بعد تهديد أمريكا للإخوان.. اصطفاف "رباعي الشر" يؤكد دوره في دعم الإرهاب
دبلوماسيون وخبراء يوضحون لـ"العين الإخبارية" تداعيات مساعي واشنطن لإدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب وخطورة اصطفاف داعمي الإرهاب.
قال دبلوماسيون وخبراء إن الالتزام الإيراني والقطري والتركي تجاه جماعة الإخوان ضد مساعٍ أمريكية لإدراجها على القائمة الخاصة بـ"الجماعات الإرهابية الأجنبية" تعكس تحالفا ضمنيا يعمل على زعزعة استقرار المنطقة، ويهدد بشكل مباشر مفهوم "الدولة الوطنية" في العالم العربي، فضلا عن رغبة هذا التحالف في حكم عواصم عربية باسم الدين.
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعمل على تصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً أجنبياً، في خطوة من شأنها توجيه ضربة قوية للجماعة الإرهابية.
وعبرت أنقرة عن رفضها لتصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا، مع إعلان حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد تأييده للجماعة، ووصفها بـ"الشقيقة" التي تعمل جنباً إلى جنب معه، في الوقت الذي انضمت فيه طهران لاحقا إلى أنقرة في إعلان الموقف نفسه.
وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من قلب العاصمة القطرية الدوحة، مؤخرا، التحركات الأمريكية، قائلا: "الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية"، مضيفا في تصريحات صحفية: "نحن نرفض أي محاولة أمريكية فيما يتعلق بهذا الأمر".
ورأى السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق -في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"- أن "تداعيات اعتزام الرئيس الأمريكي إدراج جماعة الإخوان على لوائح الإرهاب قدمت دليلا آخر على قوة وطبيعة العلاقات التي تربط بين الجماعة وعواصم أنقرة والدوحة وطهران، لافتا إلى أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمات التي يعاني منها العالم العربي هذا التحالف الرباعي الضمني بين الجماعة وأنظمة الدول الثلاث، بما يمثله من تهديد صريح لـ(الدولة الوطنية) في العالم العربي، والحضارة العربية الاسلامية".
وأردف هريدي: "من بين أهداف تحالف رباعي الشر بين الدول الثلاث والإخوان محاولة سيطرة الجماعات الدينية على الحكم في العواصم العربية".
ولفت الدبلوماسي السابق إلى أن "طهران والجماعة يجسدون فكرة الدولة الدينية والحكم الديني، فكما أن هناك ولاية الفقيه في إيران فهناك المرشد العام للإخوان، باعتبار أن المرشد في الحالتين يمثل المرجع الأعلى في السياسة والدين".
وبدوره، قال الدكتور أحمد قنديل خبير الشؤون الدولية والآسيوية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية -في تصريحات لـ"العين الإخبارية"- إن هناك تشابها فكريا وأيديولوجيا بين الجماعة ونظام الحكم بطهران يقوم على توظيف واستغلال الدين في العمل السياسي، فضلا عن استغلال الأيديولوجية الدينية لتجنيد مؤيدين جدد، مؤكدا أن هذا التحالف ومعه تركيا وقطر يعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية.
واعتبر قنديل أن "الاصطفاف الإيراني مع الإخوان الذي تجسده تصريحات وزير الخارجية جواد ظريف يعبر عن مصالح مشتركة بينهما تقوم على الانتهازية والبرجماتية والنفعية".
وأوضح أن إيران في موقف حرج للغاية عقب تداعيات إعادة أمريكا فرض العقوبات الاقتصادية عليها؛ حيث تسعى لتشكيل جبهة مع القوى التي تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، للحصول على ورقة إضافية على مائدة التفاوض لرفع العقوبات عنها، مضيفا أن "ورقة التفاوض تلك محكوم عليها بالفشل، فالعالم أصبح يدرك تماما السرطان الخبيث الذي يمثله الإخوان من ناحية، ونظام طهران من ناحية أخرى".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد فرض العقوبات على إيران في العام الماضي بعد أن أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وهو اتفاق يقول إنه يريد إعادة التفاوض بشأنه.
وأدى إعادة فرض العقوبات الأمريكية، التي استهدفت قطاعات الطاقة والنقل البحري والمال على وجه الخصوص، إلى توقف الاستثمارات الأجنبية وأضرت كثيرا بصادرات النفط.
وقال برايان هوك الممثل الأمريكي الخاص لإيران ومستشار السياسات بوزارة الخارجية أثناء اتصال مع الصحفيين مؤخرا إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران حرمت الحكومة الإيرانية أكثر من 10 مليارات دولار من إيرادات النفط.
وبدأت الولايات المتحدة منذ أغسطس/آب 2018 بفرض عقوبات مشددة على إيران، إضافة إلى إجراءات أخرى تمثلت في تجميد مصادر تمويل الحرس الثوري والمليشيات التابعة له وإدراج أسماء الحرس الثوري وقادته وقادة المليشيات الإيرانية على قوائم الإرهاب الدولية.
الدكتور محمد جمعة الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية رأى من جانبه أن طهران وهي تواجه بعقوبات أمريكية جديدة تجد لها مصلحة بدرجة أو بأخرى في الاقتراب من تركيا عبر توطيد علاقتها بالجماعة ضمن وسائلها للتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وحذر جمعة من أن "زيادة شكل وحجم التعاون بين الإخوان وأنظمة الحكم في طهران وأنقرة تحمل خطورة تتفاوت درجتها من ساحة عربية لأخرى، خاصة في مصر وفلسطين".
ففي النموذج المصري -يشرح جمعة- كلما حصل تنظيم الإخوان على دعم أكبر زادت مناكفته للدولة المصرية، سواء في الخارج عبر منصات إعلامية تستخدم في الدعاية السوداء ضد القاهرة، أو في الداخل من خلال الحصول على الدعم المالي اللازم لتمويل أنشطة تخريبية.
وتابع: "وعلى الساحة الفلسطينية كلما كان هناك هامش للمناورة أمام حركة حماس زادت مناكفتها أيضا للسلطة الفلسطينية، مع استمرار تمسكها بالسيطرة على غزة، وهو ما يؤدي إلى استمرار التآكل الداخلي وزيادة الانقسام الفلسطيني بما يضعف المشروع الوطني الفلسطيني".
وألمح جمعة إلى سعي نظام ولاية الفقيه في بعض الأوقات لصرف الانتباه عن سياسته الطائفية في المنطقة تحت ذريعة أن علاقتها جيدة بفصائل الإسلام السني والإسلام السياسي.
وضمن "العلاقة النفعية"، يرى جمعة أنه في مقابل الاستفادة الإيرانية من الإخوان فإن الجماعة ستسعى للحصول على تسهيلات عديدة على صعيد نقل الأموال، أو إيواء بعض الأفراد، فضلا عن إخفاء النشاط الاقتصادي لها.
"العلاقات بين نظام طهران وجماعة الإخوان ممتدة وقديمة".. يستطرد الخبير في مركز الأهرام، مستدلا بشهادة المسؤول عن العلاقات الدولية في التنظيم الدولي للإخوان يوسف ندا التي تحدث فيها بشكل إيجابي عن إيران، وحديثه عن زيارة وفد من الجماعة لطهران؛ لتهنئة الخميني بنجاح الثورة الايرانية عام 1979.
في سياق متصل، عاد الدبلوماسي السابق حسين هريدي ليؤكد أن إعلان البيت الأبيض منذ أيام إمكانية وضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب هو مجرد "جس نبض وبالون اختبار"؛ لمعرفة ردود الأفعال المختلفة في المنطقة، خاصة مع اقتراب الإعلان الأمريكي لمبادرتها للسلام، متابعا: "التصريح المرتبط بالإخوان منسوب للبيت الأبيض، وليس للحكومة الفيدرالية الأمريكية، بما يعني أنه لا يوجد رأي قاطع حتى الآن، والموقف الأمريكي المؤسسي النهائي لا يزال قيد الدراسة والبحث".
aXA6IDMuMTQ3Ljc2LjE4MyA= جزيرة ام اند امز