على الإرهاب".
وفي مايو/أيار من العام نفسه أضاف السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة حينها، جون بولتون، بعض البلدان عبر شعار لاحق هو "ما وراء محور الشر، مشيراً إلى كل من: ليبيا، وسوريا، وكوبا.
ويقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، لـ"العين" إن "الوضع مختلف تماما الآن، فالولايات المتحدة تجاوزت الخطاب اليميني لبوش الابن وباتت تتبنى خطابا عنصريا واضحا ضد المسلمين مع ترامب".
ويضيف نافعة أن ترامب يفي بما كان قد تعهد به في حملته الانتخابية، يبدو أنه يعتزم بالفعل إقامة سد منيع ضد الإرهاب ومنع مسلمي الدول التي تتركز فيها الجماعات الإرهابية من دخول الولايات المتحدة، وقد أضاف إليها إيران على خلفية البعد الأصولي لنظامها السياسي".
وفي أواخر عام 2015 عقب عملية إرهابية شهدتها ولاية كاليفورنيا دعا ترامب إلى وقف "كامل وكلي" لدخول المسلمين الولايات المتحدة، قائلا "ليس لدينا أي خيار آخر". وقال ترامب حينها إن استطلاع رأي أظهر أن المسلمين يكرهون الأمريكيين، وهو ما يشكل خطرا على البلاد، مضيفا أن "الحدود ينبغي أن تظل مغلقة أمام المسلمين حتى يتوصل نواب الشعب إلى فهم واضح لأسباب تلك الكراهية".
ووقع ترامب الاثنين الماضي، أمرا تنفيذيا تنسحب الولايات المتحدة بموجبه رسميا من اتفاق تجارة الشراكة عبر الهادي الذي يضم 12 دولة، ملتزما بذلك بأحد تعهدات حملته الانتخابية العام الماضي، ما يجعل المراقبون يعتقدون أنه عازم على مد الخطوط على استقامتها فيما يتعلق بتعهداته الأخرى.
هذا ما تشير إليه أيضا الدكتور نهى بكر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وتقول بكر لـ"العين" "دعونا لا ننسى أن ترامب بدأ بالفعل في تنفيذ تعهداته.. لكن المشكلة الآن كما أكدها كيسنجر أننا أمام رئيس لا يمكن التكهن بتصرفاته".
وتضيف أن "الخطوة المرتقبة بمنع مواطني 7 دول من دخول الولايات المتحدة تأتي ضمن خطة أعلن عنها ترامب بالفعل من أجل حماية بلاده من خطر الإرهاب.. لكنها تبدو خطوة متشددة إلى حد بعيد، لكن دعونا أيضا ألا ننسى أن الرئيس الأمريكي استخدم تعبير اقتلاع الإرهاب من جذوره".
وتحذر بكر من أن القرار الوشيك بمنع دخول مواطني هذه الدول وهو قرار غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، ربما يغري دولا أوروبية بأن تحذو حذوه، خاصة مع اكتساح اليمين المتطرف للقارة العجوز.