أمريكا تهيمن على سوق "الغاز" وأزمة في "القارة العجوز"
من المقرر أن تصبح الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول 2022 لتتجاوز قطر وأستراليا، وربما تستمر لأعوام مقبلة.
وفي حين كانت الصين واقتصادات كبرى أخرى في أوروبا وآسيا تصارع للحصول على إمدادات كافية للتدفئة وتوليد الطاقة، كانت الولايات المتحدة تجلس على مخزون ضخم من الإمدادات سينمو أيضا خلال السنوات المقبلة.
وباعتباره من أنظف الهيدروكربونات عن الاحتراق، فالطلب على الغاز الطبيعي يصبح أكبر بمرور الوقت، وقد يتجاوز النصف بحلول سنة 2040 وفقا للوكالة الدولية للطاقة.
ويسجل الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال مستويات قياسية كل عام منذ 2015 ويرجع السبب في ذلك غالبا إلى الطلب المتزايد في الصين وبقية الدول الآسيوية.
واستطاعت الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال على نحو متزايد تلبية احتياجات الكثير من الطلبات العالمية.
وتسجل الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال مستويات جديدة كل عام منذ 2016 ومن المتوقع أن تستمر كذلك في 2022.
%22 من الطلب العالمي
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن تصل الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال 11.5 مليار قدم مكعب يوميا في 2022.
وتمثل هذه الكمية نحو 22% من الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال والذي من المتوقع أن يصل إلى 53.3 مليار قدم مكعب يوميا بحلول العام المقبل، حسبما قال محللون من بنك جولدمان ساكس، لتتجاوز الولايات المتحدة بذلك أستراليا وقطر، وهما أكبر مصدرين للغاز الطبيعي المسال في الوقت الراهن.
أزمة الطاقة في أوروبا
أظهرت بيانات من شركة جاسكيد الألمانية لخدمة الإنترنت بأن تدفقات الغاز الروسية إلى ألمانيا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا توقفت صباح اليوم الثلاثاء.
وتوقفت التدفقات عبر خط الأنابيب، وهو مسار رئيسي للغاز الروسي إلى أوروبا، بعد تراجعه منذ يوم السبت. ولم تحجز شركة جازبروم التي تحتكر تصدير الغاز في روسيا طاقة لضخ صادرات عبر خط الأنابيب اليوم.
وقال وزير البيئة والطاقة اليوناني، كوستاس سكريكاس، في مجلس وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي في بروكسل، مساء أمس الإثنين، إن أزمة الطاقة في عام 2022 ستكلّف أوروبا ما قيمته 350 مليار يورو.
وقال الوزير: إذا تأكدت توقعات السوق، فسيتعيّن على المواطنين الأوروبيين دفع 350 مليار يورو إضافية في عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز.
وأضاف: في مواجهة هذا الوضع الاستثنائي، لا يمكننا أن نبقى غير مبالين، وفق ما نقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية.
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس، إن روسيا تفي بالتزاماتها بإمداد أوروبا بالغاز، لكن الارتفاع في الأسعار مستمر.
وأضاف: ارتفعت أسعار الغاز بنحو 40% خلال ديسمبر/كانون الأول وحده، ونحو 300% منذ هذا الصيف. أي نقاش حول روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا يشمل جانب الطاقة، بالنظر إلى أن 40% من واردات الغاز في الاتحاد الأوروبي تأتي من روسيا.
وقد قفز سعر تبادل الغاز في أوروبا في الدقائق الأولى من بدء التداول صباح الإثنين إلى 1921 دولاراً لكل ألف متر مكعب بعد انخفاض الضخ عبر خط أنابيب الغاز يامال-أوروبا (والذي توقف تماما اليوم الثلاثاء)، وانخفاض الاحتياطيات، بالإضافة إلى الطقس البارد.
ووفقاً لبيانات التداول في بورصة "ICE" في لندن، يحافظ سعر الغاز في بورصة لندن على زيادة بنسبة 7% إلى 1764 دولاراً مقارنة بإغلاق التداول يوم الجمعة الماضي، وهذا هو أعلى مستوى في أوائل تشرين الأول الماضي، عندما قفزت الأسعار بنسبة 39% إلى مستوى قياسي جديد قدره 1940 دولاراً.
وارتفع السعر إلى 1700 دولار الأسبوع الماضي، لكنه انخفض إلى 1600 دولار يوم الجمعة الماضي.
وعقب مزادات في مواقع أوروبية، حجزت "جازبروم" 21.6%من خط أنابيب يامال-أوروبا للشهر المقبل، وهو واحد من ثلاثة في الاتحاد الأوروبي من روسيا، وفقاً لبيانات من منصة نقل الغاز الأوروبية "GSA" والمجرية "RBP".
البرد والتوترات الجيوسياسية
سجلت أسعار الغاز في أوروبا مستويات قياسية جديدة الثلاثاء على وقع الطلب في فصل الشتاء والتوتر الجيوسياسي بين روسيا، المزود الرئيسي، والدول المستوردة.
ووصل سعر الغاز في سوق "تي تي إف" الهولندية، السوق المرجعية الأوروبية، قرابة الساعة 10,20 ت غ إلى 162,775 يورو للميغاوات ساعة، بزيادة تزيد بقليل عن 10% عن سعر الإغلاق الإثنين، محطما الرقم القياسي السابق الذي سجله في 6 أكتوبر/تشرين الأول.
كذلك بلغ الغاز البريطاني تسليم الشهر المقبل مستويات قياسية جديدة قدرها 408,30 بنس للوحدة الحرارية.
وهذه الأسعار أعلى بسبع مرات منها في مطلع العام، وافاد محللو مصرف دويتشه بنك بأن "الغاز الطبيعي الأوروبي يواصل ارتفاعه الثابت".
ويمكن تفسير هذه الزيادة في الأسعار بعاملين هما "درجات الحرارة التي تواصل انخفاضها في أوروبا" في اليوم الأول من الشتاء و"عدم تخزين جازبروم (مجموعة الغاز الروسية العملاقة) طاقات إضافية في كانون الثاني/يناير للغاز الذي يمر عبر أوكرانيا" علما أن ثلث الغاز الأوروبي مصدره روسيا.
وتراجع مخزون الغاز في أوروبا بسبب الشتاء الطويل عام 2020 ولم تعمد الدول إلى إعادة التخزين بشكل كاف منذ ذلك الحين.
ويضاف إلى ذلك تدني حصة الطاقات المتجددة لأسباب تتعلق بالأحوال الجوية.
كما يرى بعض المحللين أن روسيا تتشدد في عرضها من الغاز لأوروبا للدفع باتجاه ارتفاع أسعار الطاقة في الشتاء، بهدف الضغط من أجل الإسراع في وضع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" قيد الخدمة، غير أن موسكو تنفي ذلك وتشير بدورها إلى القرارات الأوروبية خلف هذه الزيادة في الأسعار.
وأنجز مشروع خط "نورد ستريم 2"، لكن من غير المتوقع أن تصادق عليه الهيئة الألمانية الناظمة للطاقة قبل منتصف 2022.
وفي ظل هذه الظروف، فإن أي حادث دبلوماسي جديد بين موسكو والدول المستوردة يثير موجة شراء في سوق الغاز، وهو ما حصل عند طرد دبلوماسيين ألمانيين الإثنين ردا على إجراء مماثل اتخذته برلين الأسبوع الماضي متهمة روسيا بتدبير قتل معارض شيشاني في ألمانيا عام 2019.
من جهة أخرى، تبقى أوكرانيا في صلب التوتر بين موسكو والغربيين الذين يتهمون روسيا بحشد قوات على الحدود الأوكرانية تمهيدا لهجوم عسكري محتمل.
ويرفض الكرملين هذه الاتهامات، مؤكدا أن روسيا تواجه تهديدا من الحلف الأطلسي الذي يمد أوكرانيا بالسلاح وينشر قدرات عسكرية جوية وبحرية في منطقة البحر الأسود.
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA=
جزيرة ام اند امز