«عالم متعدد الشركاء».. ضرورة مُلحة على طاولة الإدارة الأمريكية الجديدة
في 2009، قدّمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون رؤية لعالم متعدد الشركاء، وبعد 15 عامًا، تفتح هذه الرؤية لواشنطن طريقًا للمضي.
لقد تبنّت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نسختها الخاصة من عالم متعدد الشركاء، فأعادت تنشيط وتوسيع التحالفات التقليدية مثل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وعزّزت وخلقت مجموعة من الشراكات الدبلوماسية والأمنية الجديدة.
ورغم أهمية هذه الشراكات، إلا أن استراتيجية بايدن انحرفت بعيدًا في اتجاه المنافسة الجيوسياسية بدلاً من التعاون العالمي، حتى مع محاولتها القيام بالأمرين في وقت واحد، وذلك وفقًا لما ذكرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية في تقرير طالعته "العين الإخبارية".
وأوضحت المجلة أنه لتحقيق التوازن الصحيح، يجب على الإدارة القادمة أن تتعاون مع مجموعة أوسع من الجهات الفاعلة العالمية، وأن تركز شراكاتها على التهديدات العالمية الوجودية، وأن تقبل عالمًا أكثر لامركزية وفوضوية يرحب بالقيادة من العديد من الجهات المختلفة.
وفي حال فوز المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الأمريكية، فمن المرجح أن تسعى إدارتها إلى تحقيق ذلك استنادًا إلى استراتيجية بايدن مع تحريكها في الاتجاه الصحيح.
أما إذا فاز منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، فمن المرجح أن تدخل إدارته في شراكات على أسس محددة، ليس من بينها التهديدات العالمية، مثل تغير المناخ.
لكن حتى نهج ترامب قد يسمح للولايات المتحدة بتحويل الأعباء وإفساح المجال لأصدقائها وحلفائها لإنشاء شراكات سعيا لتحقيق المصالح الوطنية والصالح العام الأوسع، وبالتالي لن تحتاج واشنطن إلى قيادة كل مبادرة لتحقيق رؤيتها.
وأوضحت المجلة أن المسؤولين الأمريكيين سيحتاجون إلى التفكير مليًا لجعل التحالفات العالمية شرعية قدر الإمكان، ففي حين تتمتع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية بما يسميه العلماء "شرعية المدخلات"، أي أن هياكلها وعملياتها لاتخاذ القرار الرسمي مفهومة ومقبولة على نطاق واسع، ستتطلب الشراكات مع جهات فاعلة أخرى "شرعية المخرجات والنتائج"، أي إثبات قدرة هذه الجهات على تحقيق أهدافها المعلنة.
ووفقًا لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2022، فإن "التحديات الاستراتيجية" التي تواجه الولايات المتحدة تقع في فئتين: هما المنافسة بين القوى الكبرى لتشكيل النظام العالمي القادم (تهديدات جيوسياسية) ومواجهة التحديات المشتركة التي تعبر الحدود (تهديدات عالمية).
وبحسب المجلة الأمريكية، أثبتت الممارسة العملية أن التركيز وفي وقت واحد على التنافس مع الخصوم والتعاون مع الدول بشأن التحديات العالمية هو أمر صعب.
وواجه العالم أزمة جيوسياسية منذ حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وهي الأزمة التي تعمقت بسبب انتشار الحرب في الشرق الأوسط والسودان.
كما يمكن أن تعيق التوترات والانقسامات الجيوسياسية، النهج الجماعي المطلوب للتعامل مع المشاكل العالمية، وغالبًا ما يدفع إلحاح الحرب جميع القضايا الأخرى جانبًا.
وهنا ينبغي لواشنطن أن تنظر إلى ما هو أبعد، فالتهديدات العالمية تتطلب شراكات عالمية تمامًا كما تفعل التهديدات الجيوسياسية، ولكن بين تحالفات أوسع وأكثر فاعلية من الجهات الفاعلة العالمية.
التقرير ذكر أن إدارة هذه الشراكات أمر ممكن، فمثلًا، أطلق الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في 2011 مبادرة الطاقة المستدامة للجميع، ثم أعيد هيكلتها كمنظمة مستقلة مع رئيس تنفيذي ومجلس إدارة في 2016، ولا تزال الولايات المتحدة قادرة على التأثير من خلال تمويل المنظمة.ويمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تطبق هذا النهج على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويمكن للبيت الأبيض تكليف الإدارات المعنية بالعمل مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية للبناء على الشراكات القائمة لضمان حصولها على الحجم والموارد اللازمة لإحراز تقدم قابل للقياس نحو أهداف محددة، وقد تحتاج إلى تعيين مبعوثين خاصين مثل وزير الخارجية السابق جون كيري.